سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نويس ومور تركا المنشقين عن شوكلي وهزا التاريخ . "انتل" أطلقت صناعة "العقول المفكرة" للكومبيوتر قبل 40 سنة وتتوقع أن تستقل الابتكارات الرقمية عن المركز الغربي
لم يكن يوم 18 تموز يوليو من عام 1968 عادياً بالنسبة الى اثنين من الاختصاصيين في الإلكترونيات دأبا على العمل سوية في شركة"فيرشيلد"Fairchild Semiconductors المتخصّصة في صنع أشباه الموصلات، وهي أصلاً انشقت عن مؤسسة كان يديرها مخترع الترانزستور الأميركي وليام شوكلي. ويومها، قرّر العالمان روبرت نويس وغوردن مور تنفيذ ما اعتزما فعله قبل مدّة لم تكن قصيرة: الاستقالة من"فيرشيلد"وتأسيس شركة خاصة بهما. ولقيا دعماً فورياً من المستثمر أرثر روك، فعيّناه رئيساً لتلك الشركة التي حملت اسم"نويس مور الكترونيكس". وسرعان ما تنبّها إلى أن ذلك الاسم يحمل جرساً قريباً من عبارة معناها"ضجيج أكثر"بالإنكليزية"مور نويز"Noise More، فعمدا إلى تغيير اسم الشركة ليصبح"انتكريتد الكترونيكس"Integrated Electronics. وانتقيا الأحرف الثلاثة في مطلع الكلمة الأولى والحرفين الأولين من الثانية، فتألف اسم"انتل"Intel. وما حصل بعد ذلك صار جزءاً من التاريخ. وصارت"انتل"، خصوصاً تحت قيادة صاحب الرؤية الطليعية آندي غروف، جزءاً من التغيير المعلوماتي الذي ما فتئ يهزّ العالم المعاصر. في سبعينات القرن الماضي، كانت التلفزيونات الملونة سلعة جديدة، والحواسيب الضخمة من نوع"مين فريم"Main Frame تملأ غرفاً كبيرة وتحتاج إلى فرق من العلماء لإدارتها. ولم يكن الكومبيوتر الشخصي وُلِد بعد، وكانت أجهزة الوسائط المتعددة بأنواعها مجرد خيال. وشهد منتصف الثمانينات من القرن ذاته، انتشار جهاز الموسيقى الشخصية"ووكمان"من صُنع شركة"سوني". ونالت قلة من الناس حظوة الحصول على أوائل الحواسيب المنزلية التي تزاهت بسواقات الأقراص المرنة، وبأسعارها الباهظة أيضاً. المخترع مور يدخل الحلبة يعود الفضل جزئياً في عدم استمرار تلك الأجهزة البطيئة لوقت طويل، إلى الزيادة المستمرة في قوة المُعالِجات الالكترونية"مايكروبروسيسور"MicroProcessor، وهي العقل المُفكّر الذي يدير المعلومات في الكومبيوتر. فمنذ انطلاقة"انتل"توقّع المبتكر مور أن يتضاعف أداء تلك"الأدمغة"كل 18-24 شهراً، وأن يصغر حجمها بالترافق مع ذلك أيضاً. وبحلول تسعينات القرن الماضي، انتشرت تقنية"انتل"عن المُعالِجات من نوع"بانتيوم"Pentium في الأسواق. وعزّزت تلك التقنية ونظيراتها من أداء الأجهزة بمقدار 30 ضعفاً خلال عشر سنوات، ما جعل حواسيب الوسائط المتعددة حقيقة واقعة. وكذلك وفرت المُعالجات قوة هائلة من الحوسبة ما جعلها قادرة على تشغيل وسائط الأقراص المدمجة وممارسة الألعاب الثلاثية الأبعاد وبثّ الصوت المُجسّم وغيرها. ننتقل بسرعة عشر سنوات أخرى إلى الأمام حيث أصبحنا راهناً نستمتع بكومبيوترات تتزايد قوتها باستمرار. وللدلالة على ذلك، يكفي