أبلغت مصادر روسية مطلعة"الحياة"نتائج محادثات وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركية هيلاري كلينتون، أن موسكو شددت على ضرورة إدراج بنود إضافية في معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة الهجومية الإستراتيجية، بهدف تقليص ترسانات الصواريخ والمقاتلات والغواصات عند البلدين. وكان هذا الملف أحد أبرز المسائل التي طرحت على طاولة البحث خلال أول اجتماع رسمي للوزيرين، عقد أول من أمس، في جنيف. وبحسب المصادر فإن موسكو رحبت بالاستعداد الذي أبدته الإدارة الأميركية الجديدة لمناقشة موضوع تجديد المعاهدة التي تشكّل العمود الفقري لنظام الرقابة على التسلّح، وينتهي العمل بها في الخامس من كانون الأول ديسمبر المقبل. علماً أن الإدارة السابقة في البيت الأبيض ماطلت في مناقشة هذا الملف مع الروس. لكن موسكو طرحت"ملاحظات"عدة اعتبرت أنها حيوية ولا يمكن التقدّم في هذا الملف من دون مراعاتها، ومنها ضرورة ألا يتم الاكتفاء بتمديد فترة المعاهدة السابقة التي"لم تعد بنسختها الحالية كافية لتلبية متطلبات الأمن والاستقرار الدوليين، ولا تستجيب التحديات الجديدة في العالم". وتصر موسكو على ضرورة إبرام معاهدة جديدة، وهو أمر تمّ الاتفاق عليه"في الخطوط العريضة"خلال لقاء الوزيرين، وسينقل إلى القمة الروسية - الأميركية المقررة في الثاني من نيسان أبريل المقبل في لندن، من أجل إقراره، والشروع عملياً في محادثات على مستوى الخبراء من أجل التوصل إلى الصياغة النهائية قبل انتهاء مفعول المعاهدة الحالية. وتشمل الملاحظات الروسية ضرورة توسيع دائرة التقليص الذي تفرضه المعاهدة على الطرفين، وعدم الاقتصار على الرؤوس النووية التي اقترحت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تقليصها بنسبة 80 في المئة، ليبقى عند كل من روسياوالولاياتالمتحدة نحو ألف رأس نووي فقط. ويرى الروس أنه من الضروري أن ينسحب التقليص على ناقلات الرؤوس النووية مثل الصواريخ العابرة للقارات والغواصات والمقاتلات الإستراتيجية. وبحسب المصدر الذي تحدث إلى"الحياة"، فإن موسكو قلقة بسبب الفارق الكبير بين حجم الترسانات من هذه التقنيات التي يملكها البلدان، والذي يميل بقوة لمصلحة الولاياتالمتحدة. وترى موسكو أيضاً ضرورة أن تتضمن المعاهدة الجديدة بنداً صريحاً يحظّر على البلدين نشر أسلحة هجومية خارج أراضيهما. وفي هذا الإطار، تسعى روسيا إلى ضمان عدم نشر أسلحة متطورة قد تشكّل خطراً عليها قرب حدودها في بلدان أوروبا الشرقية. وتأمل بتوسيع المعاهدة الجديدة لتشمل بلداناً أخرى تمتلك ترسانات من الأسلحة الهجومية، في إشارة إلى مطلبها بضرورة الانتقال نحو مبدأ عدم حصر مسؤولية الأمن الإستراتيجي بروسياوالولاياتالمتحدة، وإشراك بلدان أوروبية في تحديد المخاطر الحديثة وسبل مواجهتها. وكان لافروف وكلينتون أبديا ارتياحهما لأجواء محادثاتهما الأولى، واعتبرا أنها كانت"مثمرة جداً". وأعلنا عقب اللقاء أن الطرفين سيبدآن العمل من أجل صوغ معاهدة جديدة بدل"ستارت - 1"قبل حلول نهاية السنة. وفيما بدا أنه إشارة إلى استجابة أميركية لمطالب روسيا في هذا الشأن، قالت كلينتون إن الطرفين"حددا العناصر المكونة