تقوم شركات عقارية واستثمارية إسرائيلية وبلدية تل أبيب بتنفيذ مخطط تهويدي غير مسبوق لمدينة يافا الفلسطينية العريقة، سيؤدي حسب توقعاتها، إلى مضاعفة عدد السكان اليهود في المدينة خلال العقد القريب وإلى تهجير آلاف السكان العرب منها، سواء من خلال شراء بيوتهم بمبالغ طائلة أو إخلاء سكانها بالقوة وتنفيذ مشاريع إسكانية ضخمة خاصة بالأغنياء اليهود. في المقابل تخشى البلدية والمستثمرون من هبة شعبية عربية ضد التهجير والتهويد تقوّض هذه المشاريع وتفشل المخطط. وتتركّز المشاريع التهويدية التي تفوق موازنتها مئات ملايين الدولارات، في حي العجمي التاريخي الشهير والأحياء العربية الأخرى القريبة من البحر. ويبرز بين هذه المشاريع مشروع بناء حي سكني يشمل 1300 وحدة سكنية للأغنياء اليهود الفرنسيين في بيارة مملوكة لفلسطيني. وتتوقع الشركة المتعهدة أن تنهي بناء الحي في غضون خمس سنوات. كما اشترت شركة إسرائيلية أخرى بثلاثين مليون دولار 50 في المئة من حقوق ملكية أرض بمساحة خمسة دونمات الدونم 1000 متر مربع ومبنى المستشفى الفرنسي العريق في البلدة القديمة بغرض تحويله إلى فندق خمس نجوم من 130 غرفة، وستبني حوله شققا سكنية للأغنياء. من جهتها، وكما أفادت صحيفة"يديعوت أحرونوت"، تخصّص بلدية تل أبيب التي تقع مدينة يافا تحت نفوذها، أكثر من 250 مليون دولار للاستثمار في مدينة يافا خلال العقد القريب. وأعلنت البلدية التي أهملت المدينة عشرات السنين وضيقت الخناق على أهلها وهدمت آلاف البيوت الفلسطينية في أحيائها، أن مشاريعها تهدف إلى تحويل يافا إلى مدينة سياحية عالمية جذّابة. وصرّح مسؤول كبير في البلدية بأنه"كلما جمّلنا المدينة أكثر وطورناها، سيرغب المزيد من الناس بالقدوم إليها والسكن فيها وسيكونون مختلفين عن عرب يافا من ناحية وضعهم الاجتماعي الاقتصادي". وعلى أثر هذه المشاريع التهويدية الضخمة التي تأتي ضمن برنامج مركّب لتهويد المدينة وتهجير سكانها وهدم بيوتها وطمس معالمها ومصادرة أوقافها وتشويه تاريخها، يزداد الغضب الشعبي في أوساط أهالي يافا حيال هذا المخطط الذي يهجّرهم فعليا من مدينتهم ومن تجاهل حقهم في المسكن، حيث لا يمكنهم ماديًا شراء البيوت في المشاريع الجديدة حتى من يبيع بيته بمبالغ طائلة تشترط عليه الشركات عدم الحصول على بيت في المشروع. كما لا توّفر لهم البلدية أو وزارة الإسكان أي حلول لأزمة المسكن، ما يهدّد كل الوجود العربي في هذه المدينة. وأعربت بلدية تل أبيب والشرطة والشركات العقارية عن تخوفها الشديد من انفجار عنيف تتوقع حدوثه بين السكان العرب احتجاجاً على التهويد المتصاعد، ما قد يؤدي إلى هروب المشترين الأغنياء وفشل المشاريع، كما حدث بعد هبة المواطنين العرب في يافا خلال تشرين الأول أكتوبر عام 2000 التي أدت إلى انخفاض أسعار البيوت بأكثر من 60 في المئة من سعرها وإلى إفلاس المبادرين الاقتصاديين. نشر في العدد: 16738 ت.م: 31-01-2009 ص: 14 ط: الرياض