تذكّر أن الرقاقات"شيبس"التي تؤلف المُعالِجات تتألف من تجمّع من الترانزستورات. وعند انطلاقة"انتل"لم تحتو الرقاقات سوى بضعة آلاف من الترانزستورات، ووصل الرقم في عام 2006 إلى مليون ترانزستور في الميلليمتر المربع. وفي موازاة النمو في قوة المُعالِجات والحواسيب، شرّع"الفضاء الافتراضي"Virtual Space للإنترنت أبوابه أمام مستخدمي الكومبيوتر، للاستفادة من مؤتمرات الفيديو والأفلام الرقمية والكتب والصور والاتصالات في الوقت الفعلي والتجارة الإلكترونية والمضاربات على مدار الساعة والخرائط الرقمية وغيرها. وتمثّل العامل الثاني لثورة المعلوماتية في المعايير المفتوحة "أوبن ستاندرز"Open Standards التي جعلت المواصفات التقنية متوافرة للقطاع الصناعي بأكمله. ولطالما راهنت"انتل"على أن هذه الطريقة تمتلك القدرة على ممارسة تأثير حاسم في نجاح النمو المعلوماتي. ومن الواضح أنها كسبت الرهان، كما ترى الشركة أن المعايير المفتوحة ستزداد أهميتها مع ظهور المخترعات من خارج حدود البلدان الأصلية لشركات التكنولوجيا الرقمية، وكذلك مساهمة غير المتخصصين في الابتكار الرقمي. ومع زيادة التواصل عالمياً عبر الإنترنت، يمكن أن تأتي الأفكار من أي مكان، وكذلك على أيد ربما لا تكون متوقعة. وساعد ذلك المجتمعات المتصلة بالإنترنت في الدول الناشئة على التنافس على مستوى عالمي. وتجسّد العنصر الثالث للنمو المعلوماتي في تكاثر بيئات التطوير التي تهتم بدعم التغير التقني وتتماشى معه. وثمة درس مهم حملته هذه السنة، تمثّل في توقف صنع"الاسطوانات الرقمية العالية التحديد"، الذي يُشار إليه باسم"اتش دي دي في دي"HD DVD. فقد توقف تطوير تلك التقنية على رغم قوتها ومزاياها الغنية، وذلك بسبب غياب الدعم الواسع من الصناعة، والذي تمثل في حال الپ"اتش دي دي في دي" في ابتعاد استوديوات الأفلام الرئيسة عنه. أما بالنسبة الى الحواسيب الشخصية ولحسن الحظ، فقد كانت بيئات التطوير ناجحة للغاية. وارتكزت معظم الشركات في صناعة الكومبيوتر الشخصي الى مجموعة متشابهة من المُكوّنات وباستخدام معايير متفق عليها، ما أعطى المنتجين منصة مدعومة في شكل جيد مكّنتهم من بناء ابتكاراتهم الجديدة عليها. توقعات لسنوات مقبلة في السنوات المقبلة، من المتوقع أن نرى معظم سكان الأرض عددهم 6.6 بليون راهناً متصلين بالإنترنت، وغالبيتهم يتصل بها للمرة الأولى. وسيُعتبر ذلك إنجازاً هائلاً، خصوصاً أن 20 في المئة من سكان العالم يتصلون بالإنترنت راهناً، ما يساوي 1.3 بليون. وترَكّز"انتل"في برنامجها"العالم إلى الأمام"The World Forward على ربط بليون شخص جديد بالشبكة الدولية للكومبيوتر، ما يسمح لأعداد متزايدة منهم بالمشاركة في الاقتصاد العالمي من خلال تقنيات المعلومات والاتصالات. ومن المُرجّح أن أكثر المناطق التي ستستفيد من مزايا هذا التطور هي الشرق الأوسط والمناطق المشابهة له. ووفقاً لدراسات مؤسسة"أي دي سي"IDC الأميركية المتخصصة