تمكن سائقو سيارات الاجرة والحافلات والفانات العمومية امس، من شل حركة الطبقات الفقيرة والمتوسطة في لبنان الى حد ما، في ضوء الاضراب الذي نفذوه طلباً لالغاء رسوم وضرائب على صفيحة البنزين والتعويض العائلي والاعفاء الجمركي على الآليات المخصصة للنقل. فالالتزام بالاضراب الذي دعت اليه اتحادات ونقابات قطاع النقل البري لم يكن شاملاً، وسجلت خروق كثيرة في شوارع بيروت وضواحيها، ما فاجأ الناس الذين كانوا احتاطوا لمثل هكذا تحرك خوفاً من تكرار ظاهرة اجبار السيارات على التوقف بالقوة وانزال ركابها ولو تطلب الامر تحطيم زجاجها واشعال الاطارات لقطع الطرق، خصوصاً ان القيمين على هذه النقابات سبق ان حذروا من ان الاضراب"سيشمل حافلات المدارس والجامعات وحتى وسائل نقل البضائع والعمال في المؤسسات والشركات العامة والخاصة". وعلى رغم الخروق فإن قاعات الدراسة في الجامعة اللبنانية في الحدث وحتى في بيروت خلت من الطلاب وكذلك المدارس التي يعتمد فيها الاهل على سيارات الاجرة لنقل اطفالهم، ولم يتمكن عاملون وموظفون يقطنون مثلاً في حي السلم او الشويفات او عرمون ولا يملكون وسيلة نقل خاصة، من الوصول الى مقرات اعمالهم في بيروت والعكس صحيح. وعلى رغم هشاشة التحرك ميدانياً، فإن عشرات السائقين الذين تجمعوا في ساحة رياض الصلح بالتزامن مع بدء عقد الجلسة التشريعية للمجلس النيابي، اصروا على ان الاضراب ناجح واتهموا من يقومون بالخروق ب"أن سياراتهم تحمل لوحات حمراً مزورة وليسوا سائقين عموميين". ولم يكن السائقون العموميون في الساحة وحدهم، فمجموعة تمثل عمال التنظيفات في المدارس والمؤسسات العامة كانت هناك ورفعت مطالبها، ومجموعة تمثل الشباب دون سن ال18 كانت هناك ايضاً وعلقت مطلب خفض سن الاقتراع بالقرب من تمثال الرئيس الصلح. اما الحشد الاكبر فكان للجيش اللبناني وعناصر مكافحة الشغب في قوى الامن الداخلي الذين قطعوا الطرق المؤدية الى شارع المصارف بالعوائق والدروع. وانتظر الصحافيون تظاهرة كان حدد مسارها من محلة الكولا ومن ساحة الدورة لكن لم يصل الا بضع عشرات من نقطة التجمع الاولى، وراح المشاركون فيها يبررون قلة العدد بأن"البقية يركنون سياراتهم"، او ان"لبنان يتمتع بحرية الرأي"، ولم يأت احد غيرهم بعد طول انتظار تخلله سجال بين المشاركين حول اولوية المطالب: هل تتعلق بالبنزين ام بالتعويضات العائلية؟ وتطور السجال الى صراخ وتهديد بأن"شعب لبنان لن يقف الى جانب المرشحين الى الانتخابات النيابية اذا لم يلب النواب الآن مطالبهم"، ما دفع رئيس اتحاد نقابات السائقين العموميين عبد الامير نجدي الى التدخل عبر الميكروفونات قائلاً:"تعرفون اذا بدنا نسكر البلد بنسكرها وما حدا يزايد علينا واليوم اثناء سيرنا من الكولا الى هنا شاهدنا سيارات تعمل وكسرناها في مار الياس، نحن لدينا مطالب واذا لم تتحقق فسنقوم بتظاهرات واضرابات حتى تحقيقها". وتولى رئيس الاتحاد اللبناني لنقابات سائقي السيارات العمومية ومصالح النقل بسام طليس"الاعتذار من الطلاب والموظفين في لبنان والعمال لعدم تمكنهم من الوصول الى اعمالهم ومدارسهم"، وشكرهم على"تحسسهم المسؤولية تجاه السائق العمومي". ولفت الى ان بعض الآليات التي تسير في الشوارع"لا علاقة لاصحابها بالمهنة ولوحاتها خاصة ومدهونة باللون الاحمر، وهي برسم الاجهزة الامنية". وأوضح رئيس نقابة الفانات العمومية عبد الله حمادة ل"الحياة"ان عدد الفانات في لبنان"4 آلاف آلية وعدد الفانات المزورة لوحاتها 12 الفاً والمطلوب قمع السيارات المزورة". اما رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن الذي حضر الى مكان الاعتصام قبل السائقين انفسهم، فركز على رفع"المظالم التي يتعرض لها المياومون في لبنان"، معتبراً ان سياسة الحكومة"الفم الاعوج"، كما تبنى مطلب خفض سن الاقتراع... وكان سمح لوفد من"الاتحاد العمالي"ونقابات"النقل البري"حضور جلسة المجلس النيابي والجلوس بالمقاعد المخصصة للصحافيين. ولبى السائقون في المناطق الدعوة الى الاضراب والتظاهر شمالاً وجنوباً وبقاعاً وتراجعت حركة السير على الطرق وفي الاسواق التجارية، لكن في صيدا تعرض احد الباصات التابع لشركة"باصات الصاوي وزنتوت"الى الحرق على الأوتوستراد الرئيسي بين منطقتي السكسكية والصرفند، لعدم التزام الشركة بالاضراب. وأتى الحريق على الباص بالكامل.