نقل مصدر رفيع في الرئاسة الفرنسية عن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعد محادثاته السريعة مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان والقيادات السياسية اللبنانية، انه وصف سليمان بأنه"مسؤول نزيه عازم وشجاع ومدرك لمسؤولياته". وقال المصدر إن ساركوزي"لمس ان محاولات تشكيل الحكومة التي يجري التداول حولها تواجه صعوبات، خصوصاً بالنسبة الى الحقائب الأربعة". وكشف المصدر أن ساركوزي جال على طاولات الأقطاب السياسيين اللبنانيين الذين حضروا غداء الرئاسة، محاولاً ألا يهمل أحداً، وقال إنه تحدث مع الجميع بمن فيهم رئيس كتلة"حزب الله"النيابية الوفاء للمقاومة محمد رعد، كما تبادل الحديث مع النائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري، وكوّن انطباعاً بأن الجميع يحاول التقدم الى حل دائم. وقال المصدر في الرئاسة إن فرنسا كانت قالت لسورية عبر وزير خارجيتها برنار كوشنير أولاً وعبر مسؤولين في الرئاسة وعبر الرئيس نفسه، إنه إذا تم انتخاب رئيس في لبنان فسيعاود ساركوزي الاتصال بسورية، وهذا ما حصل بعد انتخاب الرئيس. وقال المصدر ان ساركوزي يذكّر في أحاديثه بأهمية المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري، لافتاً الى أن ساركوزي يعتبر أن محاكمة قتلة الحريري موضوع لا يمكن المساومة عليه. ونقل المصدر عن الرئيس ساركوزي اعتباره أن سورية فاعل لا يمكن تجاهله في المنطقة،"وهذا لا يعني أن فرنسا عمياء وصماء حول ما حدث أخيراً في لبنان، لكن من الصعب تغيير الأمور إذا لم تكن لفرنسا اتصالات مع سورية". وقال المصدر ان ساركوزي يعتبر أن دعوة الرئيس السوري بشار الأسد الى فرنسا لحضور قمة المتوسط، باعتبار سورية دولة متوسطية،"تمثل التفاتة لكنها لا تعني تنازلاً فرنسياً عن المحكمة الدولية، وفرنسا دفعت 6 ملايين يورو لتفعيل هذه المحكمة، فلا ساركوزي ولا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير تنازلا عن المحكمة، وتأكيد الرئيس مراراً التزامه بلبنان سيد وحر يشير الى التزام فرنسا المبدئي إزاء لبنان". وأكد المصدر أن سليمان أبلغ نظيره الفرنسي بأنه متفائل في شأن إقامة علاقات ديبلوماسية بين سورية ولبنان، موضحاً أن ساركوزي مدرك لصعوبة الوضع لكنه لمس أيضاً تقدماً على طريق التحسن. وكشف المصدر الرئاسي أن ساركوزي سيوفد معاونيه الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان ومستشاره جان دافيد ليفيت الى دمشق في الأيام القليلة المقبلة لاستكشاف أفق العلاقات مع دمشق. وأكد أن فرنسا تريد علاقات مع سورية،"لكن ساركوزي وفرنسا ملتزمان استقلال لبنان". وعن حضور الرئيس السوري في باريس احتفالات العيد الوطني الفرنسي في 14 تموز يوليو المقبل، قال المصدر الرئاسي ان ساركوزي"عندما قرر عقد قمة المتوسط اعتبر انه ينبغي أن تحضرها الدول المتوسطية لمحاولة إحداث تغيير في الوضع، فإذا كان القرار إخراج سورية أو إسرائيل أو لبنان أو ليبيا أو تونس من الاجتماع، عندئذ ليس هناك مجال لعقد قمة وانجاحها وانتظار مشاركة كبرى، فكل بلد في المتوسط يمثل صعوبة ويطرح مشكلات، ومن الصعب إقامة وحدة لدول المتوسط... بتوجيه دعوات على أسس مبادئ فرنسا وحقوق الإنسان لن يكون ممكناً عقد مثل هذه القمة لوحدة المتوسط". وقال المصدر إن الرئيس ساركوزي التقى قبل مجيئه الى لبنان الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك"الذي شجعه على الزيارة، وقال له انها مبادرة جيدة لأنه يعتبر من المهم التعبير عن التزام فرنسا بدعم لبنان". وأضاف أن ساركوزي سيزور سورية"إذا تم فتح سفارة سورية في لبنان وإذا استتب الأمن فيه". وأوضح أن فرنسا لا تضع شروطاً لكن ساركوزي"يضع طريقاً تدريجية لتطبيع العلاقة