اظهرت اميركا اللاتينية تعاطفها مع الفلسطينيين وامتعاضها من اسرائيل وقطعت فنزويلا وبوليفيا خلال الاسبوع علاقاتهما الديبلوماسية مع اسرائيل احتجاجاً على الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة والمجازر فيه، في تعبير عن المواقف الاكثر تشدداً في اميركا اللاتينية التي يغذيها نفور شديد من الولاياتالمتحدة. في الوقت نفسه رشق متظاهرون السفارة الاسرائيلية في الارجنتين بالاحذية. جاء ذلك في وقت شهدت لندن تظاهرة حاشدة شارك فيها الآلاف احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي وللمطالبة بوقف فوري للنار في غزة. وبعد بوليفيا بساعات قطعت الحكومة الفنزويلية الاربعاء علاقاتها الديبلوماسية باسرائيل بينما واكبهما الرئيسان الاكوادوري رافائيل كوريا والنيكاراغوي دانيال اورتيغا، فوصف الاول العملية الاسرائيلية"بالمذبحة"والثاني"بالابادة". ورأى المتخصص الفنزويلي في العلاقات الدولية كارلوس روميرو ان ذلك الموقف ناجم عن"التسييس الكبير لقضية الشرق الاوسط في اميركا اللاتينية والعلاقة القائمة بين سياسة اسرائيل الخارجية والولاياتالمتحدة". وقال انه في اميركا اللاتينية"ثمة اجماع يرى ان البحث عن السلام في المنطقة يجب ان يفصل عن الانتقادات الموجهة لاسرائيل للافراط في استخدام القوة العسكرية". ومنذ بداية الهجوم الاسرائيلي على القطاع دعا معظم حكومات اميركا اللاتينية، بما فيها كولومبيا والمكسيك القريبتان من واشنطن، اسرائيل الى وقف الغارات. وخلافا لمواقف فنزويلا وبوليفيا المتشددة، فضلت البرازيل الامتناع عن انتقاد اسرائيل صراحة والقيام بمحاولة وساطة بهدف التوصل الى وقف الاعمال العدائية. وتأمل البرازيل، وهي اكبر دولة في اميركا اللاتينية، اقتصاديا وجغرافيا وسياسيا، من ذلك تعزيز مصداقيتها لانتزاع عضوية مجلس الامن الدولي في حال اصلاحه. وارسلت ايران، التي تعتبر نفسها مدافعة عن المصالح الفلسطينية في قطاع غزة، 22 مبعوثا الى عواصم عدة، لممارسة ضغط اقتصادي على اسرائيل وفق ما اعلنت ديبلوماسية طهران. واتخذت بوليفيا قرارها بعد ساعات من تسلم الرئيس ايفو مورالس رسالة من نظيره الايراني محمود احمدي نجاد دعاه فيها الى العمل على اتفاق دولي حول قطاع غزة. وافادت مصادر ديبلوماسية في كراكاس ان الحكومة الفنزويلية التي طردت السفير الاسرائيلي في السادس من كانون الثاني يناير، استقبلت قبل ذلك وزير الصناعة الايراني علي مهربيان لكن لم يتم التطرق لقطع العلاقات مع اسرائيل. وتقول فنزويلا ان قرارها ناجم عن الاستنكار الذي تثيره اسرائيل في الاممالمتحدة. واعربت الحكومتان الفنزويلية والبوليفية اللتين تحولتا في نظر الفلسطينيين الى بطلتين، عن عزمهما رفع شكوى ضد اسرائيل امام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية. واعلن سفير فنزويلا لدى منظمة الدول الاميركية روي تشادرتون ان اسرائيل تمارس قانون الثار"معدلاً"وقال امام المنظمة"هذا ليس العين بالعين والسن بالسن بل اصبح الامر: اذا قتلتم واحدا منا نقتل 500 منكم ... واذا قصفتني بصواريخ من صنع يدوي فأرد بصواريخ مسيرة بالليزر واف - 16". وفي بوينس ايريس قال مصدر في الشرطة ان متظاهرين ينتمون الى الجالية العربية الارجنتينية