تتألف العين من طبقات عدة بدءاً بالغشاء الذي يغطي سطح القرنية، مرورا بالقرنية والقزحية والحدقة وعدسة العين، وانتهاء بالشبكية. وانفصال الشبكية مرض غير شائع، ولكنه خطر جداً في حال إهماله، وهو يشاهد عادة عند متوسطي الأعمار وما فوق، واكثر ما يشاهد لدى الذين يعانون قصر البصر الشديد، أو الذين اجروا عمليات لإزالة الماء الأبيض، أو الذين تعرضوا لإصابات رضية مباشرة على العين. والشبكية التي تقع في مؤخرة المقلة تعتبر أهم جزء في العين، وهي عبارة عن طبقة رقيقة وشفافة جداً لا تتعدى سماكتها صفحة كتاب، وتتألف في شكل أساسي من خلايا عصبية مهمتها تحويل صور الأجسام الساقطة عليها الى إشارات كهربائية تنساب الى العصب البصري ومنه الى المركز البصري في مؤخرة الدماغ ليجسدها على شكل صور ناطقة. وعند تكبير الشبكية بواسطة المجهر الإلكتروني نجد أنها تتكون من عشر طبقات لكل منها خلاياها وتركيباتها الخاصة التي تميز الواحدة عن الأخرى. ولكن من الناحية التشريحية فان شبكية العين تتألف من طبقتين هما: الطبقة الطلائية الصبغية، والطبقة العصبية الداخلية. والشبكية تفرش حوالى ثلثي العين من الداخل وهي ترتكز على طبقة تعرف بالطبقة المشيمية التي تحتوي على شبكة غنية بالأوعية الدموية وظيفتها الرئيسة إمداد الشبكية بالغذاء والأوكسيجين، وفي حال انفصال هاتين الطبقتين الأخيرتين عن بعضهما يقال عندها انه حصل انفصال في الشبكية، ويشبه هذا الانفصال الى حد بعيد قلع شجرة من جذورها وتركها من دون هواء ولا ماء الأمر الذي يعرضها الى الذبول والموت الحتمي. ما هو سبب انفصال الشبكية؟ هناك ثلاث أنواع من انفصال الشبكية: 1- انفصال الشبكية الأولي، وهو الأكثر انتشاراً، ويحصل بسبب تمزقات وثقوب في شبكية العين تكون بمثابة ممرات تتسرب عبرها السوائل متوغلة من بين طبقة الشبكية والطبقة المشيمية ما يؤدي الى انفصالهما عن بعضهما وبالتالي حصول مرض انفصال الشبكية، وهناك عوامل عدة تساهم في حصول هذا النوع من انفصال الشبكية، منها: * انفصال الجسم الزجاجي عن الشبكية، الذي هو عبارة عن مادة جيلاتينية هلامية تملأ تجويف العين، ولكن مع التقدم في العمر ينكمش هذا الجسم وينفصل من مكان التصاقه مع الشبكية في القسم الخلفي للعين. * قصر النظر الشديد. * التهابات العين. * رضوض العين. * الجراحات التي تجري للعين. * وجود تاريخ مرضي في العائلة. 2- انفصال الشبكية الإنشدادي، ان الإلتصاقات وتشكل الأنسجة الليفية تعمل على جذب الشبكية نحو مركز العين محدثة تمزقات وثقوب تفصل طبقة الشبكية عن أمها الطبقة المشيمية. اما الأسباب المؤدية الى هذا النوع من انفصال الشبكية فهي: - اعتلال الشبكية السكري. - انسداد الأوعية الدموية المغذية للشبكية. - فقر الدم المنجلي. - إصابات العين النافذة. - اعتلال الشبكية للأطفال المولودين قبل الأوان. 