توقع خبراء اقتصاديون عرب وأجانب تغيير خريطة الدول الكبرى الاقتصادية وبزوغ دول ذات اقتصادات جديدة تنافس الدول الصناعية الكبرى وتتفوق عليها في ناتجها المحلي. ورجح الخبير الاقتصادي ناصر السعيدي في تصريحات الىپ"الحياة"أن يتفوق الناتج المحلي الإجمالي لكل من منطقتي آسيا الوسطى والشرق الأوسط، على ناتج مجموعة الدول الصناعية الكبرى وتشمل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا واليابان التي تمثل حالياً نحو 56 في المئة من اجمالي الناتج العالمي. وتمثل أميركا 21 في المئة من الناتج العالمي، تليها أوروبا بنسبة 16 في المئة، في حين تمثل كل من الصين والهند نحو 20 في المئة من الناتج العالمي. وتوقعت دراسة أصدرتها مؤسسة"ارنست آند يونغ"، أن تتخطى معدلات نمو الاقتصادات الجديدة، من بينها الاقتصاد الهندي، معدلات نمو اقتصادات الدول المتقدمة بحلول 2050، وبأن يفوق معدل النمو الاقتصادي لعملاقي آسيا معدلات نمو اقتصادات الدول المتقدمة. وقدر السعيدي إجمالي الناتج المحلي الحالي، للدول الناشئة بنحو 44 في المئة من الناتج العالمي، على خلفية النمو غير المسبوق الذي تشهده منذ نحو خمس سنوات، خصوصاً منطقة الخليج التي راكمت سيولة كبيرة بفعل الارتفاع القياسي لأسعار النفط. وتشير تقارير عالمية إلى أن اقتصادات الدول النامية ستفوق اقتصادات مجموعة الدول الصناعية في حال توصلت إلى حلول لمشاكل الشفافية والعدالة والبنية التحتية لديها. وأفادت بأن جاذبية أوروبا للمستثمرين الأجانب انخفضت بصورة ملحوظة خلال السنة الجارية، على رغم أنها حافظت على موقع الصدارة عالمياً كأفضل منطقة جاذبة للاستثمارات، على اعتبار أن"الأسواق الجديدة في أوروبا بدأت تفقد عدداً كبيراً من المستثمرين في وقت تكسب الأسواق الجديدة الآسيوية عدداً اكبر من المستثمرين الأجانب". وأكد تقرير لصندوق النقد الدولي أن الصين والهند أصبحتا بمثابة محركين جديدين لنمو الاقتصاد العالمي، لتحلا محل الولاياتالمتحدة والدول الصناعية المتقدمة الأخرى. وتفوقت دول خليجية، مثل السعودية والإمارات والكويت، العام الماضي على كل من فرنسا والنمسا في لائحة البنك الدول لأكثر الدول استقطاباً للاستثمارات. وحصلت السعودية على المركز الثالث في تسجيل الأصول والأملاك، والمركز السابع في نسب الضرائب المفروضة على الأرباح، والمركز 33 في التجارة عبر الحدود، والمركز 36 في معيار تسهيل بدء أعمال المستثمرين، والمركز 40 في استخدام العمالة وتشغيلها، والمركز 47 في منح التراخيص وإصدارها. ورسم السعيدي ملامح التغيير في الجغرافيا الاقتصادية، وتوقع أن يتبعه تغيير في الجغرافيا المالية للمنطقة العربية التي راكمت ثروة تزيد عن 2.3 تريليون دولار، ما يمنحها"قوة مالية ضخمة خلال السنوات القليلة المقبلة". ونصح السعيدي الذي عمل وزيراً للاقتصاد ونائباً لحاكم مصرف لبنان سابقاً، دول المنطقة بالتحرك"لتطوير أسواقها المالية لتكون قادرة على استيعاب هذا الكم الكبير من السيولة، ولتكون قادرة على المساهمة في رسم الخريطة الجديدة للعالم". وأكد السعيدي أن منطقة الشرق الأوسط والخليج والصين وتايوان، تمكنت من تمويل نحو 65 في المئة من العجز في الميزان التجاري الأميركي خلال الشهور القليلة الماضية، ما كوَّن أثراً إيجابياً في تخفيف وطأة أزمة الرهن العقاري ونقص السيولة في الولاياتالمتحدة. واعتبر الأهم من ذلك، أن تتمكن المنطقة من الاستفادة اكثر خلال المرحلة المقبلة، من طريق"توظيف الأموال العربية والعالمية في منطقة الشرق الأوسط"، على اعتبار أن"دور الأسواق المالية يكمن في إعادة توزيع الثروة ورؤوس الأموال الوافدة إلى المنطقة لتمويل الدول والشركات حول العالم". وأكد السعيدي أن خريطة العالم الاقتصادية تتغير بوتيرة متسارعة. لذا، فإن الدور الذي تلعبه المنطقة كأكبر منتج ومصدّر للنفط في العالم، لم يعد المعيار الوحيد الذي يجلب تدفق الاستثمارات الأجنبية وتنشيط الأسواق المحلية، وإنما موقعها الاستراتيجي وتوسطها حركة الأموال بين الشرق والغرب.