هل بدأ العد العكسي لعملة اليورو وقيمتها التي وصلت في ماض قريب الى 1.6 للدولار واصبحت الآن حوالي 1.25 للدولار؟ الأزمة المالية العالمية التي بدأت في الولاياتالمتحدة أصابت كل العالم. فقد بدأ التسونامي المالي في الولاياتالمتحدة حيث انهارت الأسواق المالية والصناديق والمؤسسات وأفلست المصارف. فالأزمة التي بدأت في أكبر اقتصاد في العالم وهو الاقتصاد الاميركي بدأت تُظهر منذ أوائل هذه السنة ضعف الاتحاد الأوروبي وانقسامه وتباين أوضاعه الاقتصادية على غرار غياب وحدة سياسته الخارجية. فعلى رغم ان توحيد العملة الاوروبية كان حدثاً تاريخياً في أوروبا فإن الأزمة المالية العالمية بدأت تظهر بشكل جلي انقسامات الاتحاد الأوروبي وعدم اندماج الدول الجديدة التي انتمت إليه مؤخراً. فهناك تباين كبير بين اقتصاد الدول ال27 الأعضاء فيه. والفارق بين معدلات الفوائد على الدين العام بين المانيا والدول الأخرى في الاتحاد زاد بشكل كبير منذ 2008 وتأثرت دول مثل ايرلندا واسبانيا وايطاليا واليونان والبرتغال وبلجيكا بشكل كبير بالأزمة ولو أنها استفادت من اليورو في فترة النمو والانتعاش. فكلفة الانقاذ المصرفي التي قد تضطر هذه الدول الى دفعها ستكون باهظة على بعض هذه الدول. كما ان دولة مثل فرنسا تشهد ارتفاعاً في معدل البطالة لا مثيل له مع خطورة الأزمة الاجتماعية التي تنتج عن هذه الأوضاع. كما ان هناك مخاوف من قبل المستثمرين بدأت مع الأزمة بالنسبة الى الدول الناشئة في أوروبا الوسطى. فالعملات المحلية فيها خسرت من قيمتها إزاء اليورو كما حصل في بولونيا وتشيكيا ورومانيا وهنغاريا. فمنطقة اليورو لم تسرع في الاندماج المالي والاقتصادي لتجعل من اقتصاد أوروبا اقتصاداً موحداً وهو ما سيؤثر على قوة اليورو. فاليورو عملة لا عودة عنها وهي وسيلة قوية لتحقيق الوحدة الاوروبية. وتظهر الأزمة الحالية أن عودة الاقتصاد العالمي الى عافيته يجب أن تأتي من الولاياتالمتحدة، فهي الدولة الكبرى وهي دولة واحدة وليست 27 مثل أوروبا وستبقى العملة الأميركية تهيمن لعقود على الاقتصاد العالمي وعلى التعاملات التجارية العالمية. حتى لو ضعفت مثلما رأينا خلال عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وزادت قيمة اليورو حتى وصل إلى 1.6 للدولار، ومع تدهور قيمة الجنيه الاسترليني إلى حوالي 1.4 دولار بعد أن كان حوالي دولارين، وانخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار، على رغم أزمة اميركية وعالمية لا مثيل لها، لا يزال النفوذ الأميركي وخطة الرئيس باراك أوباما بإمكانهما اعطاء الدولار قيمة اكبر كون الاقتصاد الأوروبي أكثر هشاشة. صحيح أن لا عودة عن العملة الأوروبية الموحدة على المدى المتوسط والطويل، فاليورو عملة ضرورية للاتحاد الأوروبي، إلا أن الذين تحدثوا عن التخلي عن الدولار كعملة اساسية في التجارة العالمية كانوا على خطأ. فعلى رغم كل ما يحدث، يبقى الدولار العملة الأساسية سواء انخفضت قيمته أو تعززت. نشر في العدد: 16770 ت.م: 04-03-2009 ص: 17 ط: الرياض