يوقع الرئيسان الروسي ديمتري ميدفيديف والاميركي باراك اوباما في براغ اليوم، معاهدة تقليص الأسلحة النووية (ستارت2)، وسط تباين في تفسيرات موسكووواشنطن لبعض بنود المعاهدة، وتلويح روسي باحتمال الإنسحاب منها إذا صمم الأميركيون على نيات نشر الدرع الصاروخية في أوروبا. ويفتح توقيع المعاهدة على مرحلة جديدة في تاريخ جهود نزع السلاح النووي، فهي تلزم الطرفين بأوسع عملية تقليص للرؤوس النووية وحاملاتها من الأسلحة الإستراتيجية، كما أن اختيار توقيت توقيعها، بعد شهور من المماطلة، جاء ليسبق بأيام القمة النووية التي تعقد في واشنطن الإثنين المقبل، في مسعى لحض بلدان العالم على الإنخراط في شكل أنشط في جهود نزع الأسلحة النووية. وتنص المعاهدة التي توصل المفاوضون من الجانبين إلى صيغتها النهائية بعد مخاض عسير ومناقشات صعبة، على تقليص ترسانتي البلدين من الرؤوس النووية في غضون سبع سنوات بنسبة 30 في المئة ليبقى لدى كل طرف 1550 رأساً، و800 حاملة إستراتيجية، بين صواريخ وغواصات وطائرات. وكانت معاهدة تقليص الأسلحة الإستراتيجية المعروفة باسم «ستارت 1» الموقعة في عام 1991 انتهت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ونصت على تقليص ترسانتي البلدين إلى نحو ستة آلاف رأس نووي لكل منهما. وعاد الطرفان في عام 2002 إلى توقيع بروتوكول إضافي على المعاهدة نص على زيادة التقليص ليكون الحد الأقصى المسموح بإمتلاكه لكل بلد لا يزيد على 2200 رأس نووي، لكن هذه الإتفاقية التي يفترض أن ينتهي العمل بها في عام 2012 لم تدخل حيز التنفيذ. ومع توقيع الرئيسين اليوم على المعاهدة الجديدة، تكون موسكووواشنطن أسدلتا الستار على واحد من أصعب الملفات الخلافية وفتحتا الطريق نحو مواصلة المفاوضات لتوسيع عمليات التقليص بحسب مسؤولين في البلدين. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعلن أنه «تسنى لروسيا والولايات المتحدة ضمان الحفاظ في معاهدة «ستارت» الجديدة على توازن مصالح البلدين»، معتبراً أن «كل العالم سيحقق مكسباً مهماً». وقال ان روسيا «جاهزة لمناقشة فكرة إخلاء العالم من الأسلحة النووية»، ولكنه أشار إلى «عدد من العوامل التي يمكن أن تزعزع استقرار عالم خال من الأسلحة النووية». وأوضح أن على رأس هذه العوامل برامج نشر أسلحة في الفضاء، وكذلك تزايد الأسلحة الهجومية الإستراتيجية غير النووية. لكن لافروف أشار في الوقت ذاته إلى مسألة خلافية ما زالت تسيطر على أجواء توقيع المعاهدة الجديدة عندما لوح بإحتمال إنسحاب بلاده من المعاهدة الجديدة في حال قامت واشنطن بتوسيع منظومة الدفاع المضاد للصواريخ، المعروفة باسم «الدرع الصاروخية». وأوضح الوزير الروسي أن «من حق روسيا الانسحاب من المعاهدة إذا أثر التوسع الكمي والنوعي للدفاع الاستراتيجي الأميركي المضاد للصواريخ على فعالية القوات النووية الإستراتيجية الروسية في شكل ملموس». وأضاف أن روسيا ستحدد مدى هذا التأثير بنفسها، مشيراً إلى أن المعاهدة تتضمن هذا الشرط. وتعد هذه واحدة من النقاط الخلافية الأساسية التي تتباين فيها تفسيرات الطرفين لبنود المعاهدة، إذ أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في المقابل على خلو المعاهدة من بند يربط التقليص الإستراتيجي بخطط نشر أسلحة دفاعية. وزادت أن بلادها تعول على مواصلة الحوار مع الروس حول منظومة الدرع الصاروخية. وأعربت كلينتون عن «الدهشة لأن قضية الدفاع المضاد للصواريخ ما زالت تقلق روسيا ... وحاولنا أكثر من مرة أن نوضح لروسيا طبيعة دور هذه المنظومة، وعرضنا على موسكو مراراً إمكانية التعاون في هذا المجال». وشددت على أن هذه الاتفاقية (ستارت 2) تخص تقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية فقط». وتعد مسألة المصادقة على المعاهدة في برلماني البلدين واحدة من النقاط التي تثير مخاوف عند روسيا، خصوصاً أن البروتوكول الموقع في عام 2002 شهد تأخيراً في مصادقة الكونغرس عليه لسنوات.