قدم النائب الكويتي ضيف الله بورمية استجواباً للنائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع الكويتي الشيخ جابر المبارك الصباح، هو الرابع من نوعه في مجلس الأمة خلال أسبوع، والثالث في حق عضو من الأسرة الحاكمة، أولهم رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد. الاستجوابات الأربعة أوجدت بين الكويتيين حالاً من"الزهد"في الديموقراطية التي تنتهجها بلادهم منذ مطلع القرن العشرين، لكن التشاؤم الذي أثارته الاستجوابات الأخيرة، أفضى الى حوار كويتي مختلف هذه المرة، وتجاوز النقاش قضية تعليق المجلس أو العكس، الى طرح اسئلة جدية وعميقة حول لعبة الاستجوابات. وبدأ الكلام من سؤال مهم: هل الأسرة الحاكمة في الكويت ترفض عملياً الديموقراطية بمعناها الكامل؟ فالقانون يجيز استجواب الوزراء، لكن الحكومة ترفضه، وكأن هناك صفقة بين بعض النواب، وأطراف في الأسرة الحاكمة، مضمونها، انتم تطلبون الاستجواب، ونحن نرفض، ونبقى دائماً في منتصف الطريق، ونشل البلد، وتتوقف عجلة التنمية، الى ان يترسخ اقتناع لدى الناس بأن الديموقراطية مشروع للتعطيل، بدليل خروج تظاهرة تطالب بإغلاق مجلس الأمة. فريق آخر يستبعد فكرة"الصفقة"، ويرى في تزايد الاستجوابات مؤشراً الى رغبة عند النخب في اقصاء الأسرة الحاكمة من رئاسة الوزارة ، ونقلها الى أبناء الشعب، وتقليد النموذج الأردني: اجعل رئيس الوزراء من غير الأسرة، وإذا اخطأ اعزله، وآت بغيره، الى أن يصبح الشعب الكويتي كله يلقب ب"معالي الشعب الكويتي"، أسوة بالشعب الأردني الذي يلقب نصفه ب"دولة الرئيس". لكن هذه الرغبة ستجعل الوزراء من أبناء الأسرة يأتمرون بقرار من مواطن، وكأن النخب تريد الوصول الى معادلة"لكم الحكم ولنا ادارته". الفريق الثالث يرى أن لا علاقة للنخب أو غيرها بهذه اللعبة، فالشعب الكويتي، مثل غيره من شعوب الخليج، متمسك بالأسر الحاكمة، وليس في وارد الحديث عن دورها ومكانتها، ومؤمن بأنها المعادل الموضوعي للوطن، وأن ما يجري مؤشر الى خلافات داخل الأسرة الحاكمة، تحركها رغبة الجيل الثالث في الوصول الى الحكم عبر استجواب الكبار، والضغط على الأمير لتغييرهم بالشباب من أبناء الأسرة. الأكيد أن هذا النقاش دليل على ان التجربة الديموقراطية في الكويت ليست مزيفة أو مفتعلة، إلا انها لم تنضج بعد، لكن المهم ان الأسرة الحاكمة في الكويت تعتبرها، حتى الآن، جزءاً من شرعيتها، وترى الإساءة اليها مساً بكرامتها الوطنية. وأمام هذا الموقف ربما وجد الشيخ صباح الأحمد ان لا مناص من الجيل الثالث. نشر في العدد: 17032 ت.م: 21-11-2009 ص: 3 ط: الرياض