أثارت الدراسة المعمقة حول اندماج الأجانب والمهاجرين في ألمانيا التي نشرها معهد برلين للسكان والنمو مطلع الأسبوع الحالي بعد استطلاع نفذه أخيراً، موجة من النقاش حول جدية نتائجها والمعايير التي اعتمدتها للوصول إلى استنتاجاته. وأظهرت الدراسة وجود ثغرات كبيرة في موضوع الاندماج بصورة عامة، وفشلا ذريعاً في اندماج الأتراك بصورة خاصة، على رغم كونهم أقدم الفئات المهاجرة إلى ألمانيا. ودلت الدراسة أيضاً الى أن القادمين من دول الشرق الأوسط في وضع اندماجي غير مرض رغم أنهم من أكثر الأجانب تعلماً، لكن نسبة البطالة بينهم عالية. واعتمد واضعو الدراسة عشرين معياراً لقياس مدى تحقق الاندماج في المجتمع الألماني مثل اكتساب الجنسية الألمانية، والزواج من ألمان، ومستوى التعليم، والبطالة، ومعدل ربات البيوت والنساء العاملات، ومعدل العاملين والموظفين من أصول أجنبية في المؤسسات العامة. وللمرة الأولى تُجري الدراسة مقارنة بين المجموعات المهاجرة اعتمدت فيها على النتائج التي ظهرت عام 2005 بعد استطلاع آراء 800 ألف أجنبي وأظهرت للمرة الأولى في حينه ان 20 في المئة من السكان في ألمانيا ذي جذور أجنبية، ما يعني 15 مليون نسمة من أصل 82 مليوناً. وتبيّن أيضا أن لكل ثالث طفل تحت سن السادسة في ألمانيا حالياً أصول أجنبية. وقالت المستشارة أنغيلا مركل إنها صدمت للوهلة الأولى من استنتاج واضعي الدراسة بأن وضع الاندماج في ألمانيا غير جيد وغير سليم، لكنها قالت إن ألمانيا"لا يمكن أن تترك الطاقات الموجودة لدى المهاجرين بدون رعاية واهتمام". وشددت على ضرورة"توفير كل الفرص للأطفال من أجل ضمان مستقبل أفضل لهم". وقالت مفوضة الحكومة لشؤون الاندماج ماريا بومر إن حكومتها بدأت عام 2005 في توجيه قضايا الاندماج وتحديد محور التعليم كأهم محاور خطة التفاعل مع المجتمع الألماني، وهي تتوقع التمكن من رفع المستوى التعليمي للأطفال من جذور أجنبية حتى عام 2012. وعلى مستوى المجموعات بيّنت الدراسة أن المهاجرين من الدول المنضوية في الاتحاد الأوروبي هم الأفضل اندماجاً في ألمانيا، يليهم المهاجرون من أصل ألماني القادمون من روسيا ودول أوروبية شرقية أخرى، ثم المهاجرون من الشرق الأقصى. أما المجموعة الأقل اندماجاً أو استعدادا له فهي مجموعة الأتراك الذين وصلوا إلى ألمانيا ابتداء من أواخر الستينات وشكلوا نوعاً من الغيتويات أينما حلوا. ولا يزال قسم كبير من الأتراك في ألمانيا يرفض أخذ الجنسية الألمانية أو تعلم اللغة بصورة جيدة ويشعر بارتباط قومي وديني قوي مع بلده. وبرز ذلك بصورة خاصة خلال الجولة التي قام بها رئيس الحكومة التركية طيب رجب أردوغان قبل نحو عامين على المدن الألمانية التي يتواجد الأتراك فيها بكثافة حيث حضهم على عدم الاندماج في المجتمعات الأوروبية والحفاظ على هويتهم وجنسيتهم. وأظهرت الدراسة أيضاً أن 30 في المئة منهم لا يملكون شهادة مدرسية للمقارنة فإن 3 في المئة فقط من المهاجرين من أصل ألماني لا يملكونها فيما حصل 14 في المئة منهم فقط على الشهادة الثانوية. أما عددهم في الجامعات الألمانية فقليل جداً. ورداً على الدراسة المدوّية حذر مركز إسّن للدراسات التركية من خفة المقارنات بين الأرقام"بدون الالتفات إلى الأسباب الواقعية لوضع الأتراك المتدني، ما يؤدي إلى استنتاجات خاطئة وغير دقيقة"على حد تعبير الناطق باسمه ديرك هالم. وأخذ رئيس الجماعة التركية في ألمانيا كينان كولات على واضعي الدراسة تجاهلهم الوضع الاجتماعي والتعليمي للمهاجرين الأتراك، قائلا إن الاستقطاب طال الفئات التركية الدنيا حيث أن مشاكلهم لا تختلف كثيراً عن مشاكل الفئات الألمانية الدنيا مع فارق أن الأخيرة لا تشكل أكثر من 13 في المئة من مجمل الألمان. نشر في العدد: 16736 ت.م: 29-01-2009 ص: 13 ط: الرياض