انعكست الأزمة الاقتصادية العالمية على الصناعات النسيجية في سورية، والتي تعد عصباً هاماً ومصدراً أساسياً للدخل القومي في البلاد. وتبدت تداعيات الأزمة مع بروز تقارير عن إقفال نحو 80 مصنعاً نسيجياً أبوابها، بسبب ازدياد الضغوط على أصحابها نتيجة الأزمة المالية العالمية، إضافة إلى ما تشهده هذه الصناعات من معوقات وصعوبات. وحذر نائب رئيس غرفة صناعة حلب إداورد مكرنبة من أن كثيراً من المصانع الصغيرة والورش الصناعية في مدينة حلب مهددة بالإغلاق نتيجة الأزمة العالمية التي بدأت تداعياتها تظهر على الاقتصاد السوري لاسيما الصناعي منه. وأشار خلال اتصال هاتفي مع وكالة"يونايتد برس إنترناشونال"إلى"انخفاض أسعار المنتجات في الدول الأخرى وبخاصة النسيجية، والانفتاح الذي يشهده السوق السوري والذي جاء بلا ضوابط ومن دون حماية للصناعة الوطنية، أديا إلى هذه الأزمة". وقال:"كثير من المعامل لم يتوقف في شكل كامل ولكن في شكل جزئي فمن كان يشغل 10 آلات في معمله اكتفى بثلاث بل وأقل. هذا الأمر أدى إلى تداعيات أخرى لها علاقة بفقدان فرص العمل"، لافتاً إلى أن"كلفة إنتاج المواد أكبر من المواد المستوردة الجاهزة بالإضافة إلى وجود تلاعب في البيانات الجمركية لهذه المستوردات". وأضاف أن الصناعيين بدأوا"يتخلون عن أرباحهم السابقة والتي تتجاوز نسبته ال30 في المئة ليقبلوا بخمسة إلى ستة في المئة". وكانت غرفة"صناعة حلب"رفعت أخيراً مذكرة إلى وزارة الصناعة السورية عرضت فيها النقاط التي تقف وراء عرقلة تطور الصناعات النسيجية في سورية، وقدمت عدداً من المقترحات واعتماد حل عملي ومباشر من خلال فرض سعر أدنى هو دولاران للكيلوغرام الواحد من الغزول، وخمسة دولارات للأقمشة بكافة أنواعها، و15 دولاراً للألبسة المستوردة بكافة أنواعها، بحيث توحد آلية عمل الجمارك وتحد من التلاعب. واقترحت المذكرة وضع آلية لتعويض الخسارة في القطاع الصناعي الخاص أسوة بالقطاع العام، وبخاصة أجور العمال وتأميناتهم، وفرض رسوم جمركية إضافية على السلع والبضائع النسيجية والألبسة المستوردة لحماية الإنتاج الوطني ومنع الإغراق أسوة بالعديد من الدول. وشددت على ضرورة التدقيق لدى أمانات الجمارك في عمليات التصدير عند منح شهادة اليورو تبيان أن مصدر القماش أو الغزول الوطني أو من دول الاتحاد الأوروبي لتفادي حرمان الصادرات السورية من الإعفاء الجمركي. وأكد مدير شركة"السعد"الدوائية سعدالله كردي أن الصناعات الدوائية هي أقل قطاعات الصناعة تأثراً بالأزمة وقال:"لايستطيع الناس الاستغناء عن الدواء"، مضيفاً ان"الأزمة المالية العالمية كان لها أثرٌ إيجابي في انخفاض أسعار المواد الأولية للصناعات الدوائية فما كان يستورد بخمسمائة دولار للكيلو لبعض المواد الأولية الآن أصبح سعره 150 دولاراً". يشار إلى أنه يوجد في سورية 48 معملاً دوائياً، بينها 32 معملاً في مدينة حلب توفر 85 في المئة من حاجة السوق السورية من الدواء. ولفت كردي إلى أن هناك" سبعة معامل قديمة في مدينة حلب مهددة بالإغلاق لأن إنتاجها لا يتوافق مع المواصفات العالمية"، مشيراً إلى أن"الدواء السوري يمتلك سمعة جيدة في الأسواق العالمية ويصدر إلى العديد من الدول منها العراق واليمن والجزائر وبعض دول أميركا الجنوبية". وأقرت الحكومة السورية في جلستها الأسبوعية الثلثاء الماضي استجابة للمذكرة التي رفعها الصناعيون مجموعة من الإجراءات لحماية الصناعة السورية ومنها تحديد سعر بيع الطن من مادة الفيول ب7500 ليرة سورية، وسعر بيع الطن من مادة الاسمنت الأسود بستة آلاف ليرة سورية. وكانت الحكومة رفعت سعر الطن من مادة الفيول بواقع ثلاثة آلاف ليرة سورية في مطلع ديسمبر"كانون الأول"الماضي، ليصل إلى تسعة آلاف ليرة سورية، الأمر الذي رفع كلف الانتاج خاصة وان العديد من المصانع والمعامل لجأت إلى استخدام الفيول في سورية، وذلك بعد رفع أسعار المشتقات النفطية، خصوصاً المازوت في أيار مايو من العام الماضي. وتضمنت الإجراءات إيقاف منح إجازات الاستيراد الخاصة باستيراد مادة الاسمنت الأسود، وتعطى مهلة محددة لتسوية أوضاع رخص الاستيراد الممنوحة قبل تاريخه، وذلك للحد من انخفاض أسعار الاسمنت ما يضر بصناعة الاسمنت السورية. وأقرت الحكومة أيضاً إلغاء العمل بنظام المخصصات الصناعية وإلغاء العمولات خلال مدة سنة من تاريخه وعلى ست مراحل وتعطى الأولوية لمستوردات الصناعة النسيجية. وشملت الإجراءات والتوجهات الحكومة السورية أيضاً تقديم تسهيلات مصرفية ومالية من خلال إعفاء قروض الصناعيين المتعثرة من الغرامات وفوائد التأخير في حال تسديدها حتى نهاية العام الحالي. ومن بينها توجهات لدعم الصناعة وإعادة النظر بالرسم الجمركي على المواد الأولية والمكونات والمنتج النهائي في الصناعات الهندسية السورية بما يوفر أجواء المنافسة العادلة للمنتجات الوطنية، بالإضافة إلى إعداد دراسة حول تطوير الحسم الضريبي الديناميكي بما يشمل التصدير واستخدام المواد الأولية المحلية. وفي ما يخص الصناعات النسيجية، لحظت الإجراءات توحيد الرسوم الجمركية على كافة أنواع الخيوط القطنية على أن يحدد مقدار الرسم بالتنسيق مع ممثلي صناعات الغزل والنسيج والملابس في غرف الصناعة. ويضاف إلى ذلك توحيد الرسوم على الأقمشة القطنية والأقمشة الممزوجة المستوردة التي تزيد نسبة القطن فيها على 65 في المئة ويحدد الرسم بالتنسيق مع ممثلي منتجي النسيج والملابس في غرف الصناعة، ووضع حد أدنى لأسعار الدخول على الألبسة المستوردة، بالإضافة إلى دراسة موضوع تشجيع الصادرات من غزول، ونسيج وملابس، على ضوء صدور قوانين هيئة تنمية وتشجيع الصادرات وصندوق دعم الصادرات وقانون اتحاد المصدرين. نشر في العدد: 16747 ت.م: 09-02-2009 ص: 23 ط: الرياض