مع سورية مع ردود فعل فرنسية إيجابية إزاء التطورات الإيجابية الآتية من سورية". واعتبر المصدر أن ساركوزي"على قناعة بأن ما وعد به الرئيس السوري بشار الأسد علناً بفتح سفارة لسورية في لبنان مهم جداً، وإذا سورية قامت بهذا التحرك فسيكون له معنى". وعن دور إيران في لبنان، نقل المصدر في الرئاسة عن ساركوزي اعتقاده بأن الحلف السوري ? الإيراني"ليس إيجابياً"، موضحاً أن موقف فرنسا إزاء إيران"هو الحزم عبر العقوبات المشددة، والرئيس يعتبر أنه لا يمكنه التحاور مع إيران لكون رئيسها الحالي أحمدي نجاد ليس محاوراً مقبولاً لفرنسا مع تصريحاته حول إزالة إسرائيل من الخريطة، لكن من الممكن إقامة حوار على مستوى آخر مع إيران لتجنب الأسوأ والمواجهة". وقال إن الوفد الرئاسي الذي سيزور دمشق، لن يزور إيران، لأن ساركوزي"لا يرى مؤشرات من إيران تتيح له القيام بلفتة إزاءها مماثلة للفتة إزاء سورية". وأضاف ان ساركوزي يتمنى أن تبادر إيران بلفتة مماثلة لما قامت به سورية. وقال المصدر إن ساركوزي أكد للأسد أن فرنسا ترحب بالمحادثات بين سورية وإسرائيل عبر القناة التركية، وأن هذا أمر"إيجابي جداً يعزز انطباع ساركوزي بإمكان التحاور مع سورية، وان كان من الضروري بالنسبة الى الرئيس أن يشجع سورية ويتصل برئيسها عندما بدأت المحادثات بينها وبين إسرائيل عبر القناة التركية في حين أن إيران لم تقم بأي جهد". وأكد أن فرنسا"تريد تشجيع أي أمل ودفع الى الحوار عندما يكون هناك أمل". وقال المصدر في الرئاسة إن ساركوزي يعتبر أن ملف مزارع شبعا أساسي، وأن فرنسا تتمنى أن يكون هذا الملف في إطار الأممالمتحدة وأن خلال زيارة ساركوزي الى إسرائيل والى الأراضي الفلسطينية ستكون له الفرصة للتحدث حول أمور مختلفة. وأشار المصدر الى أن فرنسا ساركوزي ستكون ملتزمة مساعدة لبنان وجيشه والقطاع التعليمي وأن رئيس الحكومة الفرنسي فرانسوا فيون سيقود وفداً اقتصادياً الى بيروت. وعن إمكان بناء دولة في لبنان مع وجود قوات لدى"حزب الله"أقوى من الجيش الوطني، قال المصدر الرئاسي إن ساركوزي يعتمد في هذا الموضوع على البراغماتية. وأوضح المصدر ان ساركوزي يعتقد أن سليمان كان عقلانياً عندما رفض منع التظاهرات الديموقراطية بعد اغتيال الرئيس الحريري، وكان أيضاً عقلانياً في الأحداث الأخيرة، ولو أن البعض رأى أن تصرفه لم يكن جيداً، وساركوزي على قناعة بأنه لم يكن ممكناً لسليمان أن يتصرف بشكل مختلف ويتوصل الى النتائج التي كان يتوخاها. وقال المصدر إن ساركوزي يعتبر أن المحكمة الدولية قيد الإنشاء وأن القضاة تم تعيينهم علماً بأنه لم يكشف عن هويتهم لأسباب أمنية. ونقل عن ساركوزي أنه قال للأسد مرات عدة إن فرنسا تريد إيجاد قتلة الرئيس الحريري ولكنها لا تريد قلب النظام السوري، وأن هذا ما تريده الأسرة الدولية. واعترف المصدر بأن ساركوزي على اختلاف في الرأي مع الولاياتالمتحدة حول الحوار مع سورية وموقف فرنسا في لبنان، وأنه على رغم الصداقة الكبيرة التي تربط البلدين، فإن ساركوزي يعتبر أن الصداقة لا تعني التبعية،"فكيف لا يتكلم ساركوزي مع سورية وإسرائيل تتكلم معها؟". وأكد المصدر أن ساركوزي سيعود الى لبنان العام المقبل مع زوجته كارلا إذ أن كثيرين سألوه عنها وعن سبب غيابها عن الزيارة. وأوضح المصدر أن الزيارة كانت زيارة عمل سريعة ولم تكن مناسبة لتكون كارلا الى جانب زوجها. وعن إشاعات في شأن دعوة فرنسا للجيش الإسرائيلي للمشاركة في العرض العسكري لمناسبة العيد الوطني الفرنسي في 14 تموز يوليو قال المصدر الفرنسي إن هذا غير مطروح وأوضح أن ساركوزي دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الى إشراك قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في هذا العرض العسكري.