3- انفصال الشبكية النضحي، ويحدث هذا الانفصال عقب وقوع خلل يطال الأوعية الدموية الأمر الذي ينتج عنه انسياب السوائل وتكومها تحت الشبكية دافعة إياها بعيداً عن الطبقة المشيمية، ومن الأسباب التي تقود الى مثل هذا الانفصال: - أمراض وراثية تصيب الأوعية الدموية. - التهابات العين. - أورام العين. ما هي العوارض التي نراها في انفصال الشبكية ؟ قد يحصل ان انفصال الشبكية فجأة ومن دون سابق إنذار، أو انه قد يعطي جملة من العوارض والعلامات، ومنها: * رؤية ومضانات ضوئية آنية تستغرق لحظات من الثانية. * تشوش في الرؤية والإحساس بوجود غشاوة أمام العين. * مشاهدة أجسام داكنة كالذباب الطائر في مجال الرؤية. * تبدل في الأحجام المرئية. * ضعف في الإبصار. * انخفاض ضغط العين. * انعكاس الضوء الأحمر في شكل رمادي. يشخص انفصال الشبكية بناء على العوارض التي يحملها المصاب معه الى الطبيب المختص الذي يقوم بدوره بفحص قاع العين لرؤية أي تبدلات طارئة وتسجيلها، وفي حال التأكد من وجود الانفصال يشرع في العلاج المناسب، وفي القسم الأكبر من الحالات يمكن إصلاح الشبكية باستخدام أشعة الليزر، او العلاج بالتجميد، او العلاج بحقن فقاعات صغيرة من غاز خاص مثل غاز"سلفاهيكسافلورايد"أو غاز"بيرفلوروبروبين"ويحظر هنا ركوب الطائرة إلا بعد انقضاء فترة يقررها الطبيب المعالج. وطبعاً هناك خيارات علاجية أخرى مثل تحزيم صلبة العين باستعمال حلقة غير مرئية من السيليكون للضغط على الشبكية وتثبيتها في مكانها، أو إزالة الجسم البلوري بعملية جراحية، ويلجأ الى هذه التقنية عند وجود انفصال واسع في شبكية العين. إن نجاح إصلاح شبكية العين المنفصلة يعتمد على أمرين: الأول، كلما كان الانفصال في الشبكية صغيراً وقريباً من طرفها كانت النتائج أفضل. والثاني، كلما قصرت الفترة الزمنية الفاصلة بين حدوث الانفصال ووقت العملية أعطت نتيجة افضل، وكلما طالت الفترة كانت النتيجة اكثر سلبية الى درجة انه أحياناً لا يمكن إصلاح الانفصال بتاتاً. ما السبيل الى الوقاية من انفصال الشبكية؟ لا توجد وسائل معينة تسمح بالحماية من حدوث انفصال الشبكية، في المقابل هناك أشخاص إذا توافرت لديهم عوامل خطر معينة عليهم ان يبادروا الى الفحص الدوري للعين من اجل كشف الانفصال في أطواره الأولى قبل ان يستفحل. أما عوامل الخطر التي من شأنها ان تؤدي إلى انفصال الشبكية فهي الآتية: - قصر النظر. - الداء السكري. - انكماش الجسم البلوري للعين. - انفصال الشبكية في إحدى العينين. - إصابة العين الرضية. - ترقق شبكية العين. - الخضوع لعملية الساد إزالة الماء الأبيض. في الختام لا بد من التذكير بأهمية مراجعة الطبيب المختص في أمراض العيون عند المعاناة من أية عوارض أو علامات انفصال الشبكية التي أشرنا اليها أعلاه، لأن أي تلكؤ في الأمر يفسح المجال لحدوث أذيات وتليفات في الشبكية من شأنها ان تقلل من نسبة نجاح إصلاح الشبكية وبالتالي إضعاف الرؤية. ومن جهة أخرى نشير هنا الى انه ليس كل من يعاني من ومضانات في الرؤية أو من ذباب طائر يعني انه سيصاب بانفصال في الشبكية، ولكن من الضروري الاستشارة في شأنها. نشر في العدد: 16778 ت.م: 12-03-2009 ص: 27 ط: الرياض