تزامن إعلان الشرطة الإسرائيلية اعتقال"أكبر شبكة للاتجار بالنساء في إسرائيل"، وصدور قرار في شأن الرئيس الإسرائيلي السابق موشيه قصاب، بتهمة اغتصاب موظفتين عملتا تحت إمرته في إحدى الوزارات وفي ديوان الرئاسة. واللافت في هذا التزامن أنه تمّ في الثامن من آذار مارس الجاري، وبالتالي في يوم المرأة العالمي. الإعلان جاء في ضوء تزايد الانتقادات الى الجهازين القضائي والتنفيذي لقصورهما الفاضح في محاربة آفة"استعباد"النساء و"الاتجار بهن"لأغراض الجنس والمتعة. وفي حين تؤكد الشرطة الإسرائيلية تهريب أكثر من 2000 امرأة من مختلف أنحاء دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، وإكراههن على امتهان"الزنا"، فإن منظمات تكافح هذه الآفة تتحدث عن ضعف هذه الأرقام. وتكشف جمعية"حاييم"حياة أنه يتم"استيراد"مئات النساء، سنوياً، على أيدي عصابات إسرائيلية تعمل مع المافيا الروسية، وأن غالبية النساء اللواتي يتم تهريبهن واستعبادهن للجنس في إسرائيل هنّ في العشرينات من العمر، ومن بينهن فتيات قاصرات. ويشير أحد التقارير إلى أن حوالى 90 في المئة من النساء العاملات في الزنا في إسرائيل، يُهرّبن بعد استدراجهن بواسطة إعلانات"كاذبة"، ويُكرهن على العمل في فرع يحقق دخلاً يصل الى قرابة بليون دولار سنوياً، إضافة إلى أنّّ هؤلاء"المستعبدات"يتعرضّن إلى سرقة أموالهن من قبل أرباب العمل. وكانت يوليا، الروسية، أدلت بإفادة أمام اللجنة البرلمانية المكلفة متابعة الموضوع، وفيها ان مالكها يتقاضى مبلغ 200 شيكل من كل زبون، لكنه يدفع لها 10 شواقل فقط. أما الباقي فينتزعه منها تحت ستار تغطية تكاليف إحضارها الى إسرائيل وتكاليف الإقامة والطعام والكساء. وأضافت، انها بعد أشهر، ومشكلات ومراجعات لرب عملها، بدأت تتلقى مبلغ 30 شيكلاً عن كل زبون، وعندها فقط تمكنت من إرسال بعض النقود الى أسرتها في مولدافيا، التي قيل لها إن ابنتها تعمل في مهنة شريفة في إسرائيل. يوليا استدرجت عبر إعلان يعرض عملاً في إسرائيل مقابل أرباح مالية جيدة. ووافقت على العمل، على رغم معرفتها بأنه سيتم إدخالها الى إسرائيل بطريقة غير قانونية، شرط أن تستغرق فترة عملها في إسرائيل سبعة أشهر. وقالت:"المحطة الأولى كانت في موسكو، في بيت تواجدت فيه 10 إلى 12 امرأة ينتظرن تسفيرهن الى إسرائيل. بعد ذلك اشترينا تذاكر السفر في رحلة سياحية الى مصر. وعند وصولنا الى مصر تم توزيعنا في فنادق عدة، ومن ثم جاءت الرحلة في الصحراء، عبر طرق جبلية وعرة وملتوية. وعندما وصلنا الى الحدود مع إسرائيل استقبلنا مضيفونا البدو، تناولنا الشاي، وبعد ذلك جرونا الواحدة تلو الأخرى واغتصبونا ثم أوقفونا في صف واحد وعدونا كي لا يطرأ أي خطأ لأنهم يتقاضون مبلغ 1000 دولار عن كل رأس". وتواصل يوليا الحديث عن مصاعب الطريق الى إسرائيل حتى وصولهن الى مدينة لا تعرف اسمها، وهناك تم انتزاع أموالهن وأوراقهن الثبوتية، لتبدأ رحلة الإكراه على العمل في الزنا. وفي تقرير، أعدّه يونتان ايرليخ تمهيداً لمناقشة الموضوع في البرلمان الإسرائيلي، اتهم الجهاز القضائي بتشجيع جرائم استعباد النساء وإكراههن على العمل في الزنا، بسبب عدم تمسكه بالقانون الذي يحدد عقوبة بالسجن تصل الى 16 عاماً على كل من يتاجر بالبشر لأغراض الزنا. ولكن ايرليخ يعتبر أن المحاكم الإسرائيلية تمتنع عن فرض هذا العقاب، مستنداً الى أن أقصى عقوبة فُرضت على متهم بالاتجار بالنساء بلغت 13 عاماً، فيما لم تتجاوز الأحكام الأخرى عقوبة السجن لأربع سنوات. ويشير تقرير ايرليخ الى إغلاق حوالى 60 في المئة من الملفات من دون صدور أحكام بحق المتهمين أو تم التوصل الى صفقات خففت من العقوبة. وتشكك جمعية"حاييم"برغبة إسرائيل في محاربة هذه الظاهرة في شكل حقيقي ووضع حد لها، وتوظّف اعتقال هذا المشبوه أو ذاك، فقط كي ترفع من مكانتها في القائمة الى مرتبة الدول التي لا تلبي المعايير الأميركية كافة، إذ أن القانون الأميركي يمنع الإدارة الأميركية من تحويل أموال الى الدول المشار إليها في القائمة السوداء كدول تشجع المتاجرة بالبشر لأغراض الزنا واستعباد الأولاد لأغراض الجنس. نشر في العدد: 16778 ت.م: 12-03-2009 ص: 20 ط: الرياض