في وقت امتنع كبار المسؤولين الإسرائيليين عن التعقيب على إعلان حركة"حماس"عدم تمديد التهدئة في غزة، أفادت تقارير صحافية أن رئيس الحكومة المستقيل إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك قررا في ختام مشاورات أجرياها بحضور رؤساء الأذرع الأمنية المختلفة عقب الإعلان، انتظار التطورات العسكرية الميدانية وسلوك الفصائل نهاية الأسبوع قبل اتخاذ قرار بالتصعيد. وأعلن الجيش الإسرائيلي استنفار وحداته العسكرية المتمركزة حول القطاع وإلغاء إجازات نهاية الأسبوع لأفرادها. وأفادت صحيفة"هآرتس"أن أولمرت أبلغ رئيس لجنة الخارجية في الكونغرس الأميركي هوارد برمان الذي التقاه في تل أبيب أول من أمس، أن الوضع في غزة لا يمكن أن يستمر على هذا النحو،"وعلى العالم أن يفهم أننا لن نواصل تلقي الهجمات الصاروخية من دون رد فعل". ونقلت عن مسؤول رفيع في مكتب أولمرت أنه"إذا لم تتدارك حماس نفسها ولم تعمل على تهدئة الوضع، فإنه لن يكون هناك مفر من رد فعل عسكري إسرائيلي". وأضاف أن الخطط اللازمة لعمليات عسكرية جاهزة في أدراج قادة الجيش وقد يناقشها المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية الأسبوع المقبل. وأكدت التقارير الإسرائيلية من جديد أن وزير الدفاع إيهود باراك ورئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غابي أشكنازي ليسا معنيين"في الوقت الحالي"بإطلاق يد الجيش للقيام بعملية عسكرية واسعة. وذكرت الصحيفة أن"رئيس المخابرات العامة الجنرال يوفال ديسكين بات هو الآخر يؤيد هذا الموقف". ورمى مسؤولون إسرائيليون بالكرة إلى ملعب"حماس"وحمّلوا قيادتها مسؤولية أي تصعيد في إطلاق القذائف الصاروخية على جنوب إسرائيل. وأوحت تصريحات لرئيس الهيئة السياسية - الأمنية في وزارة الدفاع الجنرال عاموس غلعاد الذي يفاوض المصريين في شأن التهدئة والأوضاع في القطاع، إلى رغبة إسرائيل في استمرار التهدئة، لكنه رأى أن المواجهة بين إسرائيل و"حماس"تبدو حتمية. واعتبر أن"نشوة القوة لدى حماس وتفسيرها الخاطئ لضبط النفس الذي تحلت به إسرائيل إزاء تواصل إطلاق القذائف على جنوبها، يقودان الطرفين نحو مواجهة عنيفة ليس مستبعداً أن تحصل قبل الانتخابات العامة في إسرائيل". وأضاف أن"حماس"تحاول التوصل إلى اتفاق تهدئة جديد مع إسرائيل من خلال القصف، لكن إسرائيل لن تتجاوب مع هذا التحدي وترفض مطالب الحركة، وفي مقدمها فتح معبر رفح ونقل المراقبة عليه إلى"حماس". ووفقاً لمسؤولين أمنيين، فإن"حماس"ليست معنية بانهيار التهدئة فعلاً، لكنها تحاول تحسين شروطها، ومنها عدم تدخل الجيش في تحركات"حماس"في القطاع، خصوصاً في المنطقة القريبة من السياج المحيط به. وحذروا من أن إسرائيل تراقب عن كثب التطورات و"ستستقبل الهدوء بهدوء والضجيج بمثله". لكن على رغم مسعى المؤسسة العسكرية لتفادي عملية واسعة في القطاع"قد تُسقط حكم حماس، لكنها لن تقضي على الحركة"، كما يقول قادة إحدى أذرع الاستخبارات، فإن إسرائيل لن تتردد في"تصعيد تدرجي"رداً على أي قصف يطال جنوبها، خصوصاً في حال أوقع خسائر في الأرواح أو طاول هدفاً استراتيجياً. وتلوّح إسرائيل كعادتها بضربات جوية وباستئناف الاغتيالات وتشديد الحصار على القطاع واتخاذ إجراءات عقابية جماعية مثل قطع التيار الكهربائي أو وقف تزويد القطاع بالوقود. وكتب المعلقان البارزان في"هآرتس"أفي يسخاروف وعاموس هارئيل أن التهدئة لم تلفظ بعد أنفاسها الأخيرة. ووصفا ما آلت إليه ب"احتضار بطيء لكن متواصل"، مضيفين أن محاولات إحيائها وتقديم الإسعاف لها تتواصل ويقوم بها أساساً الإسرائيليون. ولفتا إلى"مفارقة أن العسكريين الذين اتهموا دائماً بإثارة الحروب هم الذين يعملون للجم القتال المتجدد... والقيادة الأمنية ما زالت تعتقد أن الظروف لم تنضج بعد لعملية برية واسعة". واعتبرا أن لا مصلحة لإسرائيل،"وربما لحماس أيضاً في مواجهة شاملة. وإسرائيل لن تسير نحوها إلا في حال شعرت حقاً بأن لا مفر آخر أمامها وأن السيف مصلت على الرقبة". ولفت المعلق العسكري في"يديعوت أحرونوت"أليكس فيشمان إلى أن البيان الصادر عن"حماس"بعدم تمديد التهدئة جاء على لسان ناطق عسكري وليس مسؤولاً رسمياً من الحكومة المُقالة،"وهكذا تبقي حماس على ضبابية مريحة بالنسبة إليها وتبقي كل الخيارات مفتوحة". وأضاف أن استخدام الناطق العسكري هو"نوع من التهديد أو إعلان النيات وهذا كاف بالنسبة إلى الحركة". ورأى أن الحركة تنتظر تدخلاً مصرياً للضغط عليها لمواصلة لتهدئة في مقابل فتح المعابر أو على الأقل معبر رفح. وأضاف أن"إسرائيل تتصرف كأن إعلان انتهاء التهدئة لم يصدر وتراقب الوضع عن كثب، ورغم أن باراك وأشكنازي لا يهرولان نحو تصعيد واسع، فإنهما يخشيان من أن تنجر إسرائيل إليه، في حال أصابت قذيفة فلسطينية هدفاً استراتيجياً أو أوقعت عدداً من الضحايا". من جهته، كتب كبير المعلقين في الصحيفة ناحوم برنياع أن نهاية التهدئة"وجدت الحكومة الإسرائيلية مشلولة مرتبكة وعاجزة". وأضاف أنه حتى لو أراد أي من وزرائها القيام بعملية عسكرية في القطاع، فإن سلاح الطيران الحربي سيرد عليه بأن الأمر غير ممكن بسبب حال الطقس وأن الحروب لا تجري عادة في الشتاء ووسط الغيوم. ورأى أن مسألة الطقس هامشية،"بينما الحقيقة هي أنه إلى اليوم لم تقتنع قيادة الحكومة بأن هناك صيغة عسكرية أو سياسية لمعالجة القطاع تفوق الفائدة منها ثمنها... وعليه ليس أمامها سوى الانتظار حتى تضيق ذرعاً". وتابع أن"هذه الحكومة ما زالت تحت وطأة فشل الحرب الثانية على لبنان. وثمة من يقول إن مخاوف قائد الجيش اشكنازي من الفشل تشلّه"، وانه لا يؤمن بأن عملية عسكرية ستأتي بحل. نشر في العدد: 16696 ت.م: 20-12-2008 ص: 13 ط: الرياض