سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" تستطلع آراء أعضاء في مجلس الشورى وعلماء دين وخبراء تربويين ومعلمات وطالبات وأولياء أمور . تدريس الرياضة للبنات في السعودية بين مؤيد ومعارض ... وإجماع على التزامه أحكام الشريعة
أثير جدل واسع في المجالس والمنتديات والمواقع الإلكترونية في السعودية حول مشروع إدخال مادة التربية البدنية للمرة الأولى في مدارس البنات منذ بدأ تعليم الفتاة قبل نحو 40 عاماً. وفيما يرى المؤيدون في إدخال هذه المادة أهمية لصحة الطالبات حركياً وفسيولوجياً ونفسياً، يتخوف المعارضون من وجود تعارض عند تطبيقها مع أحكام الشريعة الإسلامية، ويرون فيها تجاوزاً للعرف السائد من العادات والتقاليد. وفي ظل الخلط بين الثوابت ورهان المتغير، وهو ما يحدث حالياً في أوساط المجتمع، أعطى 75 من أصل 120 عضواً في مجلس الشورى رأيهم في ضرورة تدارس هذا المشروع الذي يبدو أنه لن يجاز إلا بقرار سياسي للمراجع العليا في الحكومة. وأكد رئيس المجلس الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد أن أعضاء المجلس طالبوا بمزيد من الدراسة للمشروع قبل إقراره. "الحياة" استطلعت رأي عدد من أعضاء مجلس الشورى وعلماء الدين وخبراء في التربية ومعلمات وطالبات وأولياء أمور حول هذا المشروع. وأكد نائب رئيس مجلس الشورى بكري صالح شطا أن المجلس أجاز المشروع من الناحية التشريعية "ويبقى تنفيذه مسؤولية جهة أخرى". لكنه يرى عدم وجود ما يمنع تنفيذه. وأوضح أن قاعة المجلس شهدت مداولات ساخنة بين الأعضاء انتهت إلى أن الغالبية ترى ضرورة وجود الرياضة البدنية من أجل صحة البنات. وأفاد رئيس لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي في المجلس الدكتور حسين العلوي أن القرار الذي اتخذ نص على إعداد دراسة لهذا التوجه وليس الأخذ بالرأي قطعياً. وأوضح: "المشروع كان عبارة عن توصية إضافية طرحت في المجلس، ونحن في اللجنة نحترم هذا القرار. وبالنسبة الى رأيي الشخصي فأنا أؤيد تدريس التربية البدنية للبنات إذا لم يكن فيه تعارض مع الشريعة الإسلامية وهو ما سيؤخذ به". وهو ما قاله أيضاً وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الرشيد. وحول تمرير هذا المشروع من قبل مجلس الشورى قال العلوي: "اتخذ المجلس قراراً بدرس المشروع بغالبية واضحة". وقال المهندس محمد القويحص عضو المجلس رئيس لجنة الخدمات والمرافق العامة والبيئة وصاحب فكرة المشروع حول بداية التصويت وآلية عرض التوصية لهذا المشروع: "لا بد أولاً من التعرف الى آلية عمل مجلس الشورى اذ أننا كمجلس نرسل توصية بضرورة عمل هذه الآلية التي تحال بعد ذلك إلى الجهة أو السلطة التنفيذية التي تتخذ بدورها الخطوات والتشريعات اللازمة لتفعيل هذه التوصيات. فوزارة التربية والتعليم هي الجهة المخولة أخذ هذه التوصية وترجمتها على أرض الواقع عن طريق إدخال هذه المادة إلى مدارس البنات. وهناك ناحية أخرى تتطلبها آلية التنفيذ تتمثل في التجهيزات المطلوبة لذلك أرى ضرورة البدء بالتجهيز الذي يمكن أن لا يشكل عبئاً على موازنة وزارة التربية والتعليم. فنحن لا نطالب بملاعب لكرة القدم أو حلبات للمصارعة والملاكمة، بل نريد البدء بأبسط التجهيزات التي تحقق شروط السلامة والأمن للتلميذات. فهناك رياضة الجري وبعض الرياضة البدنية الحركية الخفيفة يمكن الأخذ بها أولاً". وتناول القويحص أسباب عدم تصويت بقية