لم تعد اللغة الإنكليزية ذلك الكابوس المؤرق لتلاميذ المرحلة الابتدائية في السعودية، كما كان في السابق. فبعد أن كانت مادة "اللغة الإنكليزية" طوال سنوات، "الأصعب" بالنسبة إلى طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية، ها هي نفسها تخف وطأتها، بعدما أدرجتها وزارة التربية والتعليم في مناهج الصف السادس الابتدائي، قبل سنتين. "أفضل مادة"، هكذا يصفها أحد الصغار في السادس الابتدائي، في ردّه عن استفسار حول صعوبة تعلّم الإنكليزية، مضيفاً أنه وزملاءه"نحبّ الإنكليزي". ويلمس معلم المادة في إحدى ابتدائيات الرياض، عثمان الزهيري، تعاطياً إيجابياً عاماً معها، داخل الحصة، مشيراً إلى أن تفاعل الطلاب معه في الحصة"ممتاز، وهم في ذلك أفضل من زملائهم في المرحلتين المتوسطة والثانوية". ويشهد الزهيري على المكانة التي باتت الإنكليزية تشغلها، من خلال استعدادات الطلاب قبل الحصّة، وقد بلغه من زملائه الذين يدرّسون مواد أخرى، أن تلامذة السادس الابتدائي يسحبون كتاب الإنكليزية، أثناء سير الحصة التي تسبقها. ولاحظوا شغفاً في عيونهم وحماسة أكيدة في انتظار حصّته. ويكشف الزهيري أن تعليم هذه المادة جعل منه شخصية محبوبة بين تلاميذ الصف. ويذكر أن أولياء أمور حضروا، في غير مناسبة،"فقط للسلام عليّ، نزولاً عند رغبة أبنائهم الصغار الذين يبدو أنهم يذكرونني ويثنون عليّ كثيراً في البيت، كما قال لي أحد الآباء". إلاّ أن حب الأطفال وتعلّقهم بأستاذ لا يكفي لتعلم اللغة، خصوصاً أن الأخير يدرسها لسنة واحدة فقط. ويوضّح عبد المنعم، معلم إنكليزية، منذ 30 سنة، أن حب المادة ومدرسها دعامتان قويتان للتعلّق بها والتعوّد على منهجها، لكنهما لا يكفيان لإتقانها، خصوصاً إذا كانت لسنة واحدة. وعلى رغم أن تجربة تدريس الإنكليزية في الابتدائي لم ترسخ بعد بسبب حداثتها، لن يكون أثرها، بحسب عبدالمنعم،"كبيراً، ما لم تعمم التجربة على المراحل الابتدائية كلها". ويرتكز في رأيه على مستوى الطلاب المتخرجين من المدارس الخاصة:"مستواهم في الإنكليزية ممتاز، وهم يتفوقون على زملائهم في المدارس الحكومية في شكل واضح، إلى درجة أن كثيرين منهم أصبحوا يتحدثون اللغة بطلاقة وبلكنة قريبة من الناطقين بها في بلدانها الأصلية". ويعزو ذلك إلى أن الإنكليزية تدرّس في كل المراحل،"وهذا سبب لرسوخها، إتقانها". ويضيف عبد المنعم أن تعلّم أي لغة في العالم يجب أن يكون في مرحلة مبكرة من العمر،"لوجود صلة وثيقة بين طواعية اللسان وطلاقته في الحديث، والقدرة الذهنية على الإحاطة بكم كبير من المفردات الأجنبية". وفي حين لمّح أكثر من مسؤول في وزارة التربية والتعليم في السعودية الى أن الإنكليزية ستعلّم من الصف الرابع ابتدائي في مراحل لاحقة، يلقى توجه الوزارة إلى تدريس كل المواد باللغة الإنكليزية، باستثناء المواد الدينية، معارضة شديدة. وبعد أن بدأت إحدى المدارس الخاصة في السعودية تدريس المقررات باللغة الإنكليزية، السنة الماضية، في صفّ"البكالوريا"، ينتظر أن تبادر المدارس الخاصة الأخرى إلى تطبيق التجربة، هذه السنة.