استضافت بيروت أخيراً حدثاً اتصالياً مزدوجاً، تمثل في انعقاد مشترك ل"الندوة العالمية التاسعة لمنظمي الاتصالات"GSR و"المنتدى العالمي الثاني لقادة الصناعة"GILF، برعاية الرئيس ميشال سليمان ممثلاً بالوزير جبران باسيل. ويعتبر هذا المؤتمر العالمي أولاً من نوعه في تاريخ قطاع الاتصالات اللبناني. ونظر كثيرون الى هذا الأمر باعتباره من المؤشرات التي تدلّ على تعافي لبنان من أزمات السياسة، خصوصاً تلك التي تتالت منذ اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري. استمر المؤتمر أربعة أيام، وحمل عنوان:"التدخل أم عدم التدخل؟ تحفيز التنمية عبر اعتماد أنظمة فعالة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات". ونظّم المؤتمر"مكتب تنمية الاتصالات"يعرف باسمه المختصر"بي دي تي"BDT، التابع ل"الاتحاد الدولي للاتصالات""إنترناشيونال تلكوميونيكشنز يونيون"International Telecommunications Union بالتعاون مع"الهيئة المنظمة للاتصالات""تلكوميونيكشنز ريغيولاتوري إيجانسي"Telecommunications Regulatory Agency في لبنان. وجمع رؤساء الهيئات المنظمة للاتصالات من البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء، كي تتشارك الرؤية وتتبادل الخبرات وتناقش المواضيع التقنية والسياسية والعملانية واللوجستية التي تخص قطاع الاتصالات عالمياً. ويلاحظ أن هذا الحدث الاتصالاتي جاء استجابة للقرار 29 الذي صدر أخيراً عن"المؤتمر العالمي لتنمية الاتصالات"World Telecommunications Development Centre مقرّه الرئيسي في قطر. وقد صادق القرار المذكور على مبادرات تنمية قطاع الاتصالات التي صدرت عن"الاتحاد الدولي للاتصالات"، والمتعلقة بقضايا ذات صلة بالشركات العاملة في هذا القطاع، وفقاً لتوصيات اجتماع حديث ل"الفريق الاستشاري لتنمية الاتصالات"Telecommunications Development Advisory Group عُقد في جنيف. وحضر المؤتمر المزدوج عدد كبير من المهتمين والهيئات الراعية، إضافة إلى قرابة 750 مشاركاً شركات متخصّصة وهيئات مُنظّمِة ومزودي خدمات من 100 بلد، من القطاعين العام والخاص. الاتصالات والتوازن الاجتماعي استُهلّ الحدث الاتصالي المزدوج بمؤتمر صحافي للوزير باسيل الذي شدد على وجوب ردم الهوة الرقمية بين لبنان وبقية الدول التي تتقدمه في الاتصالات، إضافة الى ردم تلك الهوّة عينها داخل أراضيه أيضاً لإحلال التوازن الاجتماعي والاقتصادي. وشدّد على دور الدولة في قطاع الاتصالات في لبنان، عارضاً تجربته الشخصية في وزارة الاتصالات. وطرح ورقة سياسة لقطاع الاتصالات معتبراً إياها وثيقة قابلة للنقاش والتقويم في المؤتمر. وفي سياق متصل، تحدث مدير"مكتب تنمية الاتصالات"سامر البشير، الذي ذكّر بأهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحقيق التنمية في الدول المعاصرة. وتحدث الدكتور كمال شحادة رئيس"الهيئة المنظمة للاتصالات"ورئيس"الندوة العالمية التاسعة لمنظمي الاتصالات"، عن التزام الهيئة تحرير سوق الخدمات المتصلة بالإنترنت السريعة، الذي يحمل عبر ما يُسمى ب"الحزمة العريضة"، لبنانياً ودولياً. وأكّد الجاهزية لإكمال مسيرة تحرير الاتصالات الخليوية والدولية العام 2010، ومعالجة بقية الاختناقات التي تصيب خدمات"الحزمة العريضة"، مذكراً باعتماد هذه المهمة على التزامات السياسة العامة للدولة اللبنانية. وفي نفس مُشابه، تطرق الدكتور سعد البرّاك المدير التنفيذي في"مجموعة