"فجأة فُرِض عليّ أن أتخلى عن أهم الأمور في الحياة أي العائلة، الكرامة، العمل، السكن، حس الأمومة... فأنا الآن مريضة بپ"الإيدز"AIDS "نقص المناعة المُكتسبة"Acquired Immune Defficiency Syndrome. في لحظة، طارت مني كل تلك الأشياء التي لم أتخيّل أنني أستطيع العيش للحظة من دونها... أردت العودة إلى أحشاء أمي لعلي أنتهي من هذا الشعور". صدمت هذه الشهادة القاسية الإعلاميين الذين شاركوا في ورشة عمل متخصّصة تحت عنوان"مواجهة الوصم والتمييز ودعم حقوق المتعايشين مع فيروس الإيدز"التي نظّمها"البرنامج الإقليمي للأيدز في الدول العربية"Regoinal Programme on AIDS in Arabic Countries التابع لپ"برنامج الأممالمتحدة الإنمائي"بالاشتراك مع"البرنامج الوطني لمكافحة الپ"سيدا"SIDA وهو الاسم الفرنسي للإيدز في لبنان أخيراً. وهدفت الورشة الى تدريب الإعلاميين على أداء دور متميّز في إطار جهود مكافحة الإيدز. وجاءت الورشة ضمن خطة عمل تشمل 20 دولة عربية لدعم حقوق المتعايشين مع الفيروس، ومن أجل كسر حاجز الصمت الذي يسيطر على الإيدز ومرضاه عربياً. ووضع البرنامج الإقليمي خطة تهدف إلى وقف انتشار الفيروس بحلول العام 2015، من خلال مجموعة كبيرة من النشاطات تتضمن تطوير عمل منظمات المجتمع المدني في هذا الإطار، وكذلك رفع مستوى التنبّه لأهمية المرض لدى القادة في المجتمعات العربية ونُظُمها. الإيدز مثل الضغط والسكري استمرت ورشة العمل يومين. وتخلّلتها ندوات حول واقع الإيدز في العالم العربي. وفي سياقها، قدّم الدكتور إيهاب الخراط، وهو طبيب نفسي متفرغ من برنامج الأممالمتحدة للإيدز، محاضرة شملت الكثير من التفاصيل المهمّة عن المرض. واستهل كلامه بالإشارة الى أن العينة الأقدم لدم يحتوي فيروس"أتش آي في"HIV اختصاراً لمصطلح Human Immunedeficiency Virus وترجمته"فيروس نقص المناعة البشري" ترجع إلى العام 1959، وجاءت من رجل عاش في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديموقراطية. وأضاف أن من المُعتقد به راهناً أن الفيروس وُجِد في أراضي الولاياتالمتحدة بين أواسط سبعينات القرن الماضي ونهايتها. واكتُشفت الإصابات الأولى في مدينة نيويورك في العام 1981، وكانت في غالبيتها لرجال مثلييّ الجنس. وتمكن العلماء من التعرّف الى فيروس"اتش آي في"في العام 1983. وقدم إحصاءات عن عدد المصابين تفيد أن عددهم يقارب 33 مليوناً و200 ألف في العام 2007. وبيّن أن المرض يسجّل إصابة كل عشر دقائق، وأن عدد مُصابيه في المنطقة يبلغ حوالي 380 ألفاً. وأوضح أن الدواء الأول للإيدز ظهر في العام 1987 وهو"ايه زد تي"AZT وأحدث دواء ظهر في مطلع السنة الجارية. وذكّر بأن العام 1996 شهد ظهور دواء"أن في بي"NVP، الذي يعمل على منع فيروس الإيدز من التكاثر، ما يعني أنه يسيطر على حال المريض ويجعله غير مُعد للآخرين. ونبّه الى أن بعض الأدوية المهمة في علاج الإيدز لا تتوافر في البلدان العربية. وراهناً، يميل العلماء الى استعمال أدوية تؤدي الى السيطرة على الفيروس في المريض، وتمنع انتقاله من المُصاب، شرط الاستمرار في تناول الدواء بانتظام وبكميات كافية، ما يجعل المُصاب بالإيدز شبيهاً بمن يعاني أمراضاً مزمنة كالضغط والسكري. وقدّم"البرنامج الوطني للإيدز في لبنان"دراسة عن الوضع المحلي للمرض، بيّنت أن عدد المصابين سجل 92 إصابة جديدة في العام 2007 ليصبح العدد الكلي 1054 مصاباً، أُصيب 70 في المئة منهم بالفيروس من خلال العلاقات الجنسية، وجاء ل2 في المئة من الأم خلال الحمل، ولا تُعرف تحديداً طرق إصابة 17 في المئة منهم، وتعرّض 6 في المئة للإصابة خلال نقل الدم. وجاء في الدراسة عينها أنه في السنوات الماضية، لم يتعد عمر 15 في المئة من المصابين الواحد والثلاثين سنة، وان الرقم عينه انخفض هذه السنة إلى ما دون الخامسة والعشرين! وبيّنت أيضاً أن 82 في المئة من المصابين رجال و18 في المئة إناث، و41 في المئة منهم كانوا مسافرين. وبيّنت أنه لم تُسجل إصابة عبر نقل الدم منذ خمس سنوات. ولاحظت أن 89 في المئة من اللبنانيين يعلمون بطرق انتقال الفيروس، على رغم ارتفاع نسب الإصابات بصورة مطردة. وتؤمن بعض الجمعيات أدوية الإيدز، فيما يعاني المرضى المعتمدون على دعم وزارة الصحة من بعض المشاكل في الحصول عليها. وذكّرت الدراسة بالفرق بين حامل فيروس"اتش آي في"ومن يعاني أعراضاً مرتبطة بنقص المناعة المكتسبة، أي مريض الإيدز. وقد يبدو حامل الفيروس في صحة جيدة، لكنه يستطيع نقل عدواه. وكذلك فإن متوسط المدة بين دخول الفيروس الجسم وظهور الأعراض يصل لنحو 7 سنوات.