نظمت"دار الكتب المصرية"لقاءً مفتوحاً مع القاص المصري سعيد الكفراوي، تحدث خلاله عن مساره الأدبي الممتد منذ ستينات القرن الماضي. قدم اللقاء الروائي فؤاد قنديل بقوله إن أعمال الكفراوي تتضمن أموراً تجعل منه"كاتباً مختلفاً"، منها التطابق التام بين العالم الذي يكتبه وشخصيته، فضلاً عن أنه حدد ملامح مشروعه الأدبي مبكراً. ورأى قنديل أن الكفراوي"يعيش فقط على الذاكرة، وهي التي تمده بكل شيء"، مشيراً إلى أن"عمره لا يتجاوز 15 عاماً، بمعنى أنه قرر متعمداً التوقف عن كتابة التجارب الجديدة لكي يحافظ على بكارة التجربة الأولى، فيستدعي من القرية وحياته الأولى ملامح القيم والأسلاف وما يمكن أن يصبح بعد ذلك أدباً، وهي مقدرة يوصف بها القليل من الأدباء أمثال بورخس ويحيى حقي وخيري شلبي". ولاحظ قنديل أن صاحب"سدرة المنتهى"ما زال يعتمد على"الحنين إلى الماضي"، وهو ملمح رئيس لشخصيته، ويبدو جلياً في عناوين مجموعاته القصصية، ومنها"دوائر من حنين"، و"حكايات الناس الطيبين"، و"ستر العورة". وتحدث الكفراوي عن عالمه الأدبي، موضحاً أنه تجسد في القصة القصيرة باعتبارها الشكل الأمثل لنمط من السرد حاول من خلاله التعبير عن تجربته الإنسانية. وذكر أنه سعى إلى تأمل المنطقة الأشد التباساً في أرواح الناس،"تلك المنطقة التي تحتشد على نحو مدهش بخيال أهل القرى والجماعات المغمورة في المدن، وتغتني بتجليات الحكي والمأثور". وقال الكفراوي عن نفسه:"أنا أحد الكتاب الذين لا يستهويهم النص السهل المباشر، المفضوح الدلالة، ولكن يستغرقني النص الذي يحمل سؤال المصير، المعني بجدليات الحياة والموت والقرية والمدينة والواقع والأسطورة والمكان والزمان، سؤال الماضي الذي يمثل عندي كل الأزمنة، سؤال الحسية الجسدية، والاقتحام الفطري للجسد". وأضاف:"أنا كاتب قصة شديد البؤس، رحل جيله ومن جاء بعده إلى زمن الرواية وتركوه في عراء هذا الفن المهموم بالجماعات المغمورة من الفلاحين والموظفين ومكسوري القلب والمجروحين والذين لا أمنيات كبيرة لهم"، مشيراً إلى نماذج عدة اجتذبته بينها"موت موظف"لتشيكوف، و"بيت من لحم"ليوسف إدريس، و"الزعبلاوي"لنجيب محفوظ، وقال:"أنا أحب هذا الشكل من الكتابة وأحاول في ما أكتبه أن أقرب المسافة بين السارد وصوت القصة حتى يتطابقا". نشر في العدد: 17069 ت.م: 28-12-2009 ص: 33 ط: الرياض