تشهد هذه الفترة من كل سنة معركة خوض الامتحانات المدرسية. ومما لا شك فيه ان الطالب في هذه المرحلة يعيش على أعصابه فيفقد الثقة بنفسه وبقدرته على خوض الامتحان. وعن هول الامتحان يكفي ان نستذكر عبارة نابليون الشهيرة:"أهون علي ان أخوض مئة معركة ولا اجتاز امتحاناً واحداً". في السطور الآتية نحاول التطرق الى عدد من النصائح الصحية التي من شأنها أن تساهم، في شكل أو في آخر، في تحقيق التوازنات الضرورية على الصعيدين الجسماني والنفسي لتعزيز حظوظ الفوز بالشهادة، شرط توافر شيئين هما المذاكرة والاستعداد: القلق الضغط النفسي الذي يتعرض له الطالب وهو على أبواب الامتحان أمر لا مفر منه. فجرعة محدودة من هذا الضغط تشكل حافزاً للطالب من أجل رفع جودة أدائه في القدرة على الاستيعاب والحفظ والإجابة. في المقابل، فإن الضغط النفسي الشديد يقلل من جودة الأداء ويؤثر في قدرة الطالب في استدعاء المعلومات المتعلقة بالمادة الدراسية أثناء الامتحان. ومن يدري فقد يقود الى الفشل.وقلق الامتحان يطلق عاصفة من العوارض الفيزيولوجية المزعجة من بينها: الصداع، وضعف التركيز، وقلة الانتباه، واضطراب النوم، والكوابيس، والانفعالات، والرجفان، وبرودة الأطراف، وجفاف الفم والشفتين، وتصبب العرق، واضطرابات الأكل مثل قلة الشهية أو بالعكس الشراهة على الطعام، والغثيان، والمغص، والإسهال أو الإمساك، وكثرة التبول، وخلل في ضربات القلب، وضيق التنفس، واضطراب الدورة الشهرية عند الفتيات، إضافة الى الشعور بالملل وضعف الحافز والإحباط. وأسباب قلق الامتحان قد تكون متعلقة بالطالب نفسه بسبب عدم الاستعداد الكافي طوال السنة الدراسية، أو بسبب الخوف من الأهل ورد فعلهم العنيف في حال فشله أو عدم تفوقه، أو بسبب الأهل أنفسهم الذين يضغطون على أبنائهم من اجل التفوق من دون الأخذ في الاعتبار قدراتهم وإمكاناتهم، أو بسبب رغبة الطالب العارمة بالتفوق. ان ما يجب فعله للحد من قلق الامتحان هو الآتي: - التحضير للامتحان في شكل جيد، وهذه الخطوة أساسية لتفويت الفرصة على الضغوط والتوترات التي تلوح في الأفق قبل الامتحان وخلاله. فالطالب الذي يجدّ ويكدّ ويصل ليله بنهاره طوال العام الدراسي، سيكون الأقل تأثراً بالقلق المرافق للامتحان. ان مراجعة الدروس منذ اليوم الأول للعام الدراسي والقيام بالمذاكرة على مدار العام سيجعلان أيام الامتحان مجرد أيام عادية كغيرها من أيام السنة الدراسية. - الابتعاد من الأدوية المهدئة، صحيح ان هذه الأدوية تخفف من العوارض الناتجة من التوتر والقلق ولكنها لا تعالج الأسباب، عدا هذا فإن لتلك الأدوية تأثيرات غير مرغوبة يمكنها ان تؤثر سلباً في سير الامتحان ونتائجه. لقد أجريت دراسة على 164 طالباً من جامعة زيوريخ في سويسرا وجد فيها الدكتور د.هانز ان 70 في المئة من هؤلاء تناولوا أقراص المهدئات. على كل طالب ان يعلم ان تناول المهدئات خبط عشواء من دون سبب مرضي مبرر يسبب مزيداً من الضرر وقليلاً جداً من الفائدة. - التواصل الأسري والاجتماعي، وهذا له اثر لا يمكن إغفاله في تقليص حدة الضغط النفسي على الطالب. ان الدعم العائلي والاجتماعي يقدم للطالب التحفيز المهم من اجل التقليل من بوادر القلق وبالتالي إبعاد شبح الخوف والضعف والاستسلام. - الابتعاد من الأفكار السلبية، لأنها تبرمج العقل الباطن على صعوبة الامتحان وتزعزع الثقة بالنفس وتجعل صاحبها رهينة القلق والتوتر. على الطالب ألا يقول مثلاً"أنا غبي"أو"سأفشل"بل يجب ان يقول:"أنا درست