لا شك في أن تفجير فندق ماريوت المأسوي هو مقياس المخاطر الإقليمية التي تتهدد باكستان. وهذا الهجوم أظهر ضعف أجهزة الأمن وعجزها عن إحباط مثله. وثمة رأي شائع يدعو الدولة الباكستانية الى وقف هجماتها على المتطرفين، وسحب قواتها من مناطق القبائل. ويزعم هؤلاء أن الهجمات تتوقف حال انسحاب الجيش الباكستاني من مناطق القبائل. ولكن الواقع يدحض صحة هذا الرأي. ف"القاعدة"وطالبان وغيرهما من المنظمات المناوئة للحكومة، لا يقاتلون في سبيل استعادة حقوقهم من الدولة، ومقاتلوها أصحاب عقيدة يريدون نشرها بباكستان والعالم. وتعزز المحاولات السياسية لتجاهل هذه المنظمات، أو استرضائها، نفوذها وقوتها، ويتهدد أمن باكستان والعالم. والتغاضي عن أنشطة هذه المنظمات غير مجد. فنضطر الى مواجهتها بعد اشتداد عودها، فيصعب، تالياً، السيطرة عليها. والحق أن وضع مناطق القبائل الراهن يختلف عن وضعها السابق، يوم كان رجال القبائل يلتزمون القانون القبلي في منأى عن تدخل الحكومة. وفي الأعوام الأخيرة، أحكم أجانب يسمون أنفسهم مجاهدين قبضتهم على هذه المناطق، وأخذوا سكانها رهائن. وهؤلاء الأجانب لن يهادنوا الدولة الباكستانية، إذا هي تغاضت عن أنشطتهم أو سحبت قوات الأمن والجيش من مناطق القبائل. ويتوقع أن يوسع هؤلاء نفوذهم الى مناطق أخرى. وقد يترتب على وقوع باكستان في قبضة الإرهابيين فرض عقوبات دولية عليها استناداً الى قرار مجلس الأمن الدولي رقم پ1373 الصادر في 2001. وأقر هذا القرار إثر هجمات 11\9، وهو يحض الدول على الامتناع من دعم الإرهابين، أو توفير ملاذ آمن لهم. وبحسب القانون الدولي، باكستان ملزمة حظر أنشطة"القاعدة"وحركة طالبان، والحؤول دون شنهما هجماتپ على الأراضي الأفغانية أو اي بلد آخر. ولا شك في أن سياسات الرئيس السابق برويز مشرف أسهمت في بسط المتطرفين سلطتهم في مناطق القبائل. فبعد كل جولة قتال، درجت الحكومة الباكستانية على ابرام اتفاقات سلام أو هدن مع المتشددين، وتبادل الأسرى. وفي بعض الأحوال، سددت الحكومة تعويضات مالية للمسلحين، وأسهمت في تنظيمهم صفوفهم من جديد. وانتهجت الحكومة الحالية سياسة تدعو المسلحين الى إلقاء أسلحتهم،پإذا أرادوا التفاوض مع الحكومة ومسؤوليها. وعمليات الجيش العسكرية في باجور وسوات وبارا وديرة آدم خيل، دعوة عملية للمسلحين الى نبذ التشدد. ونجاح هذه السياسة هو رهن توحد الباكستانيين في مواجهة الإرهابيين، وإبلاغهم المسلحين أنهم لن يرضخوا لهم. وعلى المجتمع الدولي، خصوصاً الولاياتالمتحدة الأميركية، تعديل موقفه من باكستان، والإقرار أنها ضحية الإرهاب، وأبرز مسرح للحرب ضد الإرهاب. وحريّ بالولاياتالمتحدة الأميركية إدراك أن الهجمات العسكرية داخل الأراضي الباكستانية تقوض سلطة الحكومة، وتعزز نفوذ الإرهابيين. عن وجيه عباس محلل سياسي باكستاني مستقل، "بوست" الباكستانية، 27/9/2008