في مؤتمر نظمته القوى السياسية والعشائرية العربية وشارك فيه أكثر من ألف شخصية، تمحور حول ضرورة بلورة خطاب سياسي جديد و"نبذ الارهاب والعنف"، دعت الأحزاب العربية والتركمانية في مدينة كركوك أمس الى سحب قوات البيشمركة الكردية من المدينة ووقف التصريحات المثيرة للخلافات العرقية. واعتبرت التحذيرات من نشوب حرب أهلية في حال انسحبت القوات الأميركية من البلاد قبل انهاء الخلافات على المناطق المتنازع عليها بأنها"غير واقعية". وحضر المؤتمر، وهو السادس من نوعه للقوى العربية في المحافظة، في مركز المعوقين في كركوك ممثلون عن فريق الاعمار المرتبط بالسفارة الاميركية، وتميز بتطور الخطاب السياسي باتجاه"المصالحة الوطنية والتأكيد الواضح والمعلن في نبذ الارهاب والعنف"، فضلاً عن مناقشة امور اقتصادية وثقافية وتربوية. وأوضح رئيس القائمة العربية في مجلس محافظة كركوك محمد خليل الجبوري في تصريح الى"الحياة"أن بعض القيادات الكردية ما زال يشدد في تصريحاته على ضم المدينة إلى اقليم كردستان، أو أنه لن يتخلى عن كركوك، في وقت تتجه فيه المكونات الرئيسية الى الخروج من نفق الأزمات والخلافات السياسية في المدينة. واعتبر الجبوري"تصريحات رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في شأن عدم التخلي عن كركوك مساً بحقوق الاقليات المتعايشة في المدينة وارباكاً لمسيرة الوفاق بين العرب والأكراد والتركمان". وأشار الى أن"الموقف العربي في المدينة ثابت ازاء عراقية المدينة، وليس من حق أي مكون اعتبار كركوك مدينة ذات خصوصية واحدة". واعتبر الجبوري"التحذيرات من نشوب حرب أهلية في حال انسحاب القوات الأميركية من البلاد غير واقعية كون الخلافات لا تزال محصورة في اطار الدستور ولا يمكن نشوب مثل هذه الحرب الفاقدة للمسببات". وكان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني أكد في تصريحات إلى صحيفة"ذي فايننشال تايمز"عدم تخلي الأكراد عن مدينة كركوك، محذراً من نشوب حرب أهلية في حال انسحبت القوات الأميركية من البلاد قبل انهاء الخلافات على المناطق المتنازع عليها بين الحكومتين الكردية والمركزية. ودعا الجبوري في كلمة أمام المؤتمر الى"الوحدة بين العرب والتركمان لتحقيق أهدافنا لكن من دون عنف وعدوان. وعلى رغم ما تعرض له العرب نتيجة الارهاب والخطف والاعتقال والتصفيات والاذلال، فإن علاقاتهم طيبة مع المكونات الأخرى". وقال إن"سياسة لي الاذرع مرفوضة لأنها لا تخدم الأكراد والعرب والتركمان ... وتجاهل أي مكون في كركوك لن يضمن حلاً لمشكلة المدينة". وأكد الجبوري أن"العرب التقوا رئيس الجمهورية جلال طالباني قبل أشهر ورئيس اقليم كردستان، ووعدونا بإرسال لجان لكن من دون جدوى، ورسالتنا هي أنه لا يمكن أن نبقى مفاوضين ... فهناك أطراف تطمح لكسب الوقت". من جهته، قال نائب محافظ كركوك سعيد الجبوري إن العرب"بدأوا يستعيدون ثقلهم بعد غياب نتيجة الارهاب الاعمى خلال السنوات الست الماضية. ندعو لنبذ العنف والتعايش، ونناشدكم عدم التغيب مجددا كي