"أسرار الصندوق الأسود" كتاب صدر حديثاً للكاتب غسان شربل رئيس تحرير جريدة "الحياة" عن دار رياض الريس بيروت. وحمل الغلاف ما يشبه اللوحة الجدارية التي تضم صوراً لأربع شخصيات سياسية هي: أنيس النقاش، جورج حبش، كارلوس ووديع حداد. والكتاب مجموعة حوارات مع هؤلاء الأربعة الذين شغلوا العالم طوال حقبة سياسية معقّدة. حوارات تلقي أضواء على وقائع ومعلومات ظلّت طيّ الكتمان وتبرز الوجوه الحقيقية لهؤلاء المناضلين الذين كان لهم أثر كبير في مسار السياسة العربية. ولعل جمع هذه الحوارات التي كان أجراها شربل خلال فترات متقطعة في"الوسط"و"الحياة"، يشكل مرجعاً وثائقياً لقراءة مرحلة بكاملها، بخلفياتها وكواليسها ودلالاتها. الحوار الأول أجراه شربل مع وديع حداد ومن عناوين فصوله: الابن يتكلم عن أبيه، العمليات الأولى: مطار الثورة في عمان، عملية مطار الد، خطف وزراء أوبك في فيينا، عملية عنتيبي، خطة لاغتيال كيسنجر، محاولة خطف حبش من سجنه السوري. الحوار الثاني مع كارلوس في جزءين إضافة الى فصل بعنوان:"مراسلات كارلوس منذ اعتقاله". الحوار الثالث مع أنيس النقاش ودار حول قضايا عدة: مع وديع وكارلوس: شراكة أم اختراق؟ مهمات ايرانية؟ قبل فيينا عمليات نفذت... ولم تنفذ، الدور الفلسطيني في الحرب الاهلية اللبنانية. الحوار الرابع مع جورج حبش ويتناول فيه: البدايات: نواة حركة القوميين العرب، الثورة بين عمانوبيروت... الى تونس. وبعد ان قدم شربل كل حوار بتوطئة خاصة، وضع مقدمة شاملة للكتاب يتناول فيها وقائع الحوارات هذه وأبعادها. وجاء في المقدمة: لي في هذا العالم اصدقاء قساة. خطفوا طائرات. احتجزوا رهائن. زرعوا عبوات. زوّروا باسبورات وتحايلوا على المطارات. اختاروا اسماء مستعارة وعاشوا في ظلها. تمردوا على النظام وطاردوا"العدو في كل مكان". وعادوا من الرحلة. هذا اصيب في روحه وقهرته الأيام. وذلك أصيب في جسده ويعيش مع الادوية والذكريات. وثالث دفن على بعد آلاف الاميال من التراب الذي كان يناديه. انهم رفاق الدكتور وديع حداد مسؤول"المجال الخارجي"في"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"التي ارتبط اسمها طويلاً باسم قائدها الراحل الدكتور جورج حبش، طالبان فلسطينيان التقيا على مقاعد الجامعة الاميركية في بيروت. أغرقتهما النكبة في اسئلة عن حال الأمة ومستقبلها. قبل عقود من طائرات أسامة بن لادن انهمكت مجموعة في قيادة"الجبهة الشعبية"في البحث عن وسيلة لهز ضمير العالم وتذكيره بالظلم اللاحق بالفلسطينيين، كان الغرض ايضاً توسيع دائرة المعركة مع اسرائيل الى كل مكان. هكذا أقر مبدأ خطف الطائرات.وسيقع على عاتق وديع حداد مسؤول المجال العسكري الخارجي عبء التخطيط والتنفيذ واستقطاب"الرفاق"الاجانب المعادين للامبريالية الى حد الاستعداد لمقاتلتها على مسارح قريبة وبعيدة. في هذا السياق ستولد قصة"مريم"اليابانية وپ"مجاهد"الأرمني وپ"سالم"الفينويلي والذي لم يكن غير كارلوس الذي كان أشهر مطلوب في العالم قبل ان يسقط في يد الفرنسيين وينتقل اللقب في بداية القرن الحالي الى أسامة بن لادن.