لا دليل علمياً حتى الآن يثبت أنّ قبر أمّ البشرية "حواء" موجود فعلا في مدينة جدة. ولكن هذه المدينة المطلة على البحر الأحمر، لا ترفض البتة أن تكون مسرحاً لهذه الأسطورة. ومع زيادة المعتمرين في شهر رمضان، حيث بلغ عددهم هذا العام مليونين، ينتهز كثيرون منهم الفرصة ليقرن مناسكه الدينية مع زيارة ما يقول بعضهم إنّه القبر الذي ترقد فيه"حواء". وغالباً ما يشاهد كثيرون من الأجانب وهم يقفون أمام باب أخضر حديدي اللون لمقبرة تقع على أطراف المدينة من أجل الدخول إليها للوقوف على القبر. ويقول البعض إنّ اسم المدينة"جدّة"هو إشارة واضحة لاستضافتها قبر"جدّة"البشرية حواء. وداخل المقبرة، كان معتمرون إيرانيون يقرؤون لافتة كتبت باللون الأزرق وعليها"قبر أمّنا حوّاء"، في إشارة إلى القصة التي يتناقلها سكان المدينة أجيالا بعد أجيال، من دون أن تجد دليلاً علمياً لها. ويقول الإيراني مينو خادمخاني 45 سنة"لقد سمعنا بأنّ هذا القبر هو لحواء ولهذا نحن هنا". وليس هناك أي دليل أثري يؤكّد هويّة من يرقد في القبر، وما إذا كان فيه أحد أصلاً. ولا دليل أيضاً عن المكان الذي دفنت فيه حواء، وفق العلماء المتخصّصين. كما لا يعرف أحد منبع القصة وأصلها وكيف انتشرت وصمدت إلى هذا الزمن. كما يعتبر كثير من سكّان جدة إنّ الأمر لا يتجاوز الأسطورة. ويفيد مدير الثقافة والسياحة في جدة سامي نوار بأنها"أسطورة ولكنها قصة تناقلها كثيرون من المؤرخين والرحالة". وذكر الطبري"أن آدم هبط في الهند وحواء في جدة، فجاء في طلبها حتى اجتمعا، فأزلفت إليه حواء، فلذلك سمي المكان مزدلفة وتعارفا بعرفات ولذلك سمي المكان عرفات واجتمعا بجمع ولذلك سمي المكان جمعا وهي الأماكن المعروفة في مناسك الحج". والقبر لم يعد موجوداً أصلاً، وليس معروفاً كيف دُمّر. والذين زاروا المقبرة يقولون إن هناك صفّاً من القبور لا علامة على أي منها وإنه لا توجد علامة على أنّ قبر حواء من ضمنها. ويقول الأستاذ في ثقافات الشرق الأدنى في جامعة أريزونا، ويليام ديفر، الذي يعتبر من أبرز علماء الآثار الأميركيين:"ليس هناك أي دليل أثري يمكن أن يدعم القصة بقوة، إنها مجرد قصص أو أساطير لا يمكننا تقفي أثرها. واعتقادي هو أنّ القصة تعود إلى ألفي أو ثلاثة آلاف عام ولكن ليس لدينا أي دليل علمي". وفي شارع المقبرة الهادئ، تبقى أسطورة حواء حية على رغم أنّ كثيرين من الذين ترعرعوا مع القصة لا يصدقونها حقاً.