لا يتمكن الطرف الاقوى من فرض سلطته". وقال عضو لجنة تقصي الحقائق في البرلمان النائب عمر خلف جواد إن"كركوك تعني العراق، ولذا فإن حلها هو عراقي ... والبرلمان سيعمد الى اصدار قرار يخص كركوك اذا فشلنا في عملنا". وأضاف:"نعمل منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي من دون دعم الحكومتين المركزية والمحلية، لكن لم يتم تطبيق أي من بنودها لأن تقاسم السلطات والمناصب شرط أساسي لعملنا. سنقدم تقريرنا نهاية الشهر الجاري لكننا سنطلب تمديداً لاتمام أعمالنا". وقال إن قوة"العرب في كركوك تكمن في وحدتهم، فهي السلاح القوي لضمان حقوقهم". وطالب الشيخ عبدالله سامي العاصي عضو مجلس المحافظة بضرورة"اعتماد وضع خاص بكركوك. هذا خيارنا الذي لا يمكن التنازل عنه. كما يجب العمل على اطلاق المعتقلين في سجون الاحتلال وكل السجون الأخرى". أما الشيخ حاتم العاصي، شقيق أمير قبيلة العبيد أنور العاصي الذي نظم مؤتمراً في بغداد حضره رئيس الوزراء نوري المالكي، فقال:"نطالب باعتماد العرف بين المكونات الاساسية في كركوك ولنبدأ من العشائر". ويعني"العرف"تحديد وضعية معينة للتعايش من أجل ضمان الحقوق والواجبات. وأضاف:"لم تكن لدينا مشكلات قبل العام 2003، لكن بعدها تشرذمنا وتقسمنا بعد مجيء احزاب سياسية وبرامجها التي اساءت للواقع العشائري والاجتماعي. فنحن كعرب لا نشعر أبداً بأن الأكراد أعداء لنا". وسرعان ما استدرك قائلاً:"لكن هذا لا يعني أن الوضع متطور، فنحن نخشى وقوع صراع". وقال محمد خليل إن"القيادات العربية اعتمدت منذ شهور مبدأً الحوار مع الجميع، لكن عدم تطبيق الادارة المشتركة يجعلنا نتوجس كعرب من الآخرين، وخصوصاً ازاء عدم تطبيق الوعود التي قطعها رئيس الجمهورية". وأضاف:"أكدنا حصر السلاح بيد الدولة واعتماد مبدأ عفى الله عما سلف، وضرورة أن تشمل المصالحة الجميع من دون استثناء". إلى ذلك، دعا رئيس حزب العدالة التركماني أنور بيرقدار الأكراد إلى سحب قوات البيشمركة من المدينة، مؤكداً أن وجودها"مثار قلق... يهدد التوافقات السياسية كونها قوات تابعة للأحزاب الكردية وليست قوات نظامية". وقال بيرقدار في تصريح إلى"الحياة"إن"بقاء هذه القوات سيضع المدينة في أزمة جديدة، وعلى الحكومة التدخل والمطالبة بسحبها أو إبدالها بقوات عراقية نظامية، وخصوصاً أن مبررات وجودها والتصريحات في شأن شرعية ذلك لا تتفق مع ما يصرح به المسؤولون الأكراد في شأن عائدية المدينة الى اقليم كردستان". وكان وزير البيشمركة الكردية جعفر الشيخ مصطفى أكد في تصريحات أخيراً أن"قوات البيشمركة موجودة في محافظة كركوك وبعض مناطق محافظة نينوى وبقية المناطق المتنازع عليها بناءً على طلب من وزارة الدفاع في بغداد". وأكد"عدم انسحاب هذه القوات في أي شكل من الأشكال حتى انهاء المشكلات في المناطق المتنازع عليها، وفقاً للمادة 140". وزاد:"نحن على أهبة الاستعداد للدفاع عن تلك المناطق وليس في مقدور أي قوة إخراجنا من هناك أو تهديدنا، وسنضحي بدمائنا دفاعاً عن تلك المناطق".