استطاع الفنان التشكيلي المصري عبده البرماوي في أول معرض له"وجوه استلا"في أتيليه القاهرة، لفت أنظار زواره واستفزازهم برسمه وجوهاً شديدة التعبير والحساسية. استوحى البرماوي فكرة وعنوان معرضه من تجربته الخاصة لدى زيارته أحد أهم ملتقيات الفنانين والمثقفين في وسط البلد في القاهرة وهي حانة"استلا". يقول البرماوي إنه ليس معتاداً على الذهاب إلى الحانة لكنه في فترة ما أكثر من التردد اليها لأيام متتالية فاكتشف أنها"من الأماكن التي تحتفظ بملامحها ورائحتها إضافة إلى زبائنها". ولعل الوجه هو المعبر الأول عما يكنه الإنسان، وما مر به من خبرات وتراكمات سلبية كانت أو ايجابية، أما العيون فهي كل شيء، تنطق بما تعجز الملامح عن البوح به وتشي بكل التفاصيل المختزنة عن الماضي والحاضر. في"وجوه استلا"يقدم البرماوي مستخدماً الأكريليك ومجموعة ألوان مختلفة، انعكاسًا واضحاً لحيرة الإنسان عموماً وأهل الصنعة الفنية خصوصاً، في هذا العصر القاسي الذي تتضافر فيه الأشياء والعوامل على قهر الإنسان وتقليص جموحه نحو الحرية بمعناها الوجودي الواسع الذي يستوعب الكون كله. لذلك نجد الوجوه جميعها مشوهة ومتنوعة بين بؤس واضح أو استسلام لا يشي بأي رجعة . يقول البرماوي:" صنعت ذلك عبر العمل على حجم الوجه والعين والأنف والألوان والإضافات التشكيلية التي قد تشوه أو تغير الملامح". ويُلاحظ أيضاً في لوحات المعرض، أن ثمة علاقة ما تربط بين الوجوه ليس فقط علاقة المكان الذي يلتقون فيه ولكن علاقة"الوجع"أو الصدمة التي تساوى الجميع في الشعور بها عندما وجد الواقع مغايراً تماماً لتوقعاته. وأطلق البرماوي أسماء ملائمة للوحاته تفسر ما ترمي إليه. فنجد لوحة مقتضبة الملامح بعنوان"انتظار"وأخرى تحمل وجهاً تائهاً بعنوان"نفس"، وواحدة تحمل عدة وجوه وامرأة داخل زجاجة بعنوان"الرغبة"، ووجهاً لرجل شاحب اللون والملامح تحت عنوان" رجل القرن". نشر في العدد: 16772 ت.م: 06-03-2009 ص: 27 ط: الرياض