أوقفني عاشق فقلت: لمن تحمل الوردة؟ حبيبتك سيخطفها القصف عما قليل وستغدو كمشة من رماد فلا تغامر من اجل الحب. أوقفتني عاشقة فقالت: لي حبيب سيجيء... ربما في الهدنة أستطيع أن أصفف شعري وأن أشُك دبوساً على شكل قوس قزح في صدري وأركض في الساعة الأخيرة إليه وأظن أن الوقت سيحالفني عكس حظي المفزوع من صوت القنابل. أوقفني الصغير وقال: قبل أيام كنا نلعب في أزقة القطاع ولسوء فهم اختلفت مع الصغيرة لم اقصد أن أثير زوبعة من الصراخ في وجهها ولكن شأن الدمية شأني وشأن الصغيرة أنها لم تفلح في إقناعي بأن الدمى تروح وتأتي مثل الطائرات. أوقفتني الصغيرة فقالت: مات أحمد لم يوفره القصف كان سعيداً بالألعاب الفوسفورية المضيئة ولم يعلم الصغير أنه احترق مثل الفراشات من دون أن يحدث جلبة أوقفتني امرأة فق لت: أرى الناس يحملون ابنك كأن خطباً ما لم يصبه فلم أرَك، كان الفتى يسيل من شدقه خيط من الأزهار الحمر وكنت ألمح ابتسامته الخجولة. أوقفتني المرأة ذاتها مرة أخرى فقالت: كان البيت يكتظ بالأبناء وكان أوسطهم يحضر الماء الساخن كي يكنس أولى الشعرات البكر عن ذقنه لكنهم كلمح البصر غادروا جميعاً على الأكتاف كحقيبة في يد فتاة ذهبت كي تلاقي حتفها. أوقفني الرجل الحزين وقال: كنت أرتب الأصداف في حوض السمك وكنت أمشط شعر"جميلة" وأهشّ النمش الطفيف عن صدرها لكنها... الطائرات لم تنتظر حتى أربط خصر العروس بشال أنوثتها فطارت أشلاؤها مع شالها من شرفة المنزل. أوقفني الملثم بكوفيته وقال: ما الحاجة الى الاختباء أو الاختفاء بعد قليل سيفتضح الأمر وستزفنا الصواريخ إلى حتفنا ولن يعرف لي قبل كي يدرى عني دبر وستعرفني الأيائل من ثيابي ومن قلادة خبّأتها في جيبي أما أنا، أوقفني المشهد، فقلت في نفسي: كيف يصير الموت خبزاً فنشتهيه وننتظر حصتنا من الموت ونمشي إلى المقابر أسرة، أسرة نحمل وثائقنا المدنية ودفاتر العائلة. * شاعر وصحافي فلسطيني نشر في العدد: 16730 ت.م: 2009-01-23 ص: 21 ط: الرياض