بدأ أركان الحكومة الإسرائيلية وأقطاب المؤسسة الأمنية مشاورات مكثفة أمس واليوم للبت بين خيارين، إما قبول المبادرة المصرية للتهدئة في قطاع غزة، او رفضها وإطلاق عملية عسكرية واسعة في القطاع، في وقت رجحت أوساط إعلامية بارزة أن تقبل إسرائيل بعرض التهدئة، مشيرة أساساً إلى عدم حماسة وزير الدفاع ايهود باراك ورئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غابي أشكنازي لعملية واسعة في الوقت الراهن، وأنه ليس لإسرائيل ما تخسره من بضعة أسابيع من الهدوء،"وبعدها إذا لزم الأمر يمكن أن نخرج في عملية واسعة بعد أن نكون اختبرنا كل شيء"، كما ذكرت الإذاعة العسكرية. ويجتمع المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية اليوم للاستماع إلى توصيات"المطبخ السياسي"الذي يضم أقطاب الحكومة الثلاثة، رئيسها ايهود اولمرت ووزيري الدفاع والخارجية ايهود باراك وتسيبي ليفني، الذين التقوا أمس أركان المؤسسة الأمنية وتباحثوا في الخيارات المطروحة لطرحها على المجلس المصغر للتصويت. وتزامنت هذه الاجتماعات مع الرسالة التي تلقاها والد الجندي الأسير في القطاع غلعاد شاليت من ابنه أول من أمس، ومناشدته الحكومة الإسرائيلية بأن لا تدعه في الأسر:"أنقذوني... لا تتركوني في الأسر... وضعي الصحي سيئ... أنا أحلم باليوم الذي أعود فيه بسرعة". وتصدرت هذه الكلمات الصفحة الأولى من كبرى الصحف الإسرائيلية"يديعوت احرونوت"أمس، ما من شأنه أن يقنع الرأي العام بوجوب أن يتريث أصحاب القرار في الدولة العبرية ملياً قبل إصدار قرار بتوسيع العمليات العسكرية بينما الجندي في الأسر. وقالت الإذاعة العسكرية إن"حماس"عرفت كيف تختار توقيت السماح للجندي بخط رسالة لوالده،"وهي تدرك أن الأمر يخدم مصالحها". ونقلت عن أوساط أمنية إسرائيلية قولها إن نشر الرسالة عشية الاجتماعات الحاسمة في إسرائيل للبت في مبادرة التهدئة أو القيام بعملية برية واسعة، هو رسالة واضحة لإسرائيل تقول فيها"حماس"إنه في حال خرجت إسرائيل في عملية عسكرية واسعة، فإن المفاوضات على الإفراج عن الجندي"تكون انتهت... وتخاطر بحياة الجندي". وتابعت الإذاعة أنه خلافاً للمطلب الإسرائيلي، فإن شروط التهدئة لا تشمل بنداً يتعلق بدفع المفاوضات في شأن الإفراج عن شاليت، لكن مصر أوضحت أنه في حال استتب الهدوء، فإنها ستطالب"حماس"بالتقدم في المفاوضات في هذا الملف شرطاً لفتح معبر رفح الحدودي،"وهي خطوة مهمة بنظر حماس لأنها تعني اعترافاً بشرعية حكمها". وكتب المعلق العسكري في"يديعوت أحرونوت"أليكس فيشمان بعد أن جال قبل يومين عند الحدود مع غزة واطلع على الجبهة العسكرية"الهادئة جدا"ً وتراجع عدد العمليات العسكرية النوعية الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، أنه خلافاً للغة التهديدات التي دوت الأسبوع الماضي في سماء إسرائيل غداة مقتل إسرائيلي بشظايا قذيفة هاون فلسطينية، فإن الجيش لا يعتقد حقاً أن المستوى السياسي معني هذه المرة بجدية للقيام بشيء مهم لمواجهة التهديدات من القطاع. وأضاف:"لا تغطية على الأرض حتى الآن لطبول الحرب التي تقرع في تل أبيب والقدس". وكتب أنه لم يلمس أن الجيش على الحدود مع غزة يستعد لعملية واسعة، علماً أنه حتى لو تلقى الضوء الأخضر لها من المستوى السياسي، فإنه سيحتاج إلى أسبوعين لبدء التنفيذ بما في ذلك استدعاء قوات الاحتياط. وتابع أن تهديدات اولمرت وباراك بأن الضربة العسكرية وشيكة"لا تزال معلقة في الهواء"، أما الوزراء الذين"ينضمون إلى جوقة المهددين والمدفوعين بهاجس الانتخابات الوشيكة"فإنهم"لا يضيفون شيئاً إلى المداولات الجدية التي يجريها أركان الحكومة مع قادة الجيش سوى تأجيج الرأي العام". واضاف:"كل هذه المسرحية التهديدات يعكس قلق حكومة اكتوت بمياه ساخنة في حرب لبنان، وهي تسير الآن على بيض نحو الانتخابات". واضاف ان"كل قرار ستتخذه الحكومة سيواجَه بالتشكيك والإدعاء بأن رجل الأعمال الأميركي الذي دعم اولمرت بالمال موريس تالانسكي أو اعتبارات انتخابية هي الدوافع التي تقف وراء القرار". وقال فيشمان انه إزاء الوضع السياسي الداخلي، فإن الجمهور مستعد فقط لسماع رأي المؤسسة العسكرية، لكن هذه تلتزم الصمت لمبرراتها الخاصة. وأضاف:"في الظروف الراهنة قد يُطلب من الجيش تنفيذ عمليات سريعة وقوية ورشيقة، القيام بشيء ما يصحح الانطباع الذي أبقته حرب لبنان الثانية". لكنه يضيف:"القطاع يختلف عن لبنان، وقادة الجيش يقرون في اجتماعاتهم الداخلية بأن عملية دخول القطاع لعلاج جذري تتطلب وقتاً طويلاً وليس أكيداً أن تنتهي هذه العملية بتوفير الحل الذي يرجوه المستوى السياسي". وختم المعلق مرجحاً أن يؤيد باراك واشكنازي رفع سقف العمليات العسكرية في القطاع، وليس احتلال مناطق منه لفترة طويلة إنما توجيه ضربات عسكرية متواصلة من الجو وعمليات برية شاملة في مناطق إطلاق القذائف، و"بالنسبة لهما ما زال هناك هامش لاستنفاد إمكان التوصل إلى تهدئة مع حماس تشمل تسوية في قضية الجندي شاليت".