التحول من الجمود إلى المرونة، ومن التجانس إلى التنوع، ومن ثقافة الحد الأدنى إلى ثقافة الجودة، شعارات حملها مؤتمر مشروع التعليم 2010، الذي حضره حوالى 500 مشارك من 50 دولة عربية وأجنبية، في المنامة الأسبوع الماضي. المؤتمر الذي نظمه مجلس التنمية الاقتصادية على مدى يومين بمشاركة عدد من أبرز الخبراء وصناع القرار في مجال التربية والتعليم من مختلف أنحاء العالم وضع أجندة ومحاور محددة تهدف الى ردم الفجوة بين البيئة التعليمية وسوق العمل ضمن آفاق عالمية، بما يتوافق وتلبية حاجات سوق العمل وتفعيل دور الكليات التقنية في ذلك. وناقش المؤتمر تجربة دول الخليج في بناء أنظمة تعليمية تتوافق مع متطلبات سوق العمل، عارضاً مجموعة من الافكار والعناوين الرئيسية التي تمحورت حول إعداد قيادات، لمستقبلٍ يعتمد على العلم والمعرفة انطلاقاً من وضع رؤية واضحة، لمعرفة حاجات وأولويات، ليس فقط في البلاد العربية وحدها، بل وفي العالم كله أيضاً. ركزت المناقشات في شكل عام على تطوير التعليم، إلاّ أن برنامج المؤتمر كان مدروساً ومكثفاً بطريقة يتم فيها تعميم العلاقات المتعددة والمتشابكة حول العالم. وركز المحاورون على المقومات والخصائص التي يحتاجها الطالب لكي يكون مواطناً صالحاً، متوقفين عند العلاقة بين ما هو محلي وما هو عالمي، وعلى امكانية ردم الهوة بين دول العالم كافة، وكيفية تزويد الخريجين بأحدث البرامج المتغيرة والمتطورة وقياس مدى تحققها على أرض الواقع. ماذا يعني أن يكون الإنسان متعلماً في اقتصاد المعرفة اليوم؟ تطوير معلمين من الطراز الأول، معالجة معاناة التعليم العالي، خلق ثقافة التحسين المستمر. وهل يمكن لنهج القطاع الخاص في التعليم تقديم نتائج أفضل من نهج المدارس العامة التقليدية؟ ومن أبرز ما عرضه المؤتمر في اطار هذا السؤال التجربتان الصينية والهندية في التعليم العالي تحديداً، وفي الدراسات العليا، وبخاصة في مجالي العلوم والبحوث وتخريج العلماء. وركز المؤتمر، الذي يعقد للمرة الثانية في البحرين، على محاور عدة من أبرزها: دور الطالب والمتعلم ضمن اقتصاد المعرفة، شروط الإدماج والتهيئة الفعالة للطلبة ضمن المواطنة، كيفية سد الفجوة بين البيئة التعليمية وسوق العمل، سبل النهوض بالتعليم المهني ليكون قاعدة تدريبية للعديد من الوظائف العالية النمو، إلى جانب تجربة الصين والهند في التعليم العالي وتخريج العلماء، إضافة إلى تحسين معايير جودة التدريس وتنمية المهارات القيادية لدى المدرسين وتعزيز الشراكة بين أولياء الأمور والمجتمع والمدرسة، إضافة الى السعي لتحقيق تطوير نوعي لنظام تعليمي يمتاز بالجودة بما يحقق التميز والإتقان والإبداع منبثقاً من ثوابت وقيم الدين الإسلامي والتفاعل الإنساني والحضاري والانتماء العربي للبحرين ودستورها بما يحقق متطلبات التنمية المستدامة المنسجمة مع المستويات العالمية. وأكد المشاركون في مؤتمر مشروع التعليم 2010 أن الابتكار والإبداع في الأفكار والرؤى، هو أحد السبل التي تمكّن من تطوير القطاع التعليمي في مختلف الدول. وخلص المؤتمرون إلى أن غالبية الدول في العالم تعاني من المشكلات نفسها في قطاع التعليم، وبالتالي لا بد من تنظيم المزيد من الفعاليات والاجتماعات التي يحضرها خبراء التعليم في العالم، بهدف تبادل الأفكار حول طرق الارتقاء بأهم القطاعات في كل دولة. وبيّنوا أن هناك مهارات وسبلاً تعليمية حديثة، أو ما يطلق عليها ب"التعليم في القرن 21". وفي ختام المؤتمر فاز الأكاديمي تادي بيلتشر من معهد مهاراتشي في جنوب إفريقيا، بجائزة مشروع التعليم 2010، وذلك عن الإسهامات التي يقدمها المعهد في سبيل القضاء على الفقر ويرفع مستوى التعليم في جنوب إفريقيا. وحصل بيلتشر على أعلى معدل تصويت، من بين 4 خبراء تعليم، قدموا دور مؤسساتهم التعليمية أو التابعين لها، في دعم القطاع التعليمي. وخلص عدد من المشاركين الى أن مشروع التعليم يختلف عن غيره من المؤتمرات التي تخلص الى مجموعة توصيات تبقى حبراً على ورق، لأنه يهدف الى تبادل تجارب حقيقية. وأكدوا أهمية وعي الأهل لدورهم في هذه المعادلة إذ يصعب في كثير من الاحيان عليهم تقبل فكرة أن ابنهم الطالب لا يدرس بطريقة التلقين أو الحفظ، أو أن خضوعه للامتحانات والتقييم المرحلي أمر ضروري ويرتكز على الدرجات، وأن على الأهل التعاون وتقبل التغيير المرحلي والمتقدم الذي يطرأ على أساليب التعليم لأنه الافضل من أجل الارتقاء بابنهم أو ابنتهم نحو مستقبل أفضل.