على رغم الهدوء الذي اتسمت به المناطق المقدونية خلال عملية التصويت في الانتخابات الاشتراعية التي أجريت في جمهورية مقدونيا أمس، فإن المدن والقرى ذات الغالبية السكانية الألبانية شهدت اضطرابات وأعمال عنف دموية بين الأطراف الألبانية المتنافسة. وأظهرت استطلاعات لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع، أن التكتل الذي يقوده"الحزب القومي المقدوني"الذي ينتمي الى تيار يمين الوسط سيتقدم بنسبة كبيرة تصل الى أكثر من ثلاثين في المئة من المشاركين في التصويت. ويتوقع أن يتقدم الحزب نحو عشرين نقطة على التحالف الذي يليه ويتزعمه"الحزب الاشتراكي الديموقراطي"برئاسة رادميلا شيجيريشكا الوريث لرابطة الشيوعيين اليوغوسلاف الحاكمة في العهد الاشتراكي اليوغوسلافي 1945 - 1990 والمنتمي حالياً الى يسار الوسط والذي يتشكل تحالفه الانتخابي من ستة أحزاب يسارية وليبرالية. ويمنح هذا التفوق التكتل القومي الذي يقوده رئيس الحكومة المنتهية ولايتها نيكولا غرويفسكي، ويضم 19 حزباً مقدونياً والأقليات التركية والصربية والغجرية، ما بين 45 و 50 نائباً في البرلمان الجديد المتكون من 120 عضواً، ما يجعله بحاجة الى تحالف مع حزب آخر يرجح أن يكون ألبانياً لتشكيل حكومة جديدة، علماً أن"الحزب القومي المقدوني"كان يملك في البرلمان السابق 31 نائباً ما تطلب منه تكوين ائتلاف مع حزبين مقدونيين وحزب ألباني، وأسفر عن خلافات شديدة داخل حكومته واضطراره للدعوة الى انتخابات قبل سنتين من موعدها. وتركزت الخلافات بين أطراف الحكومة على المشكلة المتواصلة مع اليونان على اسم الدولة مقدونيا الذي تعارضه اليونان الجارة الجنوبية لمقدونيا معتبرة أنه من إرثها الاغريقي اضافة الى كونه اسماً لمنطقة في شمال اليونان المجاور للحدود مع مقدونيا، ما جعل اليونان تستخدم حقها في معارضة انضمام مقدونيا الى كل من حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ما لم تتخل عن اسمها الحالي. وتعهد"الحزب القومي المقدوني"بزعامة غرويفسكي خلال حملته الانتخابية، بالاستمرار في معارضة تغيير اسم البلاد كما تطالب اليونان، في حال قيادته للحكومة الجديدة، حتى لو أدى ذلك الى بقاء مقدونيا خارج الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي،"لأن استمرار بقاء وحدة البلاد مرهون بالحفاظ على اسمها المقدوني". كما أدى رفض الحكومة المقدونية الاعتراف باعلان استقلال كوسوفو الى انسحاب الوزراء الألبان الخمسة منها، إذ أن الغالبية السكانية المقدونية تتجنب هذا الاعتراف خشية أن يكون حافزاً لانفصال المناطق الالبانية 25 في المئة من السكان بحسب الاحصاءات الرسمية عن مقدونيا، اضافة الى ان هذا الاعتراف سيغضب الصرب الذين يرتبط المقدونيون معهم بعلاقات واسعة. اضطرابات ألبانية وفي مؤتمر صحافي عقدته اللجنة الانتخابية العليا في مبنى البرلمان المقدوني في سكوبيا وحضرته"الحياة"أفاد رئيسها يوفان يوسيفوفسكي، أن"الاضطرابات شملت العديد من مناطق المدن الألبانية: تيتوفو وغوستيفار وديبار غرب مقدونيا المجاور للحدود مع ألبانيا وتشاير الضاحية الشمالية للعاصمة سكوبيا وأراتشينوفو شمال سكوبيا وحصل فيها اطلاق نار بين الأطراف السياسية الألبانية المتنافسة، أدى الى قتلى وجرحى. كما سجلت مواجهات مع رجال الأمن القائمين بحراسة مراكز الاقتراع، ما تطلب قيام اللجنة باغلاق أكثر من عشرين مركزاً انتخابياً وتأجيل الاقتراع فيها الى وقت لاحق خلال الأسبوعين المقبلين". وامتنع يوسيفوفسكي عن ذكر عدد القتلى والجرحى والمعتقلين، معتبراً ذلك"من اختصاصات أجهزة وزارة الداخلية". ورصدت"الحياة"ادخال ستة من جرحى هذه المواجهات الى المستشفى الرئيسي الواقع وسط العاصمة سكوبيا.