نشرت"الحياة"أمس تحقيقاً صحافياً مهماً عن ظاهرة التدخين في السعودية، وأورد كاتب التحقيق محمد الرويشد أرقاماً مفزعة، فهو ذكر ان"السعودية من أبرز مستهلكي التبغ، إذ يستهلك مواطنوها 40 ألف طن من السجائر سنوياً، بما يعادل 15 بليون سيجارة، وينفقون عليها سنوياً نحو 2.2 بليون دولار. ويصل معدل إنفاق الفرد على السجائر الى 500 دولار سنوياً. وتحتل المملكة المرتبة 23 بين الدول الأكثر استهلاكاً للتبغ على مستوى العالم، وعدد ضحايا هذه الآفة بلغ 21 ألف متوفى في العام". لم أصدق هذه الأرقام، فاتصلت بأحد المهتمين بالقضية، والذي مارس العمل التطوعي من خلال"الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين"في السعودية، وبادرته بالسؤال: هل يعقل ان تحتل السعودية الرقم 23 بين الدول الأكثر استهلاكاً للتبغ على مستوى العالم؟ فقال:"نعم هذا صحيح، بل ان السعودية هي الأولى على مستوى العالم في استيراد التبغ". وأضاف:"يبدو أن ضخامة الاستيراد ناتجة من نقل سجائر الى دول أخرى، فالمعروف ان اجمل هدية يأخذها العاملون في السعودية الى بلادهم هي علب السجائر، لأنها تعتبر الأرخص على مستوى العالم". حتى رقم المدخنين مذهل، فالتحقيق أشار الى أن عددهم في السعودية بلغ 6 ملايين، ما يعني ان ثلث الشعب السعودي تقريباً يدخن، وهو ما يؤكده بعض المتخصصين، بل هناك من يجزم بأن العدد يتجاوز هذا الرقم بكثير، والمؤسف ان الظاهرة منتشرة بين الشباب والنساء، فضلاً عن ان التدخين لم يعد مقتصراً على السجائر، واصبح تدخين"الشيشة"عادة سعودية بامتياز. ما يثير الغرابة أن السعودية اول دولة في العالم تمنع الترويج للسجائر، وهي أصدرت قراراً بالمنع في بداية السبعينات من القرن العشرين. وهناك جمعيات تعمل بإخلاص لمواجهة الظاهرة، لكن الواقع يسير في اتجاه معاكس وأرقام المدخنين في ازدياد، حتى أصبحت محال بيع"المعسل"تنافس عدد الصيدليات في كل المدن السعودية، وتُنتهك قرارات منع التدخين في المطارات على نحو يُعد سابقة في انتهاك القوانين، فتجد أن بعض رجال الجمارك والجوازات وشركات الطيران يمارس التدخين على مرأى من الناس، ويقف تحت لافتة كتب عليها"ممنوع التدخين". الأكيد ان السعودية تعيش حالة انتحار جماعي. ولا بد من عمل وطني لمواجهة هذه الظاهرة المفزعة. نشر في العدد: 17077 ت.م: 2010-01-05 ص: 3 ط: الرياض