أولاً هذه العائلة الكريمة : نورمان بودهوريتز هو الزوج الثاني لميدج دكتر، ولها بنت هي راشيل المتزوجة من اليوت ابرامز، ولهما ابن اسمه جون. نورمان بودهوريتز من أوائل المحافظين الجدد، أيد الحرب على العراق ويطالب بحرب على إيران، وزوجته مثله تطرفاً، وهما ينتميان الى أكثر أوكار عصابة إسرائيل، مثل مشروع القرن الأميركي الجديد. أما اليوت أبرامز فهو دين في فضيحة إيران/ كونترا وعفا عنه جورج بوش الأب، ويعمل الآن مسؤولاً في مجلس الأمن القومي عن الشرق الأوسط، أي أن بوش الابن سلّم الثعلب قن الدجاج. أما جون فهو ابن والديه تطرفاً، وسيصبح منذ بداية 2009 رئيس تحرير مجلة"كومنتري"اليهودية المتطرفة الموالية لإسرائيل والتي رأس أبوه تحريرها من 1960 حتى 1996. هي عائلة كريمة فعلاً، والجامع بينها إسرائيل، فالكل يؤيدها ويعتبر أن من واجب أميركا أن تدافع عنها بأرواح الأميركيين وأن تساعدها بمالهم. وكنت أمس بدأت بالسناتور جوزف ليبرمان كمؤيد لإسرائيل على حساب كل مصلحة أميركية، وأشرت الى طموحه أن يكون مرشحاً لمنصب نائب الرئيس مع الجمهوري جون ماكين على رغم أنه لا يزال يزعم الانتماء الى الحزب الديموقراطي. بما أنهم عصابة واحدة تغرف من البئر المسمومة نفسها، فقد كتب جون بودهوريتز في"كومنتري"مزكياً ترشيح ليبرمان الى جانب ماكين، وزاعماً أن هذا الترشيح أخذ يكتسب صدقية لم تكن موجودة قبل أشهر، فالمرشح الجمهوري أخذ يتحول نحو الوسط وليبرمان سيكون عوناً له. طبعاً ماكين لم يتحول نحو الوسط فهو لا يزال يمينياً يفضل أن يقاتل ثم يفاوض. أما ليبرمان، فقد يكون ليبرالياً في أمور أميركية داخلية، إلا أنه في الشؤون الخارجية داعية حرب بامتياز، ويعتقد بأن لإسرائيل حقاً دينياً على أميركا يجعلها أي أميركا ملزمة بالتضحية بأبنائها ومصالحها في سبيل دولة عنصرية توسعية ذات ممارسات نازية. لا أدري أيهما أنجس، الابن أو الأب، ونورمان بودهوريتز هو مؤلف الكتاب"الحرب العالمية الرابعة: الكفاح الطويل ضد الإسلام الفاشستي"، والكتاب كذبة طويلة، فالكفاح يجب أن يكون ضد الصهيونية النازية في فلسطين، حيث تمارس حكومة صهيونازية القتل والإرهاب ضد الفلسطينيين. فيما كان الابن يكتب عن ليبرمان كان الأب يكتب في المجلة المتطرفة نفسها"كومنتري"عن إسرائيل والفلسطينيين، ويزعم أن جورج بوش تخلى عن تعهده عدم دعم قيام دولة فلسطينية قبل أن تحارب السلطة الوطنية الإرهاب وتفكك مؤسساته. أترجم هذا الكلام الى طلب أن يحارب الفلسطينيون بعضهم بعضاً فيما إسرائيل تحتل بلدهم وهم فعلوا أخيراً واقتتلوا في شكل مشين ما يثلج صدر كل عدو من نوع بودهوريتز. اليوم العصابة تحرض على روسيا بعد المواجهة مع جورجيا حليفة إسرائيل، فأكمل بواحد من أسوأ المحافظين الجدد هو جون بولتون، السفير المعين السابق لدى الأممالمتحدة لرفض الكونغرس الموافقة عليه. هو كتب في"الديلي تلغراف"اللندنية أخيراً مقالاً عنوانه"الوقت لترويض الدب الروسي هو الآن"كان عبارة عن صفحة من التحذير من خطر روسيا المزعوم على اوروبا. احتقر بولتون قياماً وقعوداً، وحتى لا يعتقد القارئ العربي بأنني متطرف مثله، فإنني أستعين برأي شاهد يفترض أن يكون محايداً هو جورج مونبيوت، وهذا صحافي بريطاني وأكاديمي ونشط سياسي من حزب الخضر، كان أبوه ريموند نائب رئيس حزب المحافظين. كما يرى القارئ فمواصفات مونبيوت الشخصية أرقى كثيراً من الوضيع الرقيع بولتون، الاعتذاري الإسرائيلي الذي أيد الحرب على العراق، وأفغانستان قبله ولبنان بعده، ويطالب على إيران بعد تحجيم روسيا. كان بولتون يتحدث في مهرجان هاي للأدب والفنون في مدينة هاي أون واي الإنكليزية، عندما نهض مونبيوت من بين صفوف المستمعين وحاول بصفة شخصية كمواطن اعتقال بولتون هذا حق في القانون البريطاني لأنه"مجرم حرب". غير أن الحراس تدخلوا، وأنقذوا بولتون، فيما الجمهور يهتف أنه مجرم حرب. الكل مجرم حرب ونحن الضحية دائماً.