أعضاء المجلس على المشروع والذين يشكلون 25 في المئة في مقابل موافقة ال75 في المئة فقال: "الذين لم يصوتوا لم يكونوا على مقاعدهم وقت التصويت على الفكرة والتصويت عادة في المجلس يحصل بالإيجاب أو النفي نعم أو لا، ويضاف الذين لا يكونون في مقاعدهم إلى الأصوات التي تجيب بالنفي. والمعارضون الآخرون ركزوا على أن قضية السمنة لدى الفتيات لا يمكن حلها عن طريق إيجاد حصة تربية بدنية، فيما أساس التوصية ومبرراتها لم تعتمد على وجود هذه القضية فقط بل هناك مبررات أخرى ذكرتها واعترض بعض الأعضاء عليها وهي حول التجهيزات الأساسية في المدارس، اذ ان نحو 50 في المئة من المدارس هي مبان مستأجرة وعبارة عن منشآت سكنية وليست تعليمية لا يتوافر فيها المكان المناسب لممارسة الرياضة، وهذه وجهة نظر منطقية، لكن لا يزال لدينا ما نسبته 50 في المئة من المدارس الأخرى التي تتوافر فيها المساحات التي تفي بالغرض فلماذا لا نبدأ بالمدارس التي تتوافر فيها مثل هذه المساحات". وحول ما إذا كانت هناك معارضة لتطبيق هذه المادة لأحكام الشريعة الإسلامية يشير المهندس القويحص: "هذه النقطة الأساسية التي ركزت عليها قبل تقديم توصيتي اذ استشرت بعض علماء الدين، وكانوا جميعاً يؤكدون أن ممارسة التربية البدنية لا تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية وجاؤوا بشواهد وأدلة تدعو إلى ممارسة الرياضة، كما أننا نشاهد حالياً في بعض الأماكن مجموعة كبيرة من السيدات يمارسن رياضة المشي لقناعتهن الشديدة بضرورتها واحتياجهن النفسي والجسماني لها. أما قضية المعارضة فتعود إلى قناعات مرتبطة بالتقاليد والعادات الاجتماعية التي لا يستطيع المعارضون تجاوزها لهذا السبب وليس لكونها تخالف الدين. وهناك استراتيجية توصي بالتخلص من الأبنية المستأجرة خلال 7 - 10 سنوات مقبلة. كما تناول المعارضون أيضاً: الكلفة التي يمكن أن تترتب عليها التجهيزات لإدخال هذه المادة". هذه هي المنافع ويؤيد الدكتور علي بن عبدالله الجفري أستاذ علم الحركة المساعد وعميد كلية التربية البدنية والرياضية إدخال التربية البدنية في مدارس البنات "إذا ما صاحبه تقيد منضبط لتعاليم الشريعة الإسلامية ووضع في إطار يتمشى مع عاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية". ويرى أن ذلك سيكون له أثر إيجابي على البنات ليس فقط من ناحية خفض زيادة الوزن بل من النواحي الحركية والفسيولجية والنفسية. وأضاف: "لا يخفى على المختصين والمهتمين بمثل هذه المادة أن ممارسة النشاط الحركي أو ما يسمى حالياً بالتربية الحركية للصفوف الأولية هو من الاحتياجات البيولوجية للأطفال، فلا بد من الاستفادة من النشاط البدني للطالبات من أجل تحفيزهن ورفع معنوياتهن مقارنة بما هو حاصل في المناهج التعليمية من حشو". ويضيف: "مسألة التجهيزات وآلية التنفيذ هي من الأمور الأساسية لإدخال هذه المادة. فتوفير التجهيزات لها في المدارس، وهذا يتطلب إمكانات مادية وبشرية وبرمجة زمنية لتوعية المجتمع لتقبل هذه المادة ولتحفيز الطالبات على المشاركة فيها". التربية البدنية ظاهرها الجواز اما الدكتور عبدالله بن بيّه عضو المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي فيعتقد أن إيجاد حصة التربية البدنية في مدارس البنات ظاهره الجواز إذا لم يكن هناك جو اختلاط بالرجال، وفي المدرسة وحدهن. وأوضح "أن في التاريخ الماضي ما يشير إلى أن الصحابيات شهدن