زين"ورئيس"المنتدى العالمي الثاني لقادة الصناعة"، إلى الأزمة الاقتصادية العالمية التي تنعكس على الجميع. وطالب بالبحث في سُبُل استخدام قطاع الاتصالات كأداة فعالة لمواجهة المصاعب، مُعدداً المبادرات التي يجدر المبادرة الى إطلاقها، مثل تخفيض تكاليف وصول الإنترنت السريعة عبر التوصيلات ذات الحزمة العريضة. واعتبر أنه كان ينبغي تفعيل تلك الخطوة منذ زمن طويل، من خلال التوصّل إلى قرارات عملية قابلة للتنفيذ، في شأن مشاركة البنى التحتية والتزامات الخدمة العالمية الشاملة. وفي سياق متصل، تحدّث الدكتور حمدون ثورية الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات فقال:"تكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات هي في صلب كل النشاطات في العالم الحديث، إذ تؤدي دوراً حاسماً في التعليم والصحة والعمل". واعتبر أن"قطاع المعلوماتية والاتصالات جزء من الحل لا المشكلة في ظل التحديات المعاصرة، بالنظر الى مرونته". وفي شكل عام، حرص المشاركون على وصف الحدث الاتصالي المزدوج بأنه فرصة لحوار مفتوح في شأن الأنظمة الفعالة لتكنولوجيا المعلومة والاتصالات، بين المنظمين والشركاء الرئيسيين في القطاع في لبنان. وأشاروا الى أن النقاش يساهم في تعزيز موقع بلاد الأرز على خريطة الاتصالات العالمية. وبيّنوا أن الحدث يشكّل فرصة لتبادل الخبرات بين المشاركين، وتسليط الضوء على أثر الأزمة المالية العالمية، ووضع النقاط اللازمة لتحدي تأمين تواصل عالمي كامل في القرن الحادي والعشرين، وتعميق مفهوم"التكنولوجيا الخضراء". وعلى مدى 4 أيام، ناقش المشاركون في الحدث الاتصالي في بيروت مسائل مثل التنظيم الفعال في عالم التقارب، والتحديات الجديدة لمنظمي الاتصالات، وأثر الأزمة المالية على المعلوماتية والاتصالات، وضرورة حماية المستهلك مع تلبية توقعات المستعملين، وسياسات النفاذ الشامل في القرن الحادي والعشرين، والتوصيل بين اتصالات بروتوكول الانترنت والاتصالات التقليدية، والتوصيل النهائي في الخدمة المتنقلة، ودخول الأسواق في عالم التقارب بين تقنيات المعلوماتية والاتصالات، عالم المهاتفة باستعمال"بروتوكول الصوت عبر الانترنت"وغيرها. توصيات متنوّعة ولكن... وفي اختتام الفعاليات، أصدرت الهيئة المنظمة للاتصالات في لبنان بياناً عن أعمال"الندوة العالمية التاسعة لمنظمي الاتصالات". تضمن البيان توصيات شددت على ضرورة تعزيز التقارب بين الهيئات المنظمة للاتصالات والشركات العالمية في ذلك القطاع، سعياً لتطوير أسواق تكنولوجيا المعلومات والبث. ورأت أن هذا التعزيز يتمثل في خطوات أبرزها مشاركة الهيئات في وضع المعايير الدولية للتقارب، ونشر الوعي عن أهمية النفاذ الشامل إلى خدمات الحزمة العريضة، وبناء مؤسسات تنظيمية فعالة ترعى هذه العمليات، وضرورة التعاون مع وكالات أخرى معنية بحقوق الملكية الفكرية. ودعت التوصيات إلى تشجيع نشر البنى التحتية لشبكات"الحزمة العريضة"لا سيما في المناطق النائية، وتحويل الاهتمام إلى أسواق الجملة. وتناولت تلك التوصيات دور الحكومات، مقترحة عليها أن تأخذ في الحسبان استعمال الأموال العامة لتمويل انتشار البنى التحتية في المناطق التي لا يكون فيها استثمار القطاع الخاص كافياً، إلى جانب دورها مع الهيئات المنظمة في تحفيز الطلب على خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطبيقاتها. نشر في العدد: 17038 ت.م: 27-11-2009 ص: 28 ط: الرياض