لا يشكّل تقارب الخليوي مع الكومبيوتر ولا دخوله ميدان الاعلام المرئي- المسموع، سوى جزء من الأدوار المتعددة الألوان التي يؤديها ذلك الجهاز بثقة متزايدة. ولعل قدرته على المشاركة في رسم معالم الحياة اليومية للناس هي ما دفع"منتدى دافوس"الذي عقد في مطلع العام الحالي إلى القول إن الهواتف النقّالة صنعت صورة جديدة للمستهلك في الأسواق كافة. والارجح أن"رابطة النظام الشامل للخليوي"، التي يشار اليها باسم"جي أس أم أي" GSMA وهي كلمة تختصر عبارة"غلوبال سيستم فور موبايل أسوسيشن"Global System for Mobile Association، هي أكثر من يحس بهذا التوسّع المستمر في أدوار الهاتف النقّال. التقت"الحياة"الرئيس التنفيذي للرابطة روب كونواي على هامش اجتماعات قمة"جي أس أم أي"التي استضافتها القاهرة أخيراً. وأكّد ان الرابطة ترى أهمية في نشر الخليوي واستخداماته والخدمات اللاسلكية المتصلة به، مع تأمين إطار لآليات سهلة التطبيق في عمله. وبيّن أن"جي أس أم أي"تساعد في تطوير المؤسسات المشاركة فيها، كما تعرض خدمات جديدة مثل رسائل الفيديو واستخدام الانترنت والخليوي في نقل الأموال"إضافة الى دور الهاتف في التواصل. ولاحظ أن وجود أكثر من 120 شبكة للخليوي يزيد في تفاعل جمهور الخليوي مع الانترنت، خصوصاً في صناعة المُدوّنات الرقمية بلوغز والالعاب الالكترونية وتبادل الصور وأشرطة الفيديو وغيرها. تنشيط الأسواق الصاعدة وأوضح كونواي أن صُنّاع الخليوي يولون أهمية كبيرة للأسواق الصاعدة Emerging Markets، مُلاحظاً أنها تؤدي دوراً متزايد الأهمية في المشهد العالمي. وأبدى إعجاباً شخصياً بالدرجة التي وصل اليها انتشار الخليوي في الشرق الأوسط. وقال:"لاحظت مثلاً أن الصيادين في عرض البحر يتصلون بالسوق ليعرفوا حال المشترين. أما قديما فكان يضطر الصياد لأخذ السمك ويذهب به إلى السوق ثم يفاجأ بغياب مشتر، فتكسد بضاعته". ولاحظ أن امكانات تطوير شبكات"جي أس أم"كبيرة، وأضاف:"استراليا مثلاً وصلت شبكاتها من هذا النوع إلى سرعة 7.2 ميغابيت في الثانية، ما يتيح الاتصال بواسطة الفيديو... كثير من الدول طبّقت نظام دفع الفواتير في المحلات عبر الهاتف النقّال، ما يسهّل الأمور بالنسبة لشرائح اجتماعية متنوعة". وتحدث عن شبكات الجيل الثالث من الخليوي، التي تُعرف باسم"ثري جي"3G، مُلاحظاً أنها تتمكن من نقل البث التلفزيوني والخرائط الرقمية وأفلام الفيديو والسينما والألعاب الالكترونية التي تتشارك فيها مجموعات من اللاعبين، إضافة الى التواصل وتبادل الرسائل والصور والرسائل المتعددة الوسائط ميلتي ميديا وغيرها. وشدّد على أهمية أخذ أسعار الخدمات الخليوية في الاعتبار، خصوصاً في الشرق الأوسط. وزاد:"قادت"جي أس أم أي"صناعة الاتصالات المتطورة صوب مرحلة تتقدم فيها الخدمات، لكنها تبقى ضمن القدرة الاقتصادية لرجل الشارع، وهذا شرط مهم لانتشارها". كما شدّد على الجهود التي تبذلها الرابطة في التواصل مع بعض الحكومات لاقناعها باستخدام تكنولوجيا الاتصالات المتقدمة في تحصيل الضرائب وإعطاء أذونات الاستيراد والتصدير وغيرهما. وأعلن أن الرابطة تحاول اطلاق صندوق تكنولوجي"لتشجيع رجال الأعمال على المساهمة في التطوّر العام... هناك شركات كبرى تساعد في هذا الإطار مثل"إريكسون"و"موتورولا"وهناك أيضا أفكار في شأن التخفيف عن مستخدمي الخليوي من الأضرار التي قد تلحق بهم نتيجة التوسّع في استخدامه". وأوضح أيضاً أن الرابطة طورت، بالتعاون مع إحدى الشركات الأميركية، نظاماً للمساهمة في الصحة العامة يرتكز على تقديم بيانات عن انتشار الأوبئة بصورة مباشرة. وقال:"نعمل مع منظمات عالمية في نشر برامج الكومبيوتر المتصلة بالصحة، وكذلك نساهم في توفير الأدوية للمصابين بأمراض مستعصية... نساعد أيضاً في مكافحة الأوبئة والحد من انتشارها، خصوصاً في المناطق الفقيرة وتلك التي تعاني حروباً وصراعات شبه مستمرة، كالحال في العراق". وأعرب عن قناعته بأن شبكات الخليوي بات لها دور متصاعد الأهمية في الخدمات المالية. وأضاف:"ظهر ذلك فعلياً في مناطق كثيرة مثل شرق أوروبا، ويوجد أيضاً إعادة تفكير في الاستراتيجية لكثير من الشبكات الخليوية بعدما بات الإقبال على الخليوي يفوق الإقبال على الهاتف الثابت". دور الاستقرار السياسي ونبّه كونواي الى أن انتشار الهواتف النقّالة يحتاج الى بيئة مناسبة، خصوصاً لجهة الاستقرار السياسي، موضحاً أن "هذا يعني توافر مصادر ثابتة للطاقة الكهربائية مثلاً، ويقود للحديث عن البيئة... لقد أنشأت الرابطة صندوقاً للحفاظ على البيئة، ونفكر في المزيد من الخطوات المُشابهة". وأعلن أن الخليوي سيصل سريعاً الى مرحلة الانتشار بنسبة مئة في المئة من السكان"ما يعني أنه سيكون مثل الطاقة والماء، وسيكون ملاصقاً للناس في حياتهم اليومية على مدار الساعة". وأخيراً، هنّأ كونواي الحكومة المصرية على نمو قطاع الإتصالات، إذ نجحت خلال العامين الماضيين في إتاحة الفرصة للمنافسة في الخليوي، من خلال تحرير خدمات الصوت ونقل البيانات. وقال:"علمت ان الحكومة تعمل راهناً على توسيع المنافسة في الهاتف الثابت".