المعارك وشاركن في القتال وداوين الجرحى، ما يعد مؤشراً على أنهن كن تدربن على ذلك قبل حضور ساحة القتال". وأضاف: "كذلك الرياضة قد تكون مطلوبة لإصلاح الجسم والعقل معاً، والرياضة من شأنها تمكين الإنسان من القيام بمهماته بقدرة فائقة، وهي مطلوبة إذا لم يكن هناك مانع شرعي كأن يختلي بالمرأة رجل أجنبي، أو يستلزم الأمر ان تخلع ملابسها بصورة تخدش الحياء". وزاد "أن عائشة رضي الله عنها سابقت النبي صلى الله عليه وسلم ما يوضح أن هذا النوع من الرياضة لا شيء فيه من حيث هو كعمل، ويمكن الاعتراض على الرياضة للبنات إذا كانت تؤدي إلى ارتكاب المحرمات أو الخروج عن الحياء المطلوب". وقال: "ان قاعدة سد الذرائع في الشريعة الاسلامية القاضية بتحريم الحلال إذا أدى إلى محرّم، هذه القاعدة إذا عارضت مصلحة فإنها قد لا تكون معتبرة"، منوهاً إلى أن الجهات التربوية هي التي عليها ان ترعى المصالح وأن تدرأ المفاسد، وأن تبعد تخوفات المجتمع التي قد تكون في غير محلها. وحذر بن بيّه من التوسع في قاعدة سد الذرائع، وقال: "قاعدة سد الذرائع الناس فيها بين طرفي الإفراط والتفريط، وحقيقتها أنها بين حدّين، وما علينا هو أن نراعي الذرائع التي تؤدي حتماً وقطعاً إلى المحرمات، كظهور المرأة متبرجة في الشريعة الإسلامية، وأن نبتعد عن التضييق على الناس بالذرائع التي ليست سوى نوع من الوهم والوسوسة". نزع الحياء من البنات خلع ثيابهن!! أما الشيخ الدكتور محمد بن عبدالعزيز المسند دكتوراه في الشريعة عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين في الرياض، فله رأي مختلف، يقول: "إن رأي بعض المشايخ والمعلمين غير المعروفين، لا يمثل وجهة النظر الشرعية، لا سيما أن لدينا علماء أجلاء يمثلون المرجعية الأولى، لا لأهل هذه البلاد فحسب، بل للكثيرين من أهل البلدان الأخرى من عربية وإسلامية. ولا يثقون إلا بما يصدر من علماء هذه البلاد من الفتاوى والأحكام. ومن العجب أن يتجاوز هؤلاء علماءنا الأجلاء، إلى غيرهم، ولست بذلك أقلل من شأن الآخرين، لكن رأي علمائنا - وهم أعلم بمجتمعنا وما يصلح له وما لا يصلح له - مقدم على رأي غيرهم، وإن كان لا بد من ذكر آراء الآخرين، فالإنصاف يقتضي أن تُذكر جميع الأقوال، ولا يُقتصر على قول الموافق دون المخالف، ثم انه من جهة الدليل الشرعي، فقد اخرج الإمام أحمد في مسنده وابن ماجة والحاكم بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيّما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها، فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل. وفي لفظ عند أحمد وغيره: أيّما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها، خرق الله عز وجل عنها ستره. وأما الأثر المشهور الذي يستدل به كثير من الناس وهو: علّموا أولادكم الرماية، والسباحة، وركوب الخيل، وبعضهم ينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أثر ضعيف الإسناد كما قال العجلوني في كشف الخفاء، ولو صح فإنه حجة على المحتجين به، إذ أن لفظه الصحيح الوارد في كتب الحديث: علموا بنيكم السباحة والرمي، ولنعم لهو المرأة مغزلها، وفي لفظ آخر: علموا أبناءكم السباحة والرمي، والمرأة الغزل" انظر كشف الخفاء:2/88 ولفظ البنين والأبناء المراد به الذكور كما هو معروف في اللغة، وفي هذين الأثرين دليل على التفريق بين البنين والبنات في التعليم، فالبنون يناسبهم تعلم الرمي وركوب