للمعاهدة الجديدة بينهما حول إجراء خفض اضافي لحجم ترسانتي الأسلحة الإستراتيجية الهجومية". وأضافت كلينتون إن واشنطنوموسكو اتفقتا على صوغ خطة عمل في اتجاه تخفيض الأسلحة الإستراتيجية الهجومية ومعالجة قضايا منع انتشار سلاح الدمار الشامل. إيران على الطاولة وكان الموضوع الإيراني، كما أعلن الوزيران، أحد المواضيع الأساسية في المحادثات، وهو الملف الذي بدا"خلافياً"أكثر من غيره، كما وصفه مطلعون في موسكو. وأكد لافروف أن روسيا"لا تخرق التزاماتها الدولية في تصدير السلاح إلى الخارج، بما في ذلك إلى إيران"، مشدداً على أن بلاده"تراعي في تعاونها العسكري التقني مع إيران قلق الولاياتالمتحدة وإسرائيل". في المقابل، أعلنت كلينتون أن الولاياتالمتحدة لا تنوي التخلي عن العقوبات ضد إيران. وزادت:"نود معرفة ما هو السبيل لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، ولوقفها دعم الإرهاب من خلال حركة"حماس"و"حزب الله"، معربة عن سرور إدارة بلادها لسماع نصائح روسيا ومقترحاتها في شأن حل هذه القضية. وأفاد لافروف انه بحث مفصلاً مع كلينتون القضايا المتعلقة بقمة ميدفيديف - أوباما الأولى،"وناقشنا بالتفصيل ما يسمى بالقضايا الحساسة لعلاقاتنا، وبحثنا كيفية تنظيم العمل الخاص بتصفية تراكمات السنوات الماضية، وكيفية جعل عنصر الشراكة المتبادلة الهادفة والبناءة يهيمن في علاقاتنا". وبحسب تصريح لافروف"سيكون من المبالغة القول أننا اتفقنا حول القضايا كلها. ولكننا اتفقنا على العمل كشركاء وبنزاهة وشفافية لتسوية المسائل حتى التي نختلف في شأنها". وأبدى لافروف تفاؤله بنتائج اللقاء، وأضاف:"أظن أن رئيسينا سيتوصلان في لندن الى خيار استراتيجي يصب في مصلحة إقامة العلاقات البناءة بين روسياوالولاياتالمتحدة. ونحن على قناعة بأن ذلك يستجيب المصالح الجذرية لبلدينا وشعبينا ومصالح المجتمع الدولي". وقت مناسب على صعيد آخر، اعتبر لافروف أمس أمام مؤتمر نزع السلاح الذي تنظمه الأممالمتحدة في جنيف أن"الوقت أصبح مناسباً اليوم"لتحقيق تقدم فعلي في مسألة نزع السلاح. ودعا لافروف أ ف ب المؤتمر الى الخروج من"الجمود القاتل"والتقدم"الى ما هو أبعد في مجال نزع السلاح النووي". وتأسس مؤتمر نزع السلاح عام 1979 ليصبح الهيئة الوحيدة الدولية المتعددة الأطراف الخاصة بالتفاوض في هذا المجال. الا أن نشاطه شُلّ منذ 13 سنة بسبب عدم تمكن أعضائه ال65 من الاتفاق على برنامج عمل. وشدد الوزير الروسي على"الأهمية الكبيرة لمنع التسلّح في الفضاء"مذكراً بأنه سبق وقدمت موسكو مع بكين مشروع معاهدة دولية في هذا الصدد . وأبدى استعداده الدخول"في حوار بناء مع الاتحاد الأوروبي ومع شركاء آخرين"، لحظر صواريخ أرض- أرض المتوسطة والقصيرة المدى،"وفي مفاوضات حول معاهدة تمنع إنتاج المواد الانشطارية لأسباب عسكرية". وشدد لافروف لدى تطرقه الى معاهدة الحدّ من الانتشار النووي، الى ان"تعزيز نظام منع الانتشار والحدّ من الأسلحة النووية يرتبط تماماً بمعاهدة الحظر الكامل للتجارب النووية". وحيّا"الإشارات الإيجابية لتغييرات محتملة في الموقف الأميركي"في شأن المصادقة على هذه المعاهدة. نشر في العدد: 16774 ت.م: 08-03-2009 ص: 18 ط: الرياض