الامتحانات المدرسية حدث غير عادي يتطلب جهداً عقلياً استثنائياً لاسترجاع المعلومات المخبأة في غياهب الذاكرة والرد على الاسئلة والموضوعات المطروحة في قاعة الامتحان. ومن اجل اجتياز فترة الامتحانات بشكل سليم لا بد من التحضير الجيد، لتجنب الوقوع في الفشل، وما يترتب عنه من حزن وإحباط. وطبعاً فإن الاعداد الجيد والمذاكرة المستمرة لا يكفيان وحدهما، إذ لا بد من الاخذ في الاعتبار امور جوهرية لها دورها في زيادة فرص النجاح، وفي ما يأتي نعرج تباعاً عليها. النوم. ان النوم مهم جداً للطالب من اجل شحذ همة الدماغ من جديد ليكون في وضع يسمح له بالعمل على أحسن ما يرام. ان النوم يعطي الفرصة لخلايا المخ كي تسطر المعلومات وترتبها في افضل حلة لها، الى ان يحين الوقت الذي يتم فيه استنجاد الطالب لها فتنساب من دماغه بسهولة من دون تمرد ولا عصيان. من المؤسف ان هناك الكثير من الطلاب الذين يجبرون انفسهم على السهر ساعات طويلة فلا ينامون سوى ساعات قليلة ظناً منهم ان هذا السلوك يساعدهم على النجاح، لكن على هؤلاء ان يعلموا انهم اذا لم يعطوا الذاكرة حقها من الراحة فانها ستخونهم عند اخراجها على ورقة الامتحان. ان تناول فناجين القهوة والشاي للبقاء الى فترة متأخرة من الليل، سيخلق خللاً واضطراباً مقلقاً لا مبرر لهما اطلاقاً، ناهيك عن القلاقل القلبية والعصبية والنفسية الاخرى التي يسببها الافراط في تناول الكافيين. ان النوم الصحي أمر أساس للتخلص من التعب واستعادة النشاط والحيوية لكل خلايا الجسم، خصوصاً خلايا المخ المتعلقة بالذاكرة. ان النصائح الآتية مفيدة: 1- على الطالب ان ينام لمدة كافية، أي حوالى ثماني ساعات كل ليلة. 2- التزام تحديد وقت معين للذهاب الى النوم، وكذلك الاستيقاظ في وقت محدد ايضاً. ان الذاكرة تحب النظام، والنوم لأربع ساعات في احدى الليالي ومن ثم لپ12 ساعة في الليلة التي تليها، هو تصرف غير مقبول، لأنه يقود الى زرع خلل في حلقات النوم، وبالتالي الى تشويش في وظائف الدماغ، خصوصاً وظيفة الذاكرة. 3- على الطالب ان يتجنب تناول المشروبات المنبهة في وقت متأخر من النهار، لأن فعل مادة الكافيين يستغرق اربع ساعات. 4- على الطالب ان يتجنب تناول وجبات ثقيلة او النوم جائعاً، والا عانى من الأرق. 5- اذا لم يستطع الطالب النوم خلال 20 الى ثلاثين دقيقة من ذهابه الى فراشه فعليه ان ينهض منه، وان يقوم بعمل ما، قبل ان يعود الى فراشه. في غالب الاحيان هناك سببان للأرق عند الطالب هما: القلق، والضغط النفسي، والتغلب على هذين السببين يحتاج الى الاسترخاء الكامل وتحاشي التفكير في احداث اليوم، او في مسائل تتعلق باليوم التالي. 6- اذا عانى الطالب من ارق في ليلة سابقة، فعليه ان يبتعد عن النوم في النهار، فهذا سيولد خللاً في النوم في الليلة اللاحقة. 7- الحذر كثيراً من اللجوء الى استعمال المنومات الدوائية، لانها تحذف مرحلة مهمة من مراحل النوم وتحدث شرخاً عميقاً في عمل الذاكرة. 