استحدثت السلطات الأميركية في معتقل غوانتانامو حيث تحتجز الرؤوس الأكبر في تنظيم "القاعدة"، قاعة محكمة صممت خصيصاً لمحاكمة 80 منهم. في القاعة كرسي من الجلد وثير مثبت بجنزير حديد، ينتظر"العقل المدبر"لاعتداءات 11 أيلول سبتمبر خالد الشيخ محمد الذي يمثل أمام المحكمة العسكرية للمرة الأولى علناً منذ القبض عليه في 2003، ومعه أربعة آخرون متهمون بهذا العمل الإرهابي، فيما يدور جدال داخلي بين الدفاع والادعاء حول شرعية هذه المحاكم. ولم يكن يوم أمس روتينياً لأي من خالد الشيخ ورمزي بن الشيبة وعلي عبد العزيز علي ووليد بن عطاش ومصطفى الحوساوي والذين اصطحبوا من زنزاناتهم التي لازموها منذ 2006 في معتقل غوانتانامو، الى قاعة المحكمة العسكرية التي أنشأتها إدارة الرئيس جورج بوش بموافقة الكونغرس على رغم تحفظات المحكمة العليا عن المحاكمة كونها تميز"المقاتلين الأعداء"بدل توجيههم الى محاكم مدنية داخل أميركا. وتنقض المحاكم المدنية الأميركية أي أدلة حاز عليها الادعاء بواسطة التعذيب، إلا أن هذا المفهوم لا ينطبق على المحاكم العسكرية والتي تسمح باستخدام شهادات غير مباشرة او اعترافات انتزعت بالإكراه. غير أن المستشار القانوني في وزارة الدفاع البنتاغون الجنرال توماس هارتمان، أكد ل"الحياة""الأسلوب النموذجي التي تتم فيه المحاكمة"والحقوق المعطاة للمعتقلين، مثل استدعاء الشهود ونقض الأحكام وقيام القضاء بإلغاء أي أدلة أتت من طريق التعذيب الذي ينفي هرتمان نفياً باتاً حصوله. واحتجز المعتقلون الخمسة لسنوات في السجون السرية لوكالة الاستخبارات الأميركية سي آي أي عند إلقاء القبض عليهم في 2002 ونقلوا في 2006 الى قاعدة غوانتانامو. وتعرض خالد الشيخ الى أسلوب الايهام بالغرق وهو ما لا يعتبره هارتمان تعذيباً بل"أداة ضغط"في أساليب الاستجواب. وفي جولة على قاعة المحكمة، المحظور فيها التصوير أو التسجيل الصوتي، يبرز الطابع الاستثنائي للمنشأة التي خصصت للمحاكمة وهي على شكل خيم كلفت 14 مليون دولار. ويرى مراقبون أن تسريع الادارة الأميركية ببدء المحاكمات هي لاطلاق العملية التي قد تأخذ سنوات، وتفادي نقض لهذه العملية من جانب رئيس أميركي مقبل سواء كان جمهورياً أو ديموقراطياً. وتتميز المحكمة من الداخل ببساطة التصميم، والحداثة التكنولوجية للمكان، اذ تتضمن عشر كاميرات فيديو وشاشات الكترونية للدفاع والادعاء والمتهمين، وفي شكل يسمح لمحاكمة أكثر من متهم في الوقت ذاته. واصطحب المعتقلون الخمسة في الوقت ذاته، وتليت الاتهامات عليهم قبل سماع شهاداتهم. وفيما جلس خالد الشيخ محمد في الصف الأول الى جانب محاميه، وعلى كرسي من الجلد مقيد بجنزير لتفادي هروبه، يليه في الطاولات الأربع المتعاقبة بقية المتهمين. وارتدى المتهمون عباءات بيضاء بدل بزة الاعتقال البرتقالية. بدوره، رأى رئيس هيئة الدفاع في غوانتانامو الكولونيل ديفيد ستيفن في حديث إلى"الحياة"أن العملية القانونية واطار المحاكمة"مغلوطان من الأساس وعار على الديموقراطية الأميركية"، وأضاف:"لدينا أحد أكثر ألأنظمة القانونية احتراماً في العالم، مدنياً وفيديرالياً. لماذا نحن في كوبا في العام 2008؟ لا يمكن أن ندع لغة الخوف تستبدل لغة القانون". ويتوقع من المحاكمة، وحتى في حال اثبات براءة أي من المتهمين، ترجيح بقائهم في غوانتانامو كونهم بحسب هارتمان، يشكلون تهديداً على حياة الجيش الأميركي خارج الولاياتالمتحدة.