جيداً"و"سأنجح". - التفكير بالنجاح فقط وعدم إشغال الفكر بأمور أخرى. قلة الأكل ان الجهد الذهني الشاق الذي يبذله الطالب في فترة ما قبل الامتحان يترافق مع انحدار واضح في الرغبة في الأكل، خصوصاً في حال المعاناة من القلق والتوتر والخوف وعدم الاستقرار النفسي. ان قلة الأكل تشكل خطورة كبيرة على أصحابها لأنها تجعلهم ضعفاء لا يقدرون على التركيز والمذاكرة وتثبيت المعلومات في المخ على ما يرام، فضلاً عن الرغبة المستمرة في النوم. ان الغذاء يؤثر في كيمياء المخ وبالتالي في الفهم والاستيعاب والتحصيل. من هنا فإن ما يتوجب فعله في هذه الحال هو الآتي: 1- ان يتناول الطالب وجبات متوازنة ومتنوعة محببة تحتوي على كل العناصر الغذائية اللازمة للجسم، اي ان تؤمّن هذه الوجبات البروتينات والسكريات والدهنيات والمعادن والفيتامينات والسوائل اللازمة. 2- عدم إهمال الطالب وجبة الإفطار بأي حال من الأحوال بحيث تحتوي على الكربوهيدرات السريعة والبطيئة الامتصاص التي تشحن الدم بسكر الغلوكوز الذي يعتبر الوقود الرئيس للخلايا العصبية الدماغية. 3- تناول وجبات خفيفة متعددة سهلة الهضم، وتحاشي الوجبات الدسمة والأغذية المطلقة للغازات. 4- استهلاك الحليب ومشتقاته. 5- تناول العصائر الطبيعية وتفادي المشروبات الغازية. النسيان النسيان هو العدو الأول للطالب، وهو شكوى متكررة يزداد حضورها في حال القلق والتوتر. ان الذاكرة عبارة عن سلسلة من العمليات المتصلة ببعضها بعضاً، ففي المرحلة الأولى يتم إدخال المعلومات ومن ثم أرشفتها ووضعها وتخزينها في رفوف المخ إذا صح التعبير، وبعد ذلك تتم استعادة المعلومات المخزنة وقت الحاجة. ان الضغوط المرافقة للامتحان تؤثر في عملية حفظ المعلومات في المخ وكذلك في عملية استدعائها منه. ومن أجل التغلب على النسيان ينصح بالآتي: - أخذ أقساط كافية من النوم كي تستعيد خلايا المخ نشاطها وحيويتها. - الابتعاد من السهر الطويل. - أخذ أقساط من الراحة خلال فترة المذاكرة لإعطاء الفرصة لخلايا المخ كي تستعيد نشاطها. - ممارسة أي نشاط بدني لأنه يساهم في زيادة تدفق الدم الى المخ. - التهوئة الجيدة لإعطاء خلايا الدماغ نفحات إضافية من الأوكسيجين. المنبهات في موسم الامتحانات يزداد الطلب على المنبهات بشتى انواعها، مثل المشروبات الحاوية على الكافيئين والمنشطات الدماغية. في ما يتعلق بالمشروبات الحاوية على الكافيئين كالقهوة والشاي والكاكاو يجب تناولها باعتدال لأنها تسمح بالتغلب على الخمول وتساعد في تنشيط الذاكرة، أما في حال الإكثار منها فإنها تترك آثاراً سلبية على المخ والأعصاب والقلب. أما المنشطات الدوائية مثل الفيتامينات وغيرها فيلجأ اليها الطلاب ظناً منهم أنها تزيد من كفاءة المخ وتساعدهم على استيعاب المعلومات في أقصر فترة، صحيح ان مثل هذه العقاقير قد تزيد من نشاط المخ ويقظته، لكن سرعان ما تحطم الجهاز العصبي تاركة أصحابها تحت رحمة مضاعفات خطرة للغاية. وفي هذا الإطار يمكن القول: - نعم للمشروبات المنبهة بكميات قليلة. - لا للمنبهات الدوائية. - لا لمشروبات الطاقة لأنها تنشط العضلات وليس المخ. وفي المختصر، على الطالب الذي يرغب في ان يلبي دماغه ما يطلبه منه من معلومات ان يعطيه حقه من الغذاء المتوازن، والراحة الكافية، والنوم الضروري، والاعتدال في تناول المشروبات المنبهة، وتفادي العقاقير المنشطة، وعدم الإفراط في المذاكرة عشية الامتحان لأنه يرهق الجسم والعقل، وعندها يمكن الطالب ان يقول لدماغه: افتح يا سمسم.