الخيل وما شابه ذلك ليكونوا فرساناً مقاتلين، أما البنات فالأنسب لهن الأعمال اليدوية التي لا تتطلب مجهوداً كبيراً، ويمكن ممارستها في البيت كالخياطة والغزل ونحو ذلك، وقد حرّف بعض الناس هذا الأثر، إما عن جهل أو خبث وتجاهل، فرووه بلفظ علموا أولادكم... ليشمل البنين والبنات، فينبغي التنبه لذلك من جهة الواقع، لأن حصة واحدة في الأسبوع لن يكون لها من أثر يذكر سوى زيادة النفقات على الآباء ونزع الحياء من البنات، بخلع ثيابهن، والظهور بالسراويل الضيقة، وما يتبع ذلك من أمور لا تخفى على ذي بصيرة، فإن قيل: لا بد من اشتراط اللباس الواسع قلنا إن هذا أمر لا ينضبط، فما الحد الفاصل بين الضيق والواسع، وإذا فتح الباب لا يمكن غلقه او التحكم فيه، ثم ان هذه المادة ستكون على حساب مواد اخرى هي أهم وأنفع من ذلك وأجدى مثل حض الطالبات على الاعتدال في المأكل والمشرب، ومساعدة أمهاتهن على القيام ببعض الأعمال المنزلية احتساباً للأجر. وأكد باحثون مختصون ان قيام النساء بالأعمال المنزلية الروتينية يساعدهن في الحصول على المقدار الكافي من التمارين الرياضية، والمحافظة على صحتهن ورشاقتهن، وعلينا ان نستفيد من تجارب الآخرين، ففي بعض الدول العربية المجاورة لما فتح الباب انتهى بالتعري ولبس القصير، وأمور اخرى لا يرضاها من في قلبه ذرة من غيرة". وتروي الطالبة مها محمد المرحلة الثانوية التي كانت تتلقى تعليمها في مدرسة خاصة تطبق هذه المادة وانتقلت إلى مدرسة حكومية لا تدرس الرياضة البدنية، تجربتها السابقة بالقول: "ممارسة الرياضة البدنية تهذب السلوك وتعلم الالتزام ببعض الآداب، والحقيقة أنها تشحن بالطموح والتطلعات وتجعلني في تفكير مستمر في ما سأفعل اليوم أو غداً. الحركة الحية في داخل جسمي تدفعني إلى الشعور بالثقة والقيمة المعنوية بما حولي". وتقول ضي عبدالعزيز 9 سنوات في المرحلة الابتدائية: "أشعر بالفرح كثيراً عندما أمارس التربية البدنية" ويختلف مفهوم نورة عبدالله المرحلة الابتدائية للرياضة عن زميلتها ضي فهي تفضل رياضة المشي ولعبة الحبل. وتقول: "أحب اللعب كثيراً أليس هو نوعاً من الرياضة، مع أن مساحة بيتنا الصغيرة تعوقني كثيراً". أما فاطمة العبدالرحمن طالبة في المرحلة الثانوية فهي تتابع بعض برامج الرياضة في بعض الفضائيات العربية لكنها لا تحفزها لممارسة الرياضة بل تشاهدها مثلما تشاهد أي برنامج أو مسلسل. وتتحدث عن تجربتها مع زيادة وزنها وتقول: "وفَّر لي أبي أكثر من جهاز رياضي لكنني لا أستمر في استخدامه وكثيراً ما أتخيل لو كانت صديقاتي في المدرسة إلى جانبي فستكون رغبتي أكبر في ممارسة الرياضة البدنية لأن ممارستها تحلو برفيقاتي في الصف وبالمنافسة بيني وبينهن". وهناك تجارب وجهود فردية لبعض المعلمات يقمن بها مع التلميذات داخل الصف لاستعادة قدراتهن وطاقاتهن الذهنية. وتروي فائزة توفيق معلمة لغة انكليزية تجربتها مع التلميذات في إحدى المدارس الحكومية: "عندما كنت أدرس تلميذات المرحلة المتوسطة وهن يدرسن سبع حصص وحصة اللغة الانكليزية عادة ما تكون في أوقات متفاوتة، وكانت الحصص الأخيرة مملة للتلميذات لأنها تشكل ضغطاً نفسياً عليهن فيقل استيعابهن، وتجاوبهن، لذلك اضطررت لتنشيطهن عن طريق بعض الحركات الخفيفة للرياضة البدنية خلف مقاعدهن لدقائق معدودة ما ينتج عنه بهجة التلميذات وشكرهن لي على الحيوية التي يستقبلن بها درسي، فما بالك لوكان النشاط الحركي أكثر تنظيماً وخارج الصف كمكان مألوف وفي حيز واسع مثل فناء الساحة المدرسية". وتضيف: "ابنتي في المرحلة الثانوية تسألني منذ أن كانت في المرحلة الابتدائية: لماذا لا يسمح لنا في مدارسنا بالرياضة البدنية؟ وهو سؤال منطقي أطرحه نيابة عن ابنتي على المسؤولين". وتعارض هدى فهد مشرفة تربوية - قسم الوحدة الشرعية إدخال الرياضة البدنية للبنات وتوضح نظرتها المعارضة بقولها: "لممارسة الرياضة البدنية آثار طيبة على النفس والجسم، لكنني ضد إدخالها في المدارس كمادة تدرس ومنهج لعدم تفعيلها في شكل مفيد في مدارس البنين. فالفتاة في حاجة إلى أنشطة حركية تناسبها وتؤهلها للقيام بمهماتها ومسؤولياتها في بيت الزوجية أو أسرتها كإعداد وتهيئة المنزل كما أن في إمكانها ممارسة بعض التمارين والتدريبات الخفيفة، وعلى أساس قاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ولئلا نتوسع مستقبلاً في ما لا يحمد عقباه من ملابس غير لائقة وكشف للعورات". وتخالف فورزية البلاع موظفة في وزارة التربية والتعليم ذلك وترى أن "السلف الصالح حض على مزاولة بعض أنواع الرياضة: علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل، فما بالنا بالرياضة البدنية الخفيفة لبناتنا. ثم إن معظم الأسر ليس بمقدورها تغطية الكلفة العالية لإشراك بناتها في الأندية الصحية في حين أن الأولاد في استطاعتهم الاشتراك في أي من الأندية الرياضية". وترى دلال عسيري مشرفة تربوية - قسم التوجيه والإرشاد ضرورة إضافة الأنشطة الرياضية في المدارس لعلاقة ذلك بالصحة العامة للتلميذات "حيث لاحظت البدانة كيف تنقض على أجساد التلميذات يعززها النظام الغذائي السلبي. ويعد النشاط الرياضي البدني وسيلة صحية لاستثمار كافة طاقات الطالبات السلبية والايجابية بما يعود عليها بالنفع إضافة الى أن فيه تنمية روح الجماعة لدى التلميذات ويمكن استغلال الرياضة لمعالجة بعض الصفات السيئة لديهن مثل الأنانية والخمول والاتكالية والخجل والانطواء وعدم المشاركة". الطالبة عاجزة عن خدمة نفسها وتتفق جواهر محمد مشرفة تربوية - قسم الوحدة الشرعية مع الرأي المعارض لإدخال الرياضة البدنية الى مدارس البنات وتقول: "وضع الفتاة اليوم يحتاج إلى صياغة في التربية من البيت أولا ثم المدرسة. فكيف نطالب بإدخال مادة كهذه والفتاة عاجزة عن خدمة نفسها أو أسرتها في المنزل ونطالب بدلاً من ذلك بمادة تسمى "الأخلاق" وكيف يعيش الجيل الجديد بها وكيف تطبق الفتاة هذا السلوك في حياتها بدلاً من أن نتيح للطالبة مثل هذا المجال". أم ابراهيم عمرها 65 سنة تشكو من آلام المفاصل والسمنة تتمنى إذا ما أقرت وزارة التربية والتعليم تدريس الرياضة البدنية أن تعود إلى مقاعد الدراسة لممارسة الرياضة. وترى أنها حماية للفتاة من السمنة وأمراض العظام المنتشرة حالياً، وتدفعها إلى استغلال أوقات الفراغ بالطريقة السليمة لأن المدرسة - في رأيها - أكثر الأماكن تربية وتنظيماً وحفاظاً على وقار البنات. وكونه طبيباً وأباً يذكر عمر السليمان أسباباً لتأييده هذا المشروع منها: "أن المنزل السعودي الآن مع الظروف الاقتصادية الحالية للأسر الصغيرة، لم يعد المكان المناسب لممارسة أي جهد بدني، ومع توافر الخادمات لم تعد البنت تمارس كما كانت سابقاً أي جهد حركي وبدني. وفي مقابل ذلك هناك أسر دعاها الرخاء الاقتصادي أو رغبة التنويع أن تعتمد على الأكل خارج المنزل في بعض أيام الأسبوع وازداد