برزت جبهة جديدة في الحرب على الإرهاب الإسلامي المتطرف. وسلّط فشل تفجير طائرة في ديترويت الأميركية أنظار العالم الى اليمن. وقيل أن عمر فاروق عبد المطلب، منفذ الهجوم، تدرب في اليمن. وفي نهاية الأسبوع، أماط ديفيد بترايوس، قائد القيادة الأميركية المركزية اللثام عن مشروع تقوية التعاون الأميركي ? اليمني في مكافحة الإرهاب. ودعا رئيس الوزراء البريطاني الى عقد مؤتمر دولي يبحث في مساعدة اليمن على معالجة التجاء جماعات إرهابية الى أراضيه. ولا شك في أن اليمن هو بؤرة خطر. فال"قاعدة"عززت نفوذها فيه، منذ الهجوم الانتحاري على المدمرة الأميركية كول في خليج عدن. وفي الأعوام الأخيرة، تعرض سياح أجانب للخطف في اليمن، وشنّت هجمات على السفارة الأميركية. ويرى مراقبون أن عدداً كبيراً من منفذي الهجمات الانتحارية في العراق انطلق من اليمن. واثر محاولة تفجير الطائرة فوق ديترويت، ارتقى اليمن الى قاعدة انطلاق الهجمات الإرهابية الدولية، وانضم الى باكستان بؤرةً للإرهاب الدولي. وحريّ بالدول الغربية توخي الحذر في سعيها الى مكافحة الإرهاب في اليمن، وادراك طبيعة هذا البلد الجبلي في شبه الجزيرة العربية. فقوة القبائل راجحة في اليمن، على ما هي الحال في أفغانستان. وسلطة الحكومة المركزية اليمنية محدودة ومُقيدة، شأن سلطة حكومة حامد كارزاي في كابول. ومرّ عقدان على توحيد شطري اليمن، الجنوبي والشمالي. ونفوذ الحكومة المركزية يتضاءل، اثر تراجع عائدات النفط. والقوات الأجنبية مدعوة الى مد الجسور مع نواة المجتمع اليمني، أي القبائل. والغرب مدعو الى تجنب تهميش القبائل، وترك الانحياز الى طرف داخلي في نزاع ديني واثني. فمثل هذه الأخطاء تطيح مساعي مكافحة الإرهاب. ولا فائدة ترجى من استراتيجية مكافحة إرهاب لا تحتسب مشكلات المنطقة الأوسع. فالتطرف الديني في اليمن مستورد من دول مجاورة. واليمن هو ملاذ المتطرفين القادمين من جواره الشمالي، حيث جنتهم الآمنة. ويقع الصومال، وهو بؤرة محتملة للإرهاب الدولي، قبالة ساحل اليمن الجنوبي. والقلق الدولي من انزلاق اليمن الى بؤرة إرهاب دولي معقول وفي محله. ويجب توفير دعم مالي لقوات الأمن اليمنية لمساعدتها على القضاء على المتطرفين الداخليين. والفشل هو مصير تدخل أجنبي يطلب من اليمنيين نتائج سريعة وفورية، ويغض النظر عن دور دول خليجية مؤثرة في مآل الأحوال اليمنية، والصومالية. وحريّ بالعواصم الغربية ترك الكلام على ضربات عسكرية استباقية ضد مقاتلين إسلاميين في اليمن. فمثل هذه التهديدات تفتقر الى الصدقية، في وقت يقلص حجم قوات ال"ناتو"بالعراق. والتهديدات هذه تؤجج الخلافات السياسية في المنطقة. ولا يسع العالم الوقوف متفرجاً إزاء انتخاب الجماعات المسلحة الإرهابية اليمن موئلاً لها. ولكنه مدعو الى الحذر في معالجة المشكلة، وتجنب مفاقمتها. نشر في العدد: 17078 ت.م: 2010-01-06 ص: 26 ط: الرياض * عن افتتاحية الصحيفة البريطانية، 4 / 1 / 2010، اعداد منال نحاس