لعلّ السعوديين من أكثر الشعوب الإسلامية تضرراً من تبعات أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001، في الولاياتالمتحدة التي اتهمت 15 عربياً بالتورط في الهجمات، منهم 11 سعودياً. وحين انتشر نبأ الطائرة الأولى التي ضربت أحد برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، كان السعوديون في الرياض خارجين للتو من صلاة العصر، فانشغلوا في متابعة الحدث الهائل الذي وقع على بعد آلاف الأميال، عبر شاشات التلفزيون. يقول فهد السبيعي 32 سنة:"كان الناس يتابعون التفجيرات وما خلّفته، مثلما تابعتها شعوب الأرض كلها. وبعد أيام قليلة، أعلنت الولاياتالمتحدة أسماء المتهمين، فوجد السعوديون أنفسهم وبلادهم، متهمين. وركزت وسائل إعلام عالمية على المملكة، فنتج من ذلك تشويه لصورة المواطن السعودي، ليس في العالم الغربي فحسب، بل أيضاً في دول خليجية وعربية مجاورة". رُفعت قضايا ضد مسؤولين سعوديين كبار اتهموا بتمويل الإرهاب، انتهت غالبيتها بتبرئة المتهمين، ضُيّق على جمعيات خيرية وأجبرت على الإغلاق، دارت أحاديث عن ضرورة تغيير بعض ثوابت الدين... هذه من أبرز تبعات أيلول 2001، التي شغلت السعوديين. ويقول السبيعي:"قبل الأحداث كانت غالبية السفارات، بمن فيها السفارة الأميركية تمنح التأشيرة للمواطن السعودي في اليوم نفسه، والتأخير لم يكن يتجاوز ال 24 ساعة. وبعد الأحداث مباشرة، صار الحصول على تأشيرة إلى الولاياتالمتحدة، أمراً بالغ الصعوبة، ومنهم من كان ينتظر تسعة شهور، قبل أن يتحسن الأمر تدريجاً. إلاّ أن التأشيرة لا تزال تستغرق أكثر من شهرين، في الحالات الطبيعية". ولا يتوقف الأمر على هذا فحسب، فقبل الأحداث كان السعودي لا يخضع للتفتيش في المطارات الأميركية ويعامل بطريقة حسنة، وربما بأفضل من المواطن البريطاني، أما الآن فيخضع لتحقيق مطوّل لساعات أحياناً". ويعاني صالح العنزي من الصورة المرسومة"عنّا كسعوديين، في أذهان شعوب كثيرة، نتيجة التشويه الإعلامي الذي لحق ببلادنا بعد أحداث أيلول... وحين أسافر إلى بلد عربي أسأل أحياناً أسئلة ساذجة، تنم عن أن فكرة السائل عن السعودية ليست سليمة، مثل الأسئلة عن عمل المطاوعين، وجلد الناس لأنهم يدخنون السجائر!.. وهناك من يظنّ أن السعوديات ممنوعات من الخروج من منازلهن، سواءً للدراسة أم العمل... وأسئلة من هذا القبيل، ربما لا دخل لها بأحداث أيلول 2001". ويقول خالد الحمود إن الولاياتالمتحدة كانت الوجهة السياحية المفضلة له ولعائلته. وتغيّر الأمر بعد أن"تعرض أصدقاء لي، ذهبوا إلى هناك، لمعاملة عنصرية، خصوصاً من رجال الأمن في المطارات". ويتذكر عبدالله علي 28 سنة بألم، منعه من السفر للحاق بوالده الذي كان يعالَج في الولاياتالمتحدة:"كان يخضع للمعالجة عندما حصلت التفجيرات، فتقدمتُ بطلب تأشيرة إلى السفارة الأميركية لزيارته، وبعد مماطلة استمرت ستة شهور أبلغتُ بالموافقة على منحي التأشيرة، لكن ... بعد وفاة والدي". وليد ناصر كان يدرس في أميركا في ذلك الوقت، ويقول:"تعرضت للضرب على يد شبان خارج الحرم الجامعي، عندما علموا أنني سعودي. وكان بعض المحال يمنع زوجتي من الدخول بسبب حجابها". وهو تعرض لمضايقات كبيرة حتى من جيرانه"الذين كانوا في السابق يعاملونني بود. وهو الأمر الذي دفعني إلى قطع دراستي والعودة إلى السعودية". وفي المقابل، بذلت طالبة اللغة الانكليزية رهف القفاري وزميلتها سلمى الغشيان، جهوداً حثيثة للتعريف بصورة الإسلام والسعودية، عبر شبكة الإنترنت. وتقول القفاري:"بعد تلك الأحداث، اتضح جهل الغربيين بالإسلام وتبيّن أن لدى معظمهم صورة مغلوطة عنه، لعل الإعلام ساهم فيها. لذا، حاولنا توضيح الصورة الحقيقية من خلال منتديات إلكترونية غربية". وكانت سلمى الغشيان تتواصل عبر الإنترنت مع صديقة إنكليزية لتقوية لغتها،"إلا أنها بعد التفجيرات، قطعت صلتها بي، ولم تعد ترد على اتصالاتي أو رسائلي البريدية".