بعد اندلاع ثورة «25 يناير» بشهور قليلة، أبصرت النور فضائيات مصرية، يطغى عليها القالب السياسي. ومع انطلاقها انطلقت علامات الاستفهام حول سياسة هذه القناة أو تلك، وهل ستكون حدثية أو وقتية، وهل سيستمر توجهها السياسي من دون تنويع في البرامج؟ أبرز هذه الفضائيات، قناة «سي بي سي» التي أكد مديرها محمد هاني ل «الحياة» أن التفكير فيها بدأ كمشروع بعد اندلاع ثورة «25 يناير» بأربعة أشهر أي في أيار (مايو) الماضي، فيما كان انطلاق بثها في تموز (يوليو). ولم تواجه القناة أي مشكلة في الحصول على التراخيص. ورفض هاني فكرة أن تكون القناة وقتية مرتبطة بالثورة فحسب، مشيراً إلى أنها لم تنطلق للحديث فقط عن الثورة أو أن هدفها الأساسي هو الحديث عنها فقط؛ «فالقناة زاخرة بكوادر كثيرة من ألمع الصحافيين والإعلاميين المحترمين. وليس من المجدي أن يضحوا بأسمائهم من أجل المشاركة في قناة يقال إنها حدثية أو مرتبطة بزمن الثورة فقط. لكن هذه الكوادر كانت في انتظار المناخ المناسب للظهور، وكان لديها طموح في العمل في إعلام جديد، لكنّ الجميع يعلم أن المناخ العام قبل اندلاع الثورة المصرية لم يكن يسمح بذلك. و«سي بي سي» ليست مجرد قناة؛ فهي محطة تلفزيونية تضم في جعبتها عدداً من القنوات مثل «سي بي سي» دراما ورياضة، و «سي بي سي بلاس تو» التي تعمل على إعادة البرامج بعد بثها بساعتين فقط، وانضمت أيضاً قنوات «النهار» و «مودرن سبورت» إلى سلسلة هذه القنوات، فإذا كان هذا يدل على شيء، فعلى أن القناة هدفها الوصول الى إعلام محترف». وأضاف: «وعلى رغم تعدد هذه القنوات، كان الشأن السياسي طاغياً، والسبب يعود إلى أن الأوضاع السياسية في الوقت الراهن هي الشغل الشاغل لكل فئات المجتمع. ولكن، تدريجاً مع استقرار الأوضاع في مصر سيظهر محتوى برامجي مختلف، أما في هذه الفترة فلا يجدي تقديم برنامج ترفيهي أو رياضي يومي؛ لذا لا بد من الانتظار حتى يتأهل المجتمع، ويخرج إلى حد ما من الحياة السياسة الطاغية عليه، ذلك أن القناة لن تضحي بتكلفة مادية أو بشرية في عمل لن يراه الجمهور ولن يهتم به». وأشار هاني إلى أن القناة تضم مجموعة وجوه معروفة، مثل لميس الحديدي ومجدي الجلاد وخيري رمضان وعبدالرحمن يوسف وعادل حمودة ومظهر شاهين ومعز مسعود وعمرو حمزاوي. وإذا نظرنا إلى السيرة الذاتية لكل منهم، فسنجده مختلفاً عن الآخر، ما يدل على أن القناة لا تتبنى فكراً أحادياً بل ترصد التيارات الدينية والسياسية كافة، ومن الخطأ تبنيها اتجاهاً واحداً، فهذا ليس إعلاماً. وأوضح هاني أن إدارة القناة في انتظار انتخابات آذار (مارس) واستقرار البرلمان المصري، لتعمل على التنويع في البرامج، علماً أنها ستشهد تغييرات تدريجاً». وأكد الكاتب والإعلامي إبراهيم عيسى أن قناة «التحرير» التي يرأسها رفضت انضمام أي إعلامي إليها أو صحافي هاجم ثورة «25 يناير»، وقال إنها مليئة بكوادر خرجت من رحم ميدان التحرير نفسه، ولها آراؤها الثابتة غير المتغيرة في الثورة. وعن احتمال تغيير الخطة البرامجية خلال الفترة المقبلة لتتوسع باتجاه برامج منوعة لا تكتفي بالسياسة فقط، أوضحت مديرة إنتاج البرامج في القناة هيام فاضل أن هناك خطة لذلك، ولكن لن يُعلن عنها في الوقت الراهن لطغيان السياسة على ما عداها. وإذا كانت غالبية القنوات التي خرجت بعد ثورة «25 يناير» اعتمدت في اختيار كوادر العمل بها على أسماء صحافية وإعلامية كبيرة، فإن قناة «25 يناير» لم ترغب في ذلك، بل اختارت طريقاً مغايراً، وصفه مالك القناة محمد جوهر ب «المعادلة الصعبة»؛ ذلك أن فريق العمل من الشباب ممن هم في العشرينات من عمرهم، ومعظمهم رفع راية الحرية في ميدان التحرير مطالباً بسقوط النظام، ولهم آراؤهم التي لم تتبدل ولم تتغير، لذا فروحهم الحماسية والثورية جعلتهم على استعداد أن يناموا في القناة لمتابعة أخبار الثورة. وعن تمويل القناة خصوصاً أن حجم الإعلانات فيها يكاد يكون معدوماً، قال جوهر: «إن السبب في انعدام الإعلانات هو أن القناة لا تضم وجوهاً إعلامية تجذب المعلن، بما أن الكوادر شابة وغير معروفة». وأشار إلى أن إيمانه بالتجربة حمسه ليكون الممول الوحيد للقناة. أما مدير البرامج في قناة «النهار» عمرو الكحكي فقال إن إدارة القناة لم تجد أية صعوبات في الحصول على التراخيص، وإن تمويل القناة داخلي من القائمين عليها مثل وليد مصطفى وسمير يوسف. وعن احتمال تغيير الخطة البرامجية للقناة، قال عمرو إنه وخلال شهر سيكون هناك تغيير في البرامج، خصوصاً أن القناة لا تتبنى فكراً سياسياً واحداً. وأوضح أن حصول قناة «النهار» على المركز الثاني بين القنوات المصرية في رمضان الماضي، دفع رجل الأعمال محمد الأمين مالك قناة «سي بي سي» للدخول كمشارك مع صناع «النهار»، ما رفع رأس المال.