لم يحمل إعلان كوسوفو استقلالها، في 15 أيار مايو، حلف شمال الأطلسي على قمع انتهاك صرب الجمهورية الجديدة، القانون الدولي. ففي مدينة ميتروفيتشا، شن الصرب هجوماً مسلحاً على قوات الأطلسي والأممالمتحدة، وقتلوا جندياً وجرحوا 83. وفي انتخابات مقدونيا، قتلت الشرطة مواطناً ناشطاً احتج على تزوير بطاقات الاقتراع. وكان رد الغرب، في كلتا الحالين، الصمت. والحق أن بروكسيل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي الأوروبي ? الأميركي والأممالمتحدة تغضي عما يحصل في البلقان، بينما تميل صربيا القومية مع نازعها القومي، وتقدمه على مستقبلها الأوروبي. وكانت قوات الأطلسي تدخلت في كوسوفو، في 1999، وحمت ألبان الإقليم من اضطهاد بلغراد. وتدخلت القوات بعد سنتين، وحمت المقدونيين من الألبان المحليين. وألزمت الديبلوماسية الأوروبية مقدونيا معاملة الألبان باحترام. ولكن القوات الفرنسية أخفقت، في آذار مارس الماضي، في حماية محكمة ميتروفيتشا من مهاجمة الصرب، وانتظرت وقتاً طويلاً تنسيق باريسوالأممالمتحدة رأيهما في استعمال القوة. وسحبت بريطانيا قواتها من كوسوفو في 2002. واضطرت الى إعادة بعض جنودها، قبل ستة أشهر، تفادياً لتفاقم الصدامات القومية. فهدأ الصرب موقتاً، في انتظار انسحاب الجنود البريطانيين وسفرهم الى أفغانستان حيث قد تلح الحاجة إليهم، على ما يعلم الصرب. ورجعت قيادة الاتحاد الأوروبي عن مطالبة الصرب بتسليم سفاح سريبرينيتشا، راتكو ملاديتش الى محكمة الجزاء الدولية بلاهاي شرطاً يسبق ابتداء المفاوضة على ضم صربيا الى الاتحاد، وخرجت إسبانيا واليونان على الإجماع الأوروبي المفترض على استقلال كوسوفو، وانحازتا الى روسيا. وتؤيد إسبانيا امتناع دول أميركا الجنوبية من الاعتراف بحكومة كوسوفو، وتدعوها الى الامتناع هذا. وتتجاهل اليونان مساعي واشنطن ضم مقدونيا الى حلف شمال الأطلسي، وتتذرع بخلاف على اسم الدولة. وفي الأثناء، تريد روسيا إحياء دور القوة السلافية الكبيرة التي حررت سلافيي البلقان من السلطنة العثمانية في القرن الأسبق، ولا تزال تحظى في أوساطهم بالعطف جزاء دورها هذا. والعودة الروسية هذه جزء من تجديد دور الدولة العظمى. وتتوسل العودة شراء العقارات في المونتينيغرو القريبة، وعقود الطاقة، ورشوة النافذين وأصحاب المصالح في أرجاء البلقان. وماشت الأممالمتحدة السياسة الروسية، فلم تحل بينها وبين شل خطة اهتيساري، الرئيس الفنلندي السابق، التي وازنت بين استقلال الإقليم وحماية الصرب. وعلى هذا، تعود البلقان مسرحاً للقوميات الاثنية والدينية، والانتخابات المزورة، والفساد الاقتصادي، وجمعيات الإجرام. والآفات هذه تنتقل عدواها الى القارة. وتختلف دول الاتحاد على معالجتها، وتتبلقن سياستها الخارجية. عن دنيس ماكشين وزير الشؤون الأوروبية السابق في حكومة توني بلير، "نيوزويك"الأميركية، 17/6/2008