تنطلق في قاعدة غوانتانامو العسكرية الأميركية في كوبا اليوم محاكمات عناصر من تنظيم"القاعدة"اعتقلتهم السلطات الأميركية في أعقاب اعتداءات 11 ايلول سبتمبر 2001، ما يشكل المحطة القانونية الأبرز في الجرائم الدولية منذ محاكمات النازيين في نورمبرغ بعد الحرب العالمية الثانية. وسيمثل للمرة الأولى أمام القضاء في المعتقل، خمسة متهمين بتنفيذ الاعتداءات، في مقدمهم خالد الشيخ محمد، وسط ترقب دولي وتغطية إعلامية يوفرها 60 صحافياً. وتوقعت مصادر الدفاع ان تستغرق محاكمة المتهمين الخمسة، وهم الى خالد الشيخ، رمزي بن الشيبة وعلي عبد العزيز علي ووليد بن عطاش ومصطفى الحوساوي، سنوات وتنتهي بإدانتهم وبعقوبة الإعدام. ويستهل القاضي العسكري الكولونيل في سلاح مشاة البحرية رالف كولمان الجلسة الأولى بتلاوة الاتهامات التي تشمل التآمر وقتل 2973 شخصاً في"11 أيلول"، والتحضير لاعتداء وتدمير ممتلكات والإرهاب وتأمين دعم مادي لتنفيذ عمليات إرهابية. ورفض ابن الشيبة المشاركة في الإجراءات القضائية، في حين اعترف بن عطاش والحوساوي بغالبية التهم الموجهة إليهما، لكن عبدالعزيز علي نفى صلته بالإرهاب. وسيطلع الحضور على محاضر الجلسات، من دون السماح ببثها عبر التلفزيون أو تسجيلها، علماً ان قاعة المحكمة تضم غرفة زجاجية صممت للسماح للقاضي بحجب المناقشات عن الحضور اذا تضمنت أدلة سرية جمعها المحققون خلال استجواب المعتقلين. وستتجه الأنظار في الجلسات الأولى الى خالد الشيخ محمد"العقل المدبر"للاعتداءات، والذي اعترف بالإشراف على نحو 30 اعتداء آخر وأعلن أنه قطع بيده اليمنى"المباركة"رأس مراسل صحيفة"وول ستريت جورنال"دانيال بيرل في أفغانستان عام 2002. ويعتقد بأن خالد الشيخ الباكستاني الأصل الكويتي المولد، اطلع زعيم"القاعدة"أسامة بن لادن في أفغانستان عام 1996، على مخطط 11 أيلول. وأكد محامي خالد الشيخ، برسكوت برنس الذي عينته وزارة الدفاع البنتاغون، أن موكله لم يظهر أي علامات غضب خلال اللقاءات التي جمعتهما، وأنه منخرط في العملية القانونية. وشكك في تورط موكله بكل الأعمال الإرهابية المنسوبة اليه. ورأى المحامي أن أحد التحديات في الجلسات يتمثل في التأكد من شرعية المحكمة وأهليتها، لإجراء المحاكمات. وأقرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي أي بأنها أخضعت خالد الشيخ لتقنية"الإيهام بالإغراق"خلال استجوابه والتي تصنفها منظمات لحقوق الإنسان بأنها"تعذيب". وترفض المحاكم المدنية الأميركية اعتماد أدلة انتزعت بالتعذيب، لكن ذلك لا ينطبق على المحاكم العسكرية في غوانتانامو التي أبطلتها المحكمة العليا عام 2006، قبل ان يعيد الكونغرس تشكيلها. ويطرح توقيت المحاكمات علامات استفهام حول نيات إدارة الرئيس جورج بوش، كونه يسبق الموعد الذي حددته المحكمة العليا بنهاية الشهر الجاري، لبت حقوق المعتقلين وإمكان منحهم حق طرح قضيتهم أمام المحاكم المدنية داخل الولاياتالمتحدة. ورأى مراقبون ان الإدارة تحاول تسريع بت ملف غوانتانامو قبل مغادرة بوش البيت الأبيض مطلع العام المقبل، علماً أن كلا المرشحين الرئاسيين باراك أوباما وجون ماكين تعهد إغلاق المعتقل. في غضون ذلك، اتهم ممثلو الادعاء في البنتاغون الأثيوبي بنيام محمد المعتقل في غوانتانامو، بالتآمر لتنفيذ هجمات إرهابية في الولاياتالمتحدة، بينها التخطيط لاستخدام"قنبلة قذرة". وقال الادعاء ان"محمد تدرب لدى تنظيم القاعدة، على القتال وصنع قنابل، وحارب في الخطوط الأمامية مع مقاتلي حركة طالبان الأفغانية ضد تحالف الشمال المناهض لها، قبل ان يتلقى المتهم الأثيوبي تعليمات من خالد الشيخ بالتوجه الى الولاياتالمتحدة وتنفيذ اعتداءات فيها تستهدف مباني سكنية ومحطات وقود". وأضاف ان محمد تلقى تدريبات وخطّط لأنواع من الهجمات على أهداف في الولاياتالمتحدة بالتعاون مع خوسيه باديلا الذي اتهمته السلطات الأميركية بالتآمر لتنفيذ هجوم ب"قنبلة قذرة"مشعة، قبل ان تأمر محكمة أميركية في كانون الثاني يناير الماضي، بسجنه 17 سنة و4 أشهر لإدانته بتهمة دعم الإرهاب. ودفع محمد ببراءته، مؤكداً أنه أدلى باعترافات كاذبة تحت التعذيب في سجن في المغرب حيث"نقل في شكل غير قانوني"واحتجز 18 شهراً قبل أن يرسل الى غوانتانامو.