في الأسبوع الماضي، هوى نظام مصارف الظل الذي أبصر النور في العقدين الماضيين. ولجأت عمليات الوساطة المالية الى هذا النظام هرباً من قيود النظم المصرفية. ونشط في نظام الظل هذا وسطاء الصفقات، وصناديق التحوط، وصناديق الأوراق المالية، وصناديق الأسهم، ووسطاء الرهن. وعلى خلاف المصارف، وهي محمية من مخاطر انكماش السيولة من طريق ودائع التأمين وقروض المصارف المركزية، لا يملك معظم أعضاء نظام الظل المصرفي شبكة حماية من مثل هذه المخاطر. شهدت الاسواق المالية تهافتاً على سحب الاموال أو الأصول من مصارف الظل، اثر خفض تقويم قيمة الديون لمواجهة مخاطر الفقاعة المالية. فهذه الخطوة زادت الشكوك في قدرة المصارف على تسديد ديونها. فانهار نظام مصارف الظل حين أدرك المستثمرون عيوب استثماراته، وعزفوا عن تمويل صناديقه القصيرة الأمد. وأفضى الانهيار الى سحب الأموال من الوسطاء الماليين الاميركيين. فخسر"بيرن ستيرنز"السيولة، في أيام قليلة. ولم يفلح دعم الاحتياطي الفيديرالي كبار الوسطاء الماليين. فانهار"ليمان براذرز". وكاد"ميريل لينش"يواجه مصير"ليمان براذرز". وحطت الازمة رحالها في مؤسستي"مورغان ستانلي"وپ"غولدمان ساك". ومن المتوقع أن تدمج هاتان المؤسستان في مصرف كبير يملك ودائع آمنة. وانتقلت الأزمة الى مؤسسات ضعيفة السيولة وعاجزة عن تسديد ديونها، على غرار"فاني ما"وپ"أي آي جاي"، و300 من مؤسسات الرهون العقارية. فساد الهلع الأسواق المالية. وتزاحمت الصناديق على حيازة أصول مالية، واستثمر بعضها في مرافق وأدوات غير نقدية، على أمل جذب المستثمرين من طريق تحقيق عوائد عالية. ولكن هذه الاستثمارات لم تأت بنتيجتها المرجوة. فساد الهلع أوساط المستثمرين الذين تهافتوا على سحب أصولهم المالية. ومن المتوقع أن تسحب الأموال من آلاف صناديق التحوط، وصناديق الأوراق المالية. وفي حال عمّت حركة سحب الأموال مؤسسات مصارف الظل كلها، ووُسع دعم ودائع التأمين ليشمل هذه المؤسسات، اضطرت المصارف هذه الى التزام نظم المصارف التقليدية. والحق أن المؤسسات المالية الأوروبية تواجه مخاطر خسارة كبيرة جراء شرائها منتجات أميركية بدت أنها آمنة، وتبين أنها مسمومة. فأزمة القرن الواحد والعشرين المالية ستعبر ضفة الأطلسي الى أوروبا، وتصيب المؤسسات المالية الاوروبية كذلك. عن نوريل روبيني رئيس"روبيني غلوبل ايكونوميكس"، "فايننشل تايمز"الاميركية، 22/9/2008