امطروا بالاحذية السفارة الاسرائيلية شجباً للعدوان على غزة. وبعدما استمعوا قرب السفارة الاسرائيلية الى خطب انتقدت الهجوم الذي يشنه الجيش الاسرائيلي على القطاع خلع المتظاهرون احذيتهم وقذفوا بها السفارة الاسرائيلية التي امنت لها الشرطة حماية مشددة. وكتب المتظاهرون الذين لفوا اعناقهم بالكوفية وانضم اليهم عناصر من منظمات يسارية، على اللافتات"اسرائيل اخرجي من فلسطين"و"اوقفوا المجازر في غزة". وفي الفاتيكان افاد بيان ان البابا بنديكتوس السادس عشر ارسل مساعدة مادية الى المؤسسات الكاثوليكية المتواجدة في قطاع غزة لمساعدة سكانها الذين يتعرضون الى"ازمة انسانية خطيرة". واعلن المجلس البابوي"كور اونوم"، المكلف علاقات الفاتيكان الخيرية، ان البابا"اعرب مراراً عن تعاطفه مع اخواننا واخواتنا المقيمين في قطاع غزة الذين طالما يعانون كثيراً من النزاع المتواصل الذي تسبب في ازمة انسانية خطيرة". واعلن المجلس انه ارسل"باسم البابا"مساعدة الى الطائفة الكاثوليكية الصغيرة التي تعمل عناصرها في"خدمة الاكثر عرضة الى الخطر على الارض التي ولد فيها المسيح والمعرضة اليوم الى الموت والمعاناة والخسائر المادية في حين يذرف السكان الدموع تطلعا الى السلام". وفي الرباط افاد مصدر رسمي مغربي ان الجسر الجوي الذي اقيم بين المغرب ومصر لنقل المساعدة لسكان قطاع غزة انتهى مساء الخميس. وافادت"وكالة الانباء المغربية"الرسمية ان العملية سمحت بنقل 234 طناً من المساعدات لفلسطينيي غزة على متن 18 طائرة اقلعت من قواعد عسكرية مغربية. واعلن المغرب انه مستعد لاستقبال 200 جريح فلسطيني فوراً في مستشفيات متخصصة في الرباط وقد وصلت الاسبوع الماضي مجموعة اولى من المصابين على متن طائرة عسكرية من العريش الى العاصمة المغربية. وفي الجزائر ذكرت"وكالة الانباء الجزائرية"ان خمس جزائريات واطفالهن السبعة عشر وصلوا مساء الجمعة الى العاصمة الجزائرية بعد اجلائهم من غزة عن طريق معبر رفح. واوضح بعض النساء اللواتي وصفن وصولهن الى الجزائر بأنه"اعجوبة"ان ازواجهن منعوا من اجتياز الحدود في رفح. وفي نواكشوط رحبت فعاليات سياسية ونقابية موريتانية أمس بقرار الحاكم العسكري الجنرال محمد ولد عبدالعزيز تجميد العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل واعتبرته خطوة ايجابية لكنها اعتبرتها"غير كافية"وطالبت بقطع العلاقات كافة مع الدولة العبرية. ووصف حزب تكتل القوى الديمقراطية، اكبر حزب في موريتانيا، استدعاء السفير الموريتاني في تل أبيب ب"الخطوة المهمة"مشدداً على أن التجميد"لا يُغني عن قطع العلاقات المشينة مع هذا الكيان الخارج على القانون، المستهتر بالشرائع السماوية والمواثيق الدولية". وبارك حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي المعارض للانقلاب التجميد واعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح، وطالب بالقطع النهائي لهذه العلاقات. و في جنيف، تجمع مئات الاشخاص، بينهم العديد من الاطفال، امام المقر الاوروبي للامم المتحدة في جنيف احتجاجا على الهجوم الاسرائيلي المستمر على قطاع غزة. وارتدى متظاهرون كثر قمصانا او ثيابا بيضاء تحمل كتابات بالاحمر بينها كلمة"غزة". وهتف هؤلاء"اسرائيل