في أبحاث الأسواق الرقمية، تكاد نسبة انتشار الإنترنت في منازل الشرق الأوسط تلامس 20 في المئة حالياً، ولكنها سترتفع إلى أكثر من 30 في المئة خلال العامين المقبلين. ولن يتأتى هذا النمو في الاتصال ببساطة من اتصال مزيد من المنازل بالإنترنت، فالصورة ربما جاءت أكثر تعقيداً. وثمة مثال مهم يأتي من الخليوي، فقد راجت الهواتف النقّالة في دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بفضل تبني الشباب تلك الأداة الذكية في الاتصالات. ومن المعلوم أن شريحة الشباب تشكل نسبة كبيرة من المجتمع الخليجي، هي مطلعة على التقنية ومتحمسة لها وتتبناها بصورة سريعة. وأدت تلك العوامل إلى جعل بلدان الخليج العربي تتمتع بأحد أكثر معدلات انتشار الخليوي عالمياً. وفي تلك البلدان، لا تستخدم الهواتف النقّالة في إجراء المكالمات وإرسال الرسائل النصية فحسب، ولذا تتوقع مؤسسة"أي دي سي"ارتفاعاً مذهلاً ومستمراً في انتشار الهواتف النقّالة عربياً. كما تتوقع قفزة ضخمة في عدد المشتركين في خدمات"الجيل الثالث للخليوي"ويُعرف بمصطلح"3 جي"3G في الشرق الأوسط سيرتفع من أقل من 4 في المئة راهناً إلى 10.2 في المئة خلال العامين المقبلين. وتجدر الإشارة الى أن خليويات الجيل الثالث الذكية تقدر على الاتصال بشبكة الإنترنت عبر سرعات فائقة. وبالقياس الى تجربة الخليوي، من المتوقع أيضاً أن يندفع الناس في هذه المنطقة أيضاً إلى الجيل المقبل من الأجهزة، كتلك التي سترتكز إلى تقنية أجهزة الإنترنت النقالة "موبايل انترنت ديفايسس"Mobile Internet Devices التي تسمح للمستخدمين بحمل الإنترنت"في جيوبهم"، بحسب شعار شهير لشركة"انتل". وقد يشكل هذا النوع من الاتصال النقّال الخطوة المقبلة فعلياً في دفع المنطقة إلى الأمام، خصوصاً مع اندفاعة تقنية"واي ماكس"التي تتيح الاتصال السريع بالحزمة العريضة عبر مساحات جغرافية واسعة. ويعني ذلك أيضاً فتح إمكان التنقل بين اتصال الإنترنت في المنازل وپ"موبايل انترنت ديفايسس"وخليوي الجيل الثالث والحواسيب المحمولة وأجهزة الإنترنت المزودة بتقنية"واي ماكس". ويرسم ذلك صورة لعالم واسع من المعلومات المتنقلة، التي تصل الى الناس حتى لو كانوا يعيشون في مناطق ريفية نائية. وأجرت"انتل"تجربة لشبكات واي ماكس في مناطق حضرية متطورة من المملكة العربية السعودية وكذلك في قرى الريف المصري النائية. وأثبتت تلك الشبكات قدرتها على تلبية حاجات الناس في المعلومات والاتصالات في كلتا البيئتين. وتمتاز منطقة الشرق الأوسط بميلها للتبني المبكر للتقنيات الجديدة. ويرجع ذلك الى ارتفاع نسبة الشباب المتعطشين للمعرفة بين سكانها. وتتمتع حكوماتها بنظرة مستقبلية وتتطلع في شكل متزايد للاستفادة من التعليم لجعل التقنية العنصر الأساس في النمو المستقبلي. والأرجح أن يتيح هذا المزيج من العناصر للمنطقة العربية أن تكون رائدة في المعرفة خلال السنوات المقبلة. * المدير الإقليمي لپ"انتل"الشرق الأوسط