على بعد أمتار من موقع اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 في نيويورك، ستشهد محكمة المقاطعة الجنوبية للمدينة محاكمة مخططي العمل الارهابي الأسوأ في تاريخ الولاياتالمتحدة، بعد قرار وزارة العدل الأميركية نقل خالد شيخ محمد و4 من رفاقه من معتقل غوانتانامو حيث يخضعون لمحاكمة عسكرية، الى محاكم فيديرالية أميركية حيث من المحتمل أن يواجهوا عقوبة الإعدام. ويأتي قرار محاكمة الخمسة في نيويورك في إطار جهود الرئيس باراك أوباما لإغلاق المعتقل، خصوصاً بعد استقالة مستشاره القانوني غريغوري كريغ لتأخره في إنجاز هذه المهمة. واختار أوباما محاميه الشخصي بوب باير ليحل محل كريغ في المنصب. وأكد الرئيس الأميركي في طوكيو التي زارها أمس، انه سيصر على حصول خالد شيخ المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات 11 أيلول، على شكل «محكم» من العدالة. وأعلن وزير العدل الأميركي أريد هولدر أن خمسة من قياديي تنظيم «القاعدة» المتهمين بالتخطيط لاعتداءات 11 أيلول التي ذهب ضحيتها حوالى 3000 مدني، سيقدمون إلى محكمة فيديرالية في نيويورك بدلاً من المحاكم العسكرية في غوانتانامو، وهم إضافة الى خالد شيخ: وليد بن عطاش ورمزي بن الشيبة ومصطفى أحمد الحوساوي وعلي عبد العزيز علي. واعتبر هولدر أن الاعلان هو «خطوة الى أمام نحو العدالة» ومعاقبة المخططين للاعتداءات بعد ثماني سنوات على ارتكابها. وحض اللجان القضائية على مراجعة الأدلة وانزال أقسى العقوبات بهؤلاء، مشيراً الى احتمال انزال عقوبة الإعدام بحقهم في حال ثبوت الأدلة، علماً ان محكمة نيويورك استعاضت أخيراً عن حكم الإعدام في محاكمة أحمد غيلاني، أول معتقل من غوانتانامو نقل اليها الصيف الماضي، وأصدرت بحقه حكماً بالسجن المؤبد. وتعتبر الخطوة ضربة قاضية للمحاكم العسكرية الخاصة التي شكلتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش، وتعرضت لانتقادات بسبب قبولها أدلة انتزعت عن طريق التعذيب، وعدم إتاحة مرافعة دفاع منصفة للمتهمين، وعدم السماح لمحاميهم بالجلوس معهم وقتاً كافياً قبل الجلسات. لكن وزارة العدل أكدت أمس، أن قرار نقل المتهمين الخمسة الى نيويورك، لن ينسحب على غالبية المعتقلين في غوانتانامو والبالغ عددهم 215 شخصاً، مشيرة إلى أن 40 فقط من هؤلاء سيحاكمون أمام محكمة فيديرالية. وطرحت ولاية فيرجينيا كخيار آخر لاستقبال هؤلاء فيما «يعاد توطين» 90 معتقلاً آخرين في دول أخرى، على ان يبقى في غوانتانامو 75 محتجزاً بمقتضى قوانين الحرب، نظراً الى خطورة إطلاقهم أو عدم القدرة على محاكمتهم، بسبب طبيعة الأدلة المتوافرة ضدهم والحدود الخاصة باستخدام مواد سرية. وتتطلع إدارة أوباما الى اغلاق المعتقل بداية العام المقبل، لكن العقبات السياسية مع الكونغرس الذي يتفادى أعضاؤه نقل المعتقلين الى ولاياتهم، واستقالة كريغ أمس، قد تؤخر هذه المساعي. في المقابل، ستلجأ الإدارة الى محاكم عسكرية داخل الولاياتالمتحدة (يُدرس خيار محاكم كارولينا الجنوبية) لنقل خمسة آخرين، بينهم المتهم الرئيسي بتفجير المدمرة «كول» قبالة السواحل اليمنية عبد الرحيم الناشري. ولم يكشف هولدر أسماء الأربعة الآخرين. وستتطلب عملية نقل المعتقلين أسابيع، لكن الوزارة أعلنتها أمس، لاستباق مهلة تنتهي الاثنين المقبل، لإعطاء الإدارة رداً حول مصير المحاكم العسكرية في غوانتانامو.