منذ قمعها التظاهرات الشعبية في بلاد التيبيت، في مارس آذار المنصرم، تشن السلطات الصينية حملة تفتيش على المنازل هناك، وتعتقل السكان. وتكافئ السلطات الواشين والمبلغين عن مؤيدي الدلاي لاما بمبلغ 10 آلاف يوان، أي نحو ألف يورو. وأعلنت السلطات الصينية أنها ألقت القبض على 1900 شخص، في حين أن عدد المعتقلين الفعلي هو ثلاثة أو أربعة أضعاف هذا الرقم. وتزعم السلطات الصينية أن التظاهرات بالتيبيت لم تكن عفوية، بل منظمة. وهي لم تقدم بينة واحدة على صحة زعمها غير القول إن التظاهرات شملت أراضي التيبيت كلها في وقت واحد. وتُغفل اندلاع التظاهرات في ذكرى انتفاضة لاسا، في 1959، وإحياء أهل التيبيت ذكرى هذه الانتفاضة. وحمل التعاطف العالمي مع أهل التيبيت، الصين على قمع التيبيتيين قمعاً عنيفاً وباطشاً. وإذا غض المجتمع الدولي النظر عن انتهاكات الصين بالتيبيت، ألزمت بكين الدالاي لاما التنازل عن حقوق أهل التيبيت، والتخلي عن مطالبه. ولم يضعف توليها تنظيم الألعاب الأولمبية قبضة بكين على التيبيت. فبكين تسعى الى أن يبهر حسن استضافتها الألعاب الأولمبية العالم. ولكن قلقها يحملها على تشديد قبضتها على التيبيت. والحق أن الألعاب الأولمبية تكاد تكون فرصة التيبيتيين الأخيرة لإلقاء الضوء على قضيتهم، قبل أن يفتر اهتمام المجتمع الدولي بقضيتهم، على ما حصل في شأن بورما. ويقال إن الشباب في التيبيت خرجوا على نهج الدالاي لاما السلمي، ويسعون في انتهاج نهج آخر يبعث الانتباه الى قضيتهم، وينتزع حقوقهم. ولكن انتفاضة التيبيت لا تعني الشباب وحدهم، بل هي انتفاضة أهل التيبيت كلهم. وإذا أجمع أهل التيبيت على انتزاع الاستقلال بالقوة، فقد يعمد الدالاي لاما الى التخلي عن تمثيل التيبيتيين. وثمة 15 في المئة من هؤلاء لا يوافقون الدالاي لاما الرأي، ولكنهم لا يعارضونه. عن ماتيو ريكار راهب بوذي ومترجم الدالاي لاما الى الفرنسية،"لوبوان"الفرنسية، 7/8/2008