أسفر التدهور الأمني الأخير في العاصمة العراقية، فضلاً عن الخسائر البشرية، عن تداعيات سياسية تصاعدت حدتها مع دعوة نائبي رئيس الجمهورية عادل عبدالمهدي وطارق الهاشمي الى مساءلة قادة عسكريين عن سبب هذا التدهور، ما اعتبره قيادي في حزب رئيس الوزراء نوري المالكي"رسائل سياسية وانتخابية ضد رئيس الوزراء". وكان عبدالمهدي، وهو قيادي في"المجلس الاسلامي الاعلى"، والهاشمي الذي يشغل الامين العام ل"الحزب الاسلامي العراقي، قررا، في اجتماع عقداه أول من أمس، مفاتحة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بعد عودته من رحلته في استراليا، فضلا عن الوزراء الأمنيين، عن أسباب عودة مظاهر التدهور الأمني في البلاد. ودعا الزعيمان في بيان الى رفع مستوى التأهب الامني بعد الحوادث التي حصلت مؤخراً في بغداد. وقال الهاشمي"نحن اليوم في السنة الرابعة من الحكومة الحالية، ويفترض ان يكون الوضع الامني قد استقر في البلاد، لكن العناصر الإجرامية ما زالت قادرة على اختيار المكان والزمان لإلحاق المزيد من الأذى بالمدنيين". وتابع"لذلك اعتقد أن مجلس الرئاسة لا بد له أن يستدعي الوزراء المعنيين للاستفسار لماذا حصل الذي حصل؟ وألم يمكن تدارك هذه الخسائر التي لا مبرر لها؟" من جهته اعتبر القيادي في"حزب الدعوة"النائب سامي العسكري دعوة نائبي رئيس الجمهوية الى مساءلة القادة الامنيين"موجهة الى رئيس الوزراء في محاولة لاظهار الوضع الامني بأسوأ صوره بهدف التأثير على سمعة المالكي، خصوصاً وان الاخير حقق نتائج كبيرة في الانتخابات المحلية بسبب المكتسبات الامنية التي حققها". واضاف العسكري ل"الحياة"ان عبدالمهدي والهاشمي"يحاولان القول ان شعارات المالكي في فرض القانون لم تكن حقيقية". وزاد ان"نائبي الرئيس غير معنيين بالوضع الامني، لأن منصبيهما رمزيان. وكان بإمكانهما إيصال الملاحظات عن طريق القنوات الرسمية، ومنها المجلس التنفيذي، وليس عبر وسائل الاعلام والتصريح بطريقة تسبب الذعر لدى المواطنين". واعتبر العسكري ان"الوضع الامني ما زال جيداً ومتماسكاً"لافتاً الى ان"التفجيرات تحدث في كل بلدان العالم، والعراق لم يتخلص بعد من كل قوى الارهاب الموجودة على اراضيه، لكن الاوضاع في تقدم مستمر". وزاد ان"البعض حاول الربط بين التفحيرات الاخيرة واقتراب موعد الانسحاب الاميركي من المدن، ولكننا نستبعد ذلك لأننا نستبعد وجود اطراف لا ترغب بخروج القوات الاجنبية". وكان رئيس الوزراء، الذي يزور استراليا حالياً أعرب عن ثقته بقدرة الأجهزة الامنية في الحفاظ على الامن والاستقرار بعد مغادرة القوات الاجنبية من العراق عام 2011. من جانبه قال النائب عن كتلة"التحالف الكردستاني"فرياد راوندوزي ان تجدد اعمال العنف في بعض المدن ناتج من وجود"خلايا ارهابية نائمة عاودت نشاطها الارهابي، وهي تحاول توجيه رسائل الى الحكومة العراقية مفادها انها ستستأنف الاعمال الارهابية عند خروج القوات الاميركية من البلاد". وتابع راوندوزي، وهو عضو في لجنة الأمن والدفاع في البرلمان في تصريحات"ان هذه الرسائل جاءت متزامنة مع التصريحات التي اطلقها بعض مناهضي العملية السياسية الذين أعلنوا على شاشات الفضائيات انهم سينفذون اعمالاً مسلحة ضد الحكومة العراقية عند خروج القوات الأجنبية من البلاد". غير ان عضو الجنة الامنية عن"الائتلاف العراقي الموحد"النائب عباس البياتي رأى ان تردي الوضع الامني في بعض احياء بغداد جاء بسبب"تراخي الاجهزة الامنية في التفتيش والتدقيق بعد تحسن الوضع الامني". وقال ل"الحياة"ان"الاجهزة الامنية استهدفت مؤخرا قيادات مهمة في التنظيمات المسلحة، لذا لجأ بعض هذه التنظيمات الى الانتقام لإثبات قدرته على تنفيذ اعمال إرهابية". وشهدت بغداد مؤخراً حوادث امنية متفرقة آخرها التفجيرات التي حصلت في منطقة ابو غريب شمال بغداد الاسبوع الماضي استهدفت تجمعا للمصالحة الوطنية وراح ضحيته العشرات بين قتيل وجريح. نشر في العدد: 16781 ت.م: 15-03-2009 ص: 10 ط: الرياض