ارتيادها لمطاعم الوجبات السريعة. وفي السن المدرسية من السادسة تحديداً وحتى سن ال18 تزداد الخلايا الذهنية وبعد سن الرشد يزداد حجم الخلية مقارنة بعدد الخلايا أثناء نمو الجسم". ولا يرى أبو محمد رب أسرة رأي عمر السليمان: "الرياضة للأولاد الذكور وينبغي للبنت أن تهتم بما عدا ذلك مما ينفعها في طاعة زوجها وتربية أبنائها وفي رأيي أن الرياضة تضر بالمرأة ولا تنفعها وتشغلها عن الاهتمام بواجباتها المنزلية في الحاضر وكأم في المستقبل وتجعلها منصرفة عن ذلك إلى العناية بجسمها". وتربط حصة العزاز اخصائية اجتماعية في مستشفى القوات المسلحة في الرياض بين الرياضة والصحة النفسية والسلوكية والاجتماعية: "الرياضة البدنية مفيدة للبنات ولكل الأعمار خصوصاً في فترة المراهقة فممارسة الرياضة تحقق للفتاة التوازن النفسي والعقلي لأن الجسد عندما يتحرك يحرك معه بديناميكية عالية الوجدان والعاطفة ويخفف من ضغط الطاقة الجنسية التي تنشط بشكل خاص في سن البلوغ، ويقلل أيضاً من حدة المشاعر السالبة مثل الكره والغضب والغيظ والإحباط وذلك كله تفرغه الرياضة. وأداء البنت للرياضة يشعرها بتجدد خلاياها وأعماقها ويحفز ذهنها لمزيد من الأفكار والمشاريع الإيجابية التي تناسب أعمار التلميذات هذا عدا مكافحة الرياضة للسمنة. وبالإضافة إلى ذلك فاستمرار البنت في ممارسة الرياضة البدنية عبر مراحل عمرها يمنحها فرصة أكبر للمحافظة على شبابها في شكل طبيعي من دون أن تلجأ إلى عمليات التجميل". طرح استبيانات لمعرفة الآراء فاطمة الزهراني طالبة في مرحلة الثانوية العامة تؤيد وجود حصص تربية رياضية لأنها "متنفس حقيقي للشحنات الداخلية، ولكثير من التوتر العصبي داخل المدرسة أو خارجها اذا ما كانت للتنشيط الجسدي، والترفيه العقلي بشكله المدروس والصحيح". وتشترط الزهراني وجود مدرسات مؤهلات بطريقة دينية في المقام الاول، ولديهن المهارات التي تفتح امام الفتيات الباب لممارسة التمارين الرياضية المناسبة لطبيعتهن الانثوية. من جهة اخرى كان لاولياء الامور وجهات نظر من اهمها ان تطرح استبيانات على الاهل لمعرفة التصور النهائي لمثل هذه النوعية من الحصص الدراسية، وما هي اهم النقاط التي يشترك فيها الاباء والامهات، او حتى السلبيات، لافتين الى ان الهدف من هذا النشاط هو احتواء القدرات التي تتمتع بها الطالبات في هذه السن الحيوية من دون الاسفاف او الخروج عن نمطية العادات والتقاليد المتعارف عليها، هذا ما افاده طلال النافع المشرف الاجتماعي والاب لثلاث فتيات في مراحل تعليمية مختلفة قائلاً: "ليس من الخطأ البحث والتطور في كل ما يفيد اولادنا سواء في التعليم، او مجالات الحياة المتعددة، الا ان علينا مراعاة الكثير من الجوانب التي فتحت لها بوابة الجدل في مثل هذا المشروع، فمثلاً يتساءل الكثيرون: كيف ستكون آلية التطبيق لهذا القرار، من سيدرس البنات في ظل عدم وجود مدرسات في تخصص التربية الرياضية؟ وهل ستكون حصص تدخل ضمن المجموع الدراسي ام مجرد نشاط لمرة او مرتين في الاسبوع؟ هناك علامات استفهام تنتظر اولياء امور الطالبات، ووجهات نظر من الممكن ان تكون معارضة خصوصاً بعض المناطق. وفي الوقت نفسه ومن الناحية النفسية والاجتماعية فإن دخول مثل هذه الانشطة سيكون له مردود نفسي عميق يساعد الفتيات على تخطي الكثير من العقبات اللاتي يواجهنها في حياتهن، من زيادة في الوزن، والاطعمة غير الصحية، ، والتخلص من الكبت والمشاعر المخنوقة عن طريق الحركات الرياضية المتبعة خلال الحصص، والعديد من الفوائد التي ستساعد في ارتفاع التحصيل الدراسي لديهن". وفي السياق ذاته افادت صباح الطيب عضو باحث في وحدة الدراسات والبحوث التربوية في وزارة التربية والتعليم فرع تعليم البنات في جدة ان مثل هذه المادة التربية الرياضية من الافضل ان تدخل المدارس على انها "لاصفية" اي ليست لها علاقة بالمجموع او العلامات التي تمنح للطالبات، معللة ذلك بعدم وجود قسم متخصص في كليات البنات السعودية لتدريس مواد التربية الرياضية وبذلك لا توجد متخصصات في هذا القسم، وفي حال فرضها على انها مادة اجبارية ستنفر الطالبات منها حالها حال بقية المواد الدراسية وبذلك تنتفي عنها صفة النشاط الترفيهي، اذ ان معظم الفتيات في حصص الرياضة ينشدن الحرية في الحركة مما يساعد في حرية التفكير، وتجديد الخلايا البدنية المحفزة لزيادة الانزيمات المنشطة للجسد. وتضيف: "ولكن حتى في كون هذه المادة غير مرتبطة بالمنهج الدراسي الا انها تخضع للكثير من القوانين والضوابط التي يجب ان تفرض على المدارس من النواحي الدينية بحيث لا تمارس انواع الرياضة التي تؤثر بشكل او بآخر على النواحي الانثوية، وأيضاً من النواحي الدينية والعلمية وحتى الطبية، فعلى المدربات ان يلتحقن بدورات طبية تدريبية بحيث يستطعن التصرف في حال وقوع بعض الحوادث البسيطة. صحيح انه مجرد نشاط الا ان علينا ان نجعله منفذاً للترفيه المسؤول". وعما اذا كان مثل هذا القرار سيطبق بشكل سريع تضيف: "لن يكون هناك وقت طويل لتنفيذ القرار بادخال مادة التربية الرياضية في المدارس الحكومية للبنات خصوصاً في حال جعلت مادة نشاط تهدف لتفريغ طاقات الطالبات". وفي هذا الصدد اوضحت مديرة ادارة التطوير التربوي في الادارة العامة للتربية والتعليم بنات في جدة جواهر محمد مهدي "ان لا مانع في تبني مجلس الشورى مثل هذا القرار والموافقة عليه والعمل على تنفيذه خصوصاً عندما تتبع الانظمة والقوانين التي توافق السلوك والاخلاق وحسب العادات الاسلامية، وكل انواع الرياضة التي لا تخدش الانوثة مباحة لمزاولتها من قبل الفتيات"، مضيفة ان مجلس الشورى "لن يغفل العديد من التفاصيل الدقيقة والعامة عند اقراره تدريس مثل هذه المواد". ولدى سؤالها اذا ما كان مثل هذا القرار سيخلق نوعاً جديداً من الوظائف النسائية في السعودية أجابت: "من المعروف اننا لا نحظى بكلية تربية رياضية للفتيات الذي يعود بنا مرة اخرى لفتح الباب امام العمالة الوافدة والمستقدمة من الخارج خصوصاً في السنوات الخمس الاولى على أقل تقدير، لذلك يجب ان تكون هناك خطة خمسية وعشرية وحتى خمسينية. والسؤال هنا: هل ستكون لدينا كلية تدرس مواد التربية الرياضية للبنات على غرار الشباب، ام سنبقى في دائرة العمالة الوافدة؟ لذا يجب ان نرى ما هي الامكانات البشرية والتدريبية والتدريسية، والملاعب المدرسية المتوافرة داخل المباني المدرسية الحكومية التي تستوعب مثل هذا القرار. اعتقد ان علينا التريث قليلاً لعمل جدوى تربوية اقتصادية لتوفير كل ما يتطلبه تنفيذ دخول مادة التربية الرياضية الى المدارس التابعة للدولة لجهة توفير المدرسات والمدارس والملاعب الرياضية والتنسيق مع رعاية الشباب وبلورة صورة متكاملة لا ينتج عنها اي نوع من الاخطاء التي تجعل بعضاً من اولياء الامور ينفرون من دخول مثل هذه النوعية من النشاطات على مناهج فتياتهن المدرسية".