مراهق يضع قبعته بطريقة عكسية، ويرتدي سروالاً فضفاضاً من الجينز الأزرق، يتوسط فتاتين من عمره، ويشترك معهما بتوزيع قصاصات ورق. وحدها ال"تي شيرت"السوداء تتكرر على أجسادهم، ومن قبلهم ثلاث فتيات أخريات يرتدين ال"تي شيرت". وفي حين خطّت كلمة Feminist، وتعني"نسوية"، عليها من الأمام، فقد تمركز رمز الأنثى على ظهرها، وتمّ تبديل الخط في أسفله بقبضة يد. وعلى رغم أن وجود ذكر واحد بينهن يحتّم علينا التوجه إليهن بصيغة المذكّر، إلاّ أن تواجده بينهن على ذاك الرصيف أعطى لتحركهن طابعاً مختلفاً. لم يكونوا وحيدين، ولم يقتصر تحركهم على شارع الحمرا في بيروت وإنما امتد الى شوراع رئيسة مختلفة في العاصمة اللبنانية: بليس، جميزة، برج حمود، فرن الشباك، عين الرمانة، رأس النبع، الشياح، مار الياس، ساسين، وعين المريسة... اتخذوا من"المجموعة النسوية"في لبنان اسماً لهم، وانتشروا في الشوارع كمجموعات. سبعون شخصاً تقسموا إلى مجموعات ظللّها وجود ذكر في أحيان، وفي أحيان أخرى طبعها الوجود النسوي فقط."النسويات"نزلن إلى الشوارع قبل أيام، في مناسبة يوم المرأة العالمي، وحاولن الكلام مع كل أنثى تمر في تلك الشوارع حتى ولو كانت من جنسية مختلفة، ويطرحن في كل مرّة الأسئلة الثلاثة الآتية: ما رأيك في حقوق النساء في لبنان؟ ما هي المشكلة الكبرى التي تواجهينها بصفتك امراة؟ ما هي المشاكل الملحّة التي تواجهها النساء في محيطك؟ قبضة اليد، التي تتوسط رمز الأثنى، ترمز إلى الدعوة الى الدفاع عن حقوق المرأة والتضامن من أجل تحسين وضعها، لا سيما في ظلّ"جهل"المرأة اللبنانية بحقوقها. وسعت"النسويات"إلى مناقشة أنواع العنف والإساءة إلى المرأة، من الإساءة أو العنف المنزلي وصولاً إلى"التلطيش"في سيارات الأجرة أو في الشارع، أمور اختارها أعضاء"المجموعة النسوية"، من جديد، أثناء تحركهن، عندما تمّ التعامل معهن بسلبية من قبل بعض الرجال. وتعتبر المنسقة في"المجموعة النسوية"ندين معوّض أن تحركهن يهدف إلى تغيير الأمور على أرض الواقع بطريقة أكثر عملية. وتضيف:"إن المؤتمرات والمناسبات الخاصة بيوم المرأة العالمي، تتكرر كل عام، والوجوه الحاضرة تتكرر"، موضحة أن الهدف من وراء النزول إلى الشارع هو ملامسة واقع المرأة اللبنانية من قرب والعمل على وقف الانتهاكات بحقها رافعات شعارات الاعتراف بالمرأة واعطائها حقوقها كافة بعيداً من كل أنواع العنف الذي يمارس بحقها. "النسويات"عرّفن"النسوية"، في القصاصات التي وزعّنها على المارّة باللغة اللبنانية المحكية، على أنها تهدف للوقوف بوجه كل أنواع التمييز الجندري والطبقي والطائفي والحزبي والثقافي الجنسي. وأن النسوية تعني أيضاً أن تقتنع المرأة بأنه يمكنها أن تكون جميلة حتى من دون أن تكون على مقاييس الجمال"الدارجة"، ولها الحق بالتصرف بجسمها وجنسيتها، وإنهاء أشكال التمييز والعنف، فضلاً عن حقها في تبوء أي منصب في الدولة إدارياً وسياسياً. وتختتم النسويات تعريفهن بالقول:"وبالمرأة نعني كل مرأة شو ما كان لونا، دينا، جنسيتا، مهنتا وطبقتا الاجتماعية". نساء تجاوبن وتحرك"النسويات"وأخريات رفضن التعليق، منهن من تكلّمن بوضوح كاشفات عن معاناة ما، وأخريات قلن أن وضعهن جيد جداً... بعض الرجال وقفوا يتأملون ما يحصل ويطالبون ب"المساواة"، قائلين ان حقوق الرجل في لبنان هي المهدورة... مع شرح بسيط من الشابات وشبان"المجموعة النسوية"، ومع طرح سؤال بسيط، على سبيل المثال عن"حق منح الجنسية للأطفال، أو حقوق الحضانة"تدرك المرأة أن حقوقها منقوصة، ويسترجع الرجل بعد ثوانٍ مكانة وضعه التي تفوق وضع النساء بدرجات. وتطلق مارة تحية كبيرة لل"نسوي"الذي يتوسط ال"نسويتين"وتتوجه إليه مباشرة طالبة منه شرح التحرك. وبعد أن أوضح أن انضمامه إلى المجموعة ينطلق من أنه مع حقوق المرأة ومنها"كيف يحق لرجل اغتصب امرأة التكفير عن ذنبه بقبوله الزواج منها؟ سائلاً عن رأي المرأة في ذلك؟"، تكمل المرأة مفردات إعجابها به وتقول وهي تكمل طريقها:"بدك زقفة". نشر في العدد: 16778 ت.م: 12-03-2009 ص: 20 ط: الرياض