الاثنين في 8 أيلول سبتمبر، انتقد الرجل الثاني في"القاعدة"، أيمن الظواهري، للمرة الثالثة في 6 أشهر، جمهورية إيران الإسلامية، انتقاداً حاداً. واتهم مرشدها، علي خامنئي، بالتواطؤ مع الاجتياح الأميركي لأفغانستانوالعراق. وشدد الظواهري، في رسالته التي بثتها فضائية"الجزيرة"، على أن قائد إيران الديني دعا الى الجهاد في فلسطينولبنان، واستثنى من دعوته البلدين اللذين تسيطر عليهما الولاياتالمتحدة، العراقوأفغانستان. فهل الجهاد حلال في لبنانوفلسطين وحرام في العراقوأفغانستان؟ وانتقادات رجل"القاعدة"الثاني الحادة للمرشد الإيراني قرينة على تعاظم غضب المنظمة الإرهابية على الجمهورية الإسلامية، وعلى المنظمات الملحقة بها، منذ أشهر. ويكرر الأميركيون والبريطانيون تهمة إيران بمساندة الجماعات المتمردة في العراقوأفغانستان. ولكن أحداً لا يصرح بأن المساعدة هذه تستفيد منها جماعات تأتمر بأمر"القاعدة". وفي العراق، أضعفت الضربات التي أصيبت بها قوى المنظمة الإرهابية، المنظمة العتيدة. وفي أفغانستان، تصدرت قوى طالبان الميدان. ولعل ما أجج غضب الظواهري هو تخلي إيران عن مساعدته. ويبدو أن قادة"القاعدة"كانوا يتوقعون أن يحمل العداء المشترك بينهم وبين الجمهورية الإسلامية للولايات المتحدة قادة الجمهورية على التعاون وتنسيق العمل في العراق وافغانستان. ولكن فألهم خاب. وعلى رغم أن إيران لا تكتم عداءها الشديد للولايات المتحدة، وتعارض الوجود العسكري الأميركي في العراقوأفغانستان معارضة قوية، إلا أن علاقاتها بحكومتي جارتيها، حليفتي الولاياتالمتحدة، حارة. وتسوغ السلطات الإيرانية تناقضها هذا بالقول إن الحكومتين هما ضحيتا السيطرة الأميركية. ويعود السبب في إخفاق تحالف إيران و"القاعدة"على واشنطن الى الاختلاف العميق في بنيتيهما. فپ"القاعدة"منظمة دولية لا تأتمر بأمر أية دولة مباشرة، وغايتها هي الجهاد. وحربها على الولاياتالمتحدة جزء من جهادها. والقادة الإيرانيون، على رغم طموحهم الى قيادة العالم الإسلامي، واستظهارهم بپ"الأمة"، نزعوا تدريجاً الى التشديد على"شعب إيران"، وتقديمهم على"أمة المؤمنين". فشاغلهم الأول هو دوام نظامهم. وهم يناوئون الأميركيين ويعادونهم في سبيل بقاء المثال السياسي الذي يتربعون في سدته. وسقوط صدام حسين وطالبان، على رغم قيام الأميركيين به، عاد، في الحالين، على إيران بالفائدة. وساندت إيران الأميركيين في أفغانستان، ولم يحل عداؤها دون مساندتها إياهم. والتزامات قادة إيران تجاه دولتهم وشعبهم تتقدم على الجهاد والتزاماته. وخطابتهم الحربية والعنترية لا تصرفهم عن انتهاج سياسة عملية ومصلحية. وعلى هذا، فمناوأتهم الولاياتالمتحدة لا تعقد بينهم وبين"القاعدة"بحلف ولا بسبب. عن أحمد زيد آبادي،"بي بي سي برجيان"البريطانية، 9/9/2008