ارهابية"و"اوقفوا مجزرة الشعب الفلسطيني"، ثم وضعوا اقمشة بيضاء على الارض ترمز الى"عدد القتلى في غزة"، وفق ما اوضح حافظ ورديري احد منظمي التحرك الذي قال لوكالة"فرانس برس":"لم يمت هؤلاء من اجل لا شيء. لقد ماتوا من اجل حرية الفلسطينيين". وشارك العديد من الاطفال في التظاهرة، وحمل كثيرون منهم لافتات حملت عبارة"اوقفوا المجزرة". واضاف ورديري:"طلبنا من كل اولادنا دعوة رفاقهم في المدرسة للانضمام إلينا لأن الاطفال باتوا رمز من هم ضحايا هذا النزاع". وفي عمان، دعت احزاب المعارضة، وابرزها حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية ل"الاخوان المسلمين"في الاردن، والنقابات المهنية امس الشعب الاردني الى مقاطعة الشركات والمنتجات الاميركية احتجاجا على الدعم الاميركي للهجوم العسكري الاسرائيلي على قطاع غزة. وبدأت الحملة بإحراق صناديق فارغة تحمل علامات وشعارات ودلالات لبعض من هذه المنتجات الاميركية، بالاضافة الى صناديق خضروات وفواكه اسرائيلية، وذلك امام مجمع النقابات المهنية في منطقة الشميساني غرب عمان وسط هتافات"الموت لأمريكا واسرائيل"و"البضائع صهيونية على ارض اردنية"و"الله اكبر". وحمل عشرات الاشخاص لافتات كتب عليها""انصر غزة وقاطع البضائع الاميركية والصهيونية"و"اذا قاطعت فأنك لن تموت واذا لم تقاطع فأن غيرك سيموت". من جانبه، اكد حمزة منصور رئيس اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع ان"مقاطعتكم للبضائع الاميركية والاسرائيلية ستؤدي الى حرمانهم من شراء الاسلحة التي يقتلون بها ابناءنا في غزة". وفي تونس، جاب آلاف التونسيين شوارع العاصمة في مسيرة ضخمة دعا اليها الاتحاد العام التونسي للشغل طالبوا فيها الانظمة العربية نصرة المقاومة في غزة وفتح باب الجهاد والكف عن ترديد شعارات السلام مع اسرائيل. وقدرت مصادر نقابية عدد المتظاهرين بنحو 12 ألفا من العمال الذين نادوا الحكام العرب بنسيان خلافاتهم الى حين والالتفات الى عدو واحد هو اسرائيل. وعلى بعد 200 متر من محيط السفارة المصرية، نشرت السلطات المئات من قوات مكافحة الشغب وآلات لرش المتظاهرين بالمياه تحسباً لمهاجمة المتظاهرين مقر سفارة مصر التي تواجه انتقادات بأنها تغلق معبر الرفح الحدودي. ووقف المتظاهرون امام السفارة المصرية مرددين شعارات"اللي حاصر واللي خان شارك في العدوان"، و"ارفعوا ايديكم على القضية يا عملاء الامبريالية". وفي اثينا، كما تظاهر اكثر من الف شخص في اثينا وعدد من المدن اليونانية الاخرى تلبية لدعوة منظمات مناهضة للحرب ومهاجرين وفوضويين احتجاجا على الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة. وحصلت التظاهرة على دعم ابرز نقابتين في البلاد، وهما اتحاد الموظفين واتحاد العمال. وتجمع متظاهرون في ساحة سينتغما قبل التوجه الى سفارة اسرائيل على بعد ثلاثة كيلومترات من وسط المدينة. وتقدمت المسيرة مجموعة من ثلاثين فلسطينيا تحمل علما فلسطينيا، فيما كتب على اللافتات"اخرجوا الان من فلسطين"و"فلسطين حرة"و"اوقفوا المذبحة الان"و"ارفعوا ايديكم عن غزة". وجرت تظاهرتان ايضا في لاريسا وسط وتريبوليس في البيلوبونيز جنوب. نشر في العدد: 16725 ت.م: 18-01-2009 ص: 10 ط: الرياض