8- النوم في جو هادئ بعيداً عن الضوضاء والازعاج، مع الانتباه الى درجة حرارة غرفة النوم. 9- على الطالب الا يلقي أذاناً صاغية الى النصائح التي يطلقها هذا او ذاك، في شأن تناول عقاقير منشطة، فهذه لها آثار سلبية على متناوليها، وقد أعذر من انذر. التغذية. اذا كان النوم الصحي مفيداً لتأمين صفاء الذهن، ومن أجل ضمان ذاكرة وقّادة، والقيام بمماحكات عقلية سليمة، فيجب ألا ننسى، او بالاحرى نتناسى دور التغذية، فهي تشكل ركناً اساسياً. ان مراجعة الدروس تحتاج الى بذل جهد، وهذا الاخير يحتاج الى الطاقة، اضافة الى المعادن والفيتامينات التي يحملها الغذاء معه. غالبية الطلاب، ان لم يكن جميعهم، يذهبون الى مواجهة الامتحان من دون ان يتناولوا وجبة الفطور، مع انها ضرورية جداً لمواجهة اعباء الاسئلة الملقاة على عاتق الدماغ كي يرد عليها. ان تناول وجبة الفطور مهم من اجل تعبئة مخازن الطاقة مجدداً بعد نفاذها في الليل، وهذه الوجبة يجب ان تحتوي على: - الحليب أو أحد مشتقاته، للتزود بالبروتينات والكلس والحديد. - الحبوب الكاملة، لإعطاء الجسم السكاكر البطيئة الامتصاص. - المربيات والحلويات، للحصول على السكاكر السريعة الامتصاص اللازمة فوراً للدماغ. - عصائر الفواكه الطبيعية، لنيل الفيتامينات. - شرب الماء، لتجنب التجفاف. اما بالنسبة الى الوجبات فيجب ان تكون منوعة وتحتوي على اللحوم والخضروات والفواكه التي تؤمن للجسم ما يلزمه من عناصر القوة والحياة، مع الاخذ في الاعتبار نقطة مهمة هي عدم دك المعدة بوجبات ثقيلة لأن هذه من شأنها ان تثير الخبل والكسل. على الطالب ان يتناول اربع وجبات في اليوم من اجل شحن محطات الطاقة في الجسم بشكل منتظم لضمان حسن عمل خلاياه على افضل وجه. ان ما يقوم به بعض الطلاب، من قفز فوق احدى الوجبات من اجل المراجعة والمذاكرة، هو الخطأ بام عينه لأنه سيترتب عنه فوضى في الجسم لا مبرر لها. الاسرة. لا شك في ان فترة ما قبل الامتحان هي فترة شاقة وعصيبة بالنسبة الى الطالب، نظراً الى ما يرافقها من تبدلات نفسية طارئة قد تنعكس سلباً على الاسرة كلها، فيصبح جو العائلة مكهرباً، اذا صح التعبير. ان الخوف من الامتحان قد يجتاح الطالب فيتشتت انتباهه، وتضطرب ذاكرته، وتقل ثقته بنفسه، وقد يصل به الامر الى حد التشاؤم والعدز، والى الصعوبة في انجاز المهمات، ومن يدري فقد يقوم بتصرفات لا منطقية لم تكن موجودة عنده سابقاً. على الاسرة ان تعمل على تأمين الجو الهادئ الذي يحتاج له الطالب، بعيداً من الازعاجات والمنغصات، والحذر من الانجرار وراء مناقشة أي مشكلات عائلية او مالية او اجتماعية. ان دور الاهل مهم في زرع الطمأنينة عند ابنهم لتخليصه من رهبة الامتحان الذي عنده"يكرم المرء او يهان". ختاماً، ليست هناك وصفة سحرية للنجاح في الامتحان، فالتحضير الجيد والمذاكرة المستمرة بانتظام اضافة الى ما ذكرناه اعلاه امور تساعد على اجتياز الامتحان بنجاح.