يردد محمد 19 سنة وهو طالب عربي يدرس اللغة الإنكليزية في أميركا، أن معلمه ريكس صديقه، على رغم أن هذا الأخير لم يتردد في أن يجعله يُعيد المستوى الثالث مرتين، ما يعني تأخره عن الالتحاق بالجامعة أربعة أشهر. ولا يبدو محمد مبالغاً عندما يصف ركس بالصديق، فهما كثيراً ما يخرجان سوية. كما أن المعلم يحرص على أن لا يغيب تلميذه عن المناسبات العائلية التي يقيمها في منزله، التي كان آخرها حفلة أقامها لمناسبة عيد ميلاد ابنته ال17. ويتشارك الاثنان في برنامج حمية واحد، بهدف أن يحفزا بعضهما بعضاً على التخلص من شحومهما الزائدة. ويقول محمد:"لم أكوّن علاقة مع استاذي بهدف أن يمنحني النجاح، خصوصاً أنني أعلم أن الأمر ليس في يده، فهو ملزم بإدخال تقارير في شأن درجات طلابه وحضورهم إلى نظام الحاسب الخاص بالجامعة يومياً، ليتسنى للمشرفين عليه الإطلاع على عمله في شكل دائم". ويتابع:"كما أنه يرفع أوراق الامتحانات بعد تصحيحها إلى مدير الكلية، ما يجعل مساعدته لي بطريقة غير شرعية أمراً صعباً". لكن معلمه ركس 40 سنة، لم يتطرق إلى الجوانب الرقابية ليبرر قراره بأن يجعل صديقه يعيد المستوى نفسه مرتين بل يوضح"أنا أنبهه دائماً إلى ضرورة المداومة على المذاكرة، لكنه لا يأخذ نصائحي على محمل الجد ما جعله يواجه صعوبة في معرفة قواعد اللغة". ويضيف:"أنا أردد حتى أمام زملائه في القاعة أنه صديقي، لكن هذا لا يعني أنني سأقدم إليه خدمات غير شرعية". وبتجاوز قصة ركس وتلميذه، فإن كثيراً من أساتذة الجامعات ومعاهد تعليم اللغة الإنكليزية في الولاياتالمتحدة، لا يتحرجون من تكوين علاقات مع طلابهم وطالباتهم تصل في بعض الحالات إلى ما يمكن وصفه بالصداقة، إذ يتبادلون الزيارات في المنازل ويخرجون سوية بعد ساعات الدراسة. ألا أن هؤلاء المعلمين، نادراً ما يقدمون بدعم غير شرعي لطلابهم الذين تربطهم بهم علاقات صداقة، بسبب الرقابة الذاتية أولاً وحرصاً على مصلحة الطالب - الصديق ثانياً. ويقول سامح 22 سنة وهو طالب ليبي يدرس في إحدى جامعات ولاية بنسلفانيا:"غالباً ما يكون الطلاب العرب تحديداً، علاقات اجتماعية مع أساتذتهم الاميركيين وغالباً ما تبدأ هذه العلاقات بدعوة الى العشاء في المنزل". ويضيف:"من يأتي الى هنا حديثاً ويرى هذه الصداقات، يظن أن هؤلاء المعلمين لا يتورعون عن دعم أصدقائهم من الطلاب بطرق غير شرعية، لكن في ما بعد يتبين العكس". ويؤكد أن"في بعض الحالات قد تكون هذه الصداقة عبئاً على الطالب، فهو قد يجد حرجاً من أن يطلب من استاذه خدمة إضافية تسمح بها قوانين الجامعة، لئلا يفسر الاستاذ أن تلميذه يستغل صداقته معه". لكن ماجد 21 سنة وهو صديق لسامح، يقول:"هناك مجال لاستغلال هذه العلاقات، خصوصاً في الجامعات، حيث لا يخضع الأستاذ لرقابة كبيرة كما هي الحال في كليات أو معاهد تعليم اللغة". ويوضح ماجد وهو سعودي يدرس هندسة الكومبيوتر:"أتذكر أنه في أول فصل دراسي لي في الجامعة، ألزمنا بدراسة مادة علم الإنسان، وكان أستاذها يحمل رتبة بروفسور، وكان عدد العرب الذين يدرسون المادة ثلاثة، ولم يتمكنوا من النجاح، نظراً إلى أن المادة كانت تعتمد على مصطلحات يجهلونها". ويضيف:"قبل ظهور النتائج دعونا ثلاثة من أساتذتنا من ضمنهم مدرس مادة علم الإنسان إلى منزلي لتناول وجبات عربية، وحضروا بالفعل وتناولوا الطعام الذي أعددناه في المنزل، وسهرنا سوية، وعند ظهور النتائج في شكل رسمي في موقع الجامعة، كنا نحن الثلاثة من ضمن الناجحين في مادة علم الإنسان التي أظن أنها لو لم تكن من المواد التكميلية في تخصصنا، لراجع مدرسنا نفسه كثيراً قبل أن يسمح لنا بتجاوزها". نشر في العدد: 16922 ت.م: 03-08-2009 ص: 23 ط: الرياض