تسعى الولاياتالمتحدة الى حماية العرب من إيران، في حين يبذل العرب جهوداً كبيرة لحماية أنفسهم من أميركا ومقاومة مساعيها. ففي الأسبوع الماضي، التقيت عدداً من الأصدقاء الإماراتيين الذين استهجنوا اقتراح هيلاري كلينتون الداعي الى تولي مظلة نووية أميركية درء الخطر الإيراني عن حلفاء واشنطن في الخليج. وعلى رغم بلوغ احتياطي العملات الأجنبية في إيران نحو 79 بليون دولار، وارتفاع عائدات النفط ارتفاعاً كبيراً، تراجع الاقتصاد الإيراني، على خلاف التوقع. فحال البنى التحتية الإيرانية مترد، وعدد العاملين في القطاع العام ضخم، والبطالة مستشرية، ويكاد يكون انتشارها وبائياً. وارتفعت معدلات التضخم المالي. ويتبرم رجال الأعمال الإيرانيون من عرقلة العقوبات المالية المفروضة على بلدهم أعمالهم في الخارج. وعلى رغم أن إيران تملك ثاني أكبر احتياطي من الغاز في العالم، يعاني الإيرانيون شح الغاز المستخدم في التدفئة، من الأسواق. والحق أن البلدان العربية هي طوق نجاة إيران من قيود العقوبات المفروضة عليها. وبحسب إحصاءات رسمية، بلغ حجم الاستثمارات الإيرانية في دول الخليج بين 250 و500 بليون دولار. ويرى خبراء أن حجم هذه الاستثمارات الفعلي يفوق ضعفي التقديرات الرسمية. ويقيم أكثر من 450 ألف إيراني في دبي، ويعمل عشرات آلاف الإيرانيين في دول الخليج، في قطاع الهندسة والعمل التقني. ويشعر عرب كثر في منطقة الخليج بالتعاطف مع إيران في مواجهة المساعي الأميركية الى عزلها. وفي 2006، خالفت قطر إجماع أعضاء مجلس أمن الأممالمتحدة على فرض عقوبات على إيران جراء تخصيبها اليورانيوم، وصوتت ضد مشروع القرار. وبعد اقل من أسبوعين من زيارة نائب الرئيس الاميركي، ديك تشيني، مسقط، زار مسؤولون من سلطنة عمانطهران، ودارت مناقشاتهم على سبل التعاون الاقتصادي والتجاري والأمني بين البلدين. ولا شك في ان المملكة العربية السعودية والبحرين ينظران بعين القلق الى نفوذ إيران. وجليّ أن كلام مرشحي الرئاسة الأميركية على قصف إيران، وتدميرها، يؤرق دول الخليج أكثر مما تؤرقها حيازة إيران السلاح النووي. وترى هذه الدول أن إيران دولة قوية، والتعايش مع"دولة نووية"ممكن. وتتخوف هذه الدول من مآل الأوضاع في حال اضطرت الى التعامل مع دولة إيرانية جريحة، أو ضعيفة، او فاشلة، أو مغالية في الأصولية، إثر شن عملية عسكرية أميركية ضدها. ويرى عدد من الدول الخليجية أن من يتهدد أمن الخليج، واستقرار دوله، هو الولاياتالمتحدة، وليس إيران. لذا، تتقرب هذه الدول من طهران. وعلى الولاياتالمتحدة الإقرار، إذا أرادت الحفاظ على مصالحها الاقليمية، بأن نفوذ إيران في الخليج كبير. عن ايثن شون باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، "فايننشل تايمز"البريطانية، 28/5/2008