سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
واشنطن تخشى طرد قواتها من العراق إذا سمحت للطائرات الإسرائيلية بانتهاك أجوائه . أنباء عن تملص بوش من طلب إسرائيل تزويدها قنابل لمهاجمة منشأة نووية إيرانية
قال مسؤولون اميركيون وأجانب بارزون ان الرئيس الاميركي المنتهية ولايته جورج بوش رفض طلباً سرياً تقدمت به اسرائيل السنة الماضية لتزويدها قنابل خارقة للملاجئ المحصنة، كي تستخدمها في مهاجمة المنشأة النووية الرئيسة في ايران. وأبلغ بوش الاسرائيليين انه سمح بعمليات سرية جديدة تستهدف تخريب الجهود الايرانية المفترضة لتطوير اسلحة نووية. ولم يستطع المسؤولون في البيت الابيض ان يحددوا في شكل حاسم ما اذا كانت اسرائيل قررت شن الهجوم قبل اعتراض الولاياتالمتحدة، او اذا كان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت يحاول ان يدفع بوش للتحرك في شكل اكثر حسماً قبل انتهاء ولايته في الشهر الجاري. لكن ما ارعب ادارة بوش في شكل خاص، هو طلب اسرائيل ان تحلّق طائراتها في أجواء العراق كي تصل الى المنشأة النووية الايرانية الرئيسة في ناتانز، حيث محطة تخصيب اليورانيوم الوحيدة المعروفة في البلاد. وقال مسؤولون أميركيون ان البيت الابيض رفض هذا الطلب فوراً، وتراجع الاسرائيليون عن خططهم، في شكل موقت على الاقل. لكن المناقشات المتوترة دفعت البيت الابيض ايضاً الى ان يعزز تبادل المعلومات الاستخباراتية مع اسرائيل، وأن يبلغ المسؤولين الاسرائيليين عن جهود اميركية جديدة لتخريب البنية التحتية النووية الايرانية في شكل ذكي، وهو برنامج سري كبير يوشك أن يسلمه بوش الى الرئيس المنتخب باراك اوباما. وتم الحصول على هذه المعلومات من خلال مقابلات اجريت في الشهور ال 15 الماضية، مع مسؤولين اميركيين حاليين وسابقين، وخبراء في الخارج، ومفتشين نوويين دوليين ومسؤولين اوروبيين وإسرائيليين. وحُذفت من هذه المقالة تفاصيل عدة حول جهود واشنطن لتخريب البرنامج النووي الايراني، بطلب من مسؤولين بارزين في الاستخبارات والادارة الاميركية، لتجنب الأضرار بعمليات مستمرة. وتوحي المقابلات بأنه فيما أُطلع بوش في شكل موسع على خيارات شن هجوم اميركي علني يستهدف المنشآت الايرانية، لم يأمر الرئيس الاميركي مطلقاً وزارة الدفاع البنتاغون بتجاوز خطط الطوارئ، حتى خلال السنة الاخيرة من رئاسته، بخلاف ما أوحى به بعض المنتقدين. وأشارت المقابلات ايضاً الى ان مسؤولين بارزين في الادارة، على رأسهم وزير الدفاع روبرت غيتس، اقنعوا بوش بأن أي هجوم علني على ايران لن يكون فعالاً على الارجح، وسيؤدي الى طرد المفتشين النوويين الدوليين، وجعل الجهود النووية الايرانية مخفية في شكل أكبر. وناقش بوش ومساعدوه أيضاً احتمال ان تثير اي ضربة جوية حرباً واسعة في الشرق الاوسط ستتورط فيها في شكل حتمي القوات الاميركية المنتشرة في العراق وعددها 140 الفاً. وبدلاً من ذلك، اختار بوش زيادة العمليات السرية التي تستهدف ايران، بعدما خلص الى ان العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها فشلت في إبطاء جهود تخصيب اليورانيوم. والبرنامج الاميركي السري الذي بدأ مطلع العام 