شاهدت كغيري من ملايين المواطنين وأبناء الشعب العربي، المهرجان الذي أقيم في ربوع ضواحي الرياض والمعروف باسم مهرجان الجنادرية في نسخته الرابعة والعشرين، وكنت قد شهدت قبل نحو عشرين سنة، فعاليات هذا المهرجان ولمست مدى التطور الذي حدث طيلة العشرين سنة الماضية، وهو تطور ارتقى بمستوى المهرجان كي يكون جديراً بهذا الوطن الشامخ وبالهدف الذي أنشئ من أجله هذا المهرجان. لن أخوض في سرد فعاليات المهرجان وتفاصيله التي أبهرت كل من حضر وشاهد عبر التلفاز تلك الفعاليات، وانما أود أن أنقل ما جاش في صدري من مشاعر الفخر والغبطة والاعتزاز كمواطن ينتمي الى هذا الوطن الحبيب، وهي مشاعر جياشة يصعب على قلمي التعبير عنها بالقدر الذي غمرني أثناء مشاهدتي فعاليات ذلك المهرجان. لقد جاء هذا المهرجان الذي يقام كل سنة في مثل هذا الوقت، في وقت حساس ومضطرب سادت فيه مشاعر الإحباط والقلق جراء انعكاسات أزمة الأسواق المالية المحلية والعالمية على حياة الكثيرين، فأعطى هؤلاء جرعة كبيرة من الأمل والتفاؤل بمستقبل هذا الوطن المعطاء خصوصاً في الكلمة او الكلمات التي صاغها يراع الشاعر المبدع الأمير بدر بن عبدالمحسن، فوطن يملك كل هذه الإمكانات من الإبداع والأفكار والإيحاءات والقدرة على العطاء، لا يمكن إلا أن يشيع في نفوس المواطنين تلك المشاعر الجياشة من الفخر والاعتزاز والأمل والتفاؤل بالمستقبل الزاهر الذي ينتظره في ظل هذه القيادة الرشيدة التي تكرس كل طاقاتها وامكاناتها لما فيه خير هذا الوطن ورفعته وازدهاره. لقد جسد يراع شاعرنا المبدع بدر بن عبدالمحسن تلك المشاعر بما عرف عنه من إحساس وطني مرهف وتعابير صادقة وجمل موسيقية ترجمتها ريشة الفنان الكبير عبدالرب إدريس الذي تفوق على نفسه في هذه الأوبريت، فجاءت ألحانه وإيقاعاته متجانسة ومنسجمة مع الأوبريت وإيحاءاته الوطنية السياسية التي نجحت بامتياز في إيصال الرسالة التي أراد إيصالها الشاعر المبدع الى قلب كل مشاهد ومستمع، فتكاملت كل عناصر النجاح لهذا العمل الإبداعي الذي زينته ابتكارات المصمم الفنان يحيى البشري للأزياء التي اختال فيها الفنانون الكبار وأعضاء فريق التمثيل والرقص التعبيري، ما أضفى على العرض رونقاً مميزاً أدخل البهجة الى قلوب المشاهدين. تحية إكبار وتقدير لكل من ساهم بجهده وفكره وإشرافه على نجاح هذا العمل وهنيئاً لنا بوطن أنجب لنا مثل هؤلاء المبدعين الذين ما هم إلا صورة مشرقة لغيرهم من المواطنين في كل حقل من حقول التنمية وإيحاءاته والإنتاج والعطاء وكل عام وأنتم بألف خير. * سفير سعودي سابق. نشر في العدد: 16779 ت.م: 13-03-2009 ص: 14 ط: الرياض