2008، يشمل جهوداً اميركية متجددة لاختراق شبكة الامدادات النووية الايرانية في الخارج، اضافة الى جهود جديدة، بعضها تجريبي، لضرب أنظمة الكهرباء والكومبيوتر وشبكات أخرى تعتمد عليها ايران. ويشكك بعض المسؤولين في ادارة بوش في فرص نجاح هذه الجهود، مشيرين الى ان الايرانيين اكتشفوا جهوداً سابقة لتقويض برنامجهم النووي، ادت فقط الى تأخير اندفاعهم لكشف أسرار تخصيب اليورانيوم، وليس تخريبها. ومنذ انتخابه، أُطلع اوباما في شكل مكثف على المعلومات حول التحركات الاميركية في ايران، على رغم ان مساعديه الانتقاليين رفضوا التعليق على الامر. وعلى اوباما في مرحلة مبكرة من رئاسته، ان يقرر ما اذا كانت العمليات السرية التي بدأها بوش تستحق المخاطرة بتعطيل تعهده باعتماد ديبلوماسية اكثر فاعلية للانخراط مع ايران. وكلا المسارين اللذين قد يسلكهما اوباما، قد يحملان مخاطر بالنسبة اليه. فأن يَرِث مهمة استخباراتية او عسكرية مآلها الفشل، قد يحقق نتيجة عكسية، كما حصل مع الرئيس الاميركي السابق جون كينيدي في عملية خليج الخنازير في كوبا. لكن قراراً بالانسحاب من عمليات تستهدف ايران، قد يسهّل اتهام اوباما بأنه يسمح لايران بتسريع حصولها على قدرة نووية، ما يغيّر خريطة القوى في الشرق الاوسط. ونجمت جهود اسرائيل للحصول على تلك الاسلحة وطلب الإذن بالتحليق فوق العراق لمهاجمة ايران، عن شكها وغضبها من التقويم الاستخباراتي الاميركي الذي صدر نهاية العام 2007 وخلص الى ان ايران علّقت جهودها لتطوير اسلحة نووية قبل اربع سنوات. هذه الخلاصة التي استندت الى مجموعة من التقارير الايرانية تم الحصول عليها من خلال اختراق شبكات كومبيوتر ايرانية، اذهلت ايضاً فريق بوش للأمن القومي، والرئيس الاميركي ذاته الذي اثار شكوكاً عميقة حولها. وأشارت النسخة العلنية من التقويم الاستخباراتي في شكل عرضي الى شكوك حول وجود 10 الى 15 منشأة نووية اخرى في ايران، لم يدخلها المفتشون يوماً، وحيث قد تُجرى نشاطات تخصيب يورانيوم او لصنع اسلحة او لإنتاج اجهزة طرد مركزي. وقال مسؤولون اميركيون وإسرائيليون ان اولمرت توقع في وقت سابق ان يعالج بوش البرنامج النووي الايراني، قبل ان يغادر منصبه. وقال مسؤول اميركي:"انهم لا يعتقدون الآن انه سيقوم بذلك". وتملص بوش من طلب اسرائيل تزويدها جيلاً جديداً من القنابل الخارقة للملاجئ المحصنة، اضافة الى اجهزة للتزود بالوقود تسمح لطائراتها بأن تصل الى ايران وتعود الى الدولة العبرية. وقال احد كبار مساعدي بوش ان الرئيس الاميركي رفض في شكل قاطع السماح لإسرائيل بالتحليق فوق العراق لمهاجمة ايران. وأبدى المسؤولون في البيت الابيض والبنتاغون قلقاً شديداً من ان يؤدي الغضب في العراق جراء السماح لإسرائيل باختراق اجوائه، الى طرد القوات الاميركية من البلاد. وثمة هدفان محددان لجهود تخريب البرنامج النووي الايراني: ابطاء التقدم في ناتانز ومنشآت نووية معروفة اخرى، ومواصلة الضغط على العالم الايراني محسن فخري زاده الذي تعتبر تقارير استخباراتية اميركية انه متورط في شكل عميق في جهود لتصميم رأس نووي ايراني. نشر في العدد: 16719 ت.م: 12-01-